تندوف مخيمات العار والشنار على صفيح ساخن

محمد حرار

 

تعيش مخيمات تندوف هذه الأيام على صفيح ساخن، ولا يعرف على وجه التحديد والدّقة ما يجري فيها من قمع وانتهاكات صارخة لأبسط حقوق وكرامة الصحراويين، نتيجة تعبيرهم عن آرائهم وهمومهم وانشغالاتهم، سواء المتعلق منها بالشق السياسي والحقوقي، أوالثقافي والاقتصادي … ومع التعتيم والطوق المفروضين على الساكنة، وفي غياب تام لرقابة منظمات حقوق الإنسان، التي إنّما تنشط في الأماكن التي لا تحتاج أصلا لوجوها فيها… يزداد القمع والتنكيل بكل من تسوّل له نفسه الخروج عن صمته من أجل التعبير عن المعاناة والأوضاع المزرية التي يعيشونها في مخيمات العار والشنّار…

يلاحظ أنّ المناخ الإقليمي عموما قد أصبح جد مشحونا ومضطربا وذلك بعد رحيل محمد عبد العزيز المراكشي… حصل ذلك في ظلّ اختراق الجماعات المسلحة لمخيمات لحمادة، وفي ظلّ تصاعد احتجاجات ساكنيها قسرا وقهرا، ما جعل الجبهة تعجّل بإغلاق حدود المخيمات مع كل من موريتانيا ومالي، تجنبا لنزوح جماعي للمحتجزين، وهو ما ينتظره إخواننا المحتجزين – فرج الله كربهم وأطلق المولى سراحهم – بفارغ الصبر للعودة إلى أرض الوطن المغرب الحنون الرحيم بهم.
إن إخواننا في المخيمات المختطفة من الجزائر، حسب تعبير العديد ممن يعيشون كرهائن من قاطني تلك المخيمات قسرا وقهرا، التواقين للعودة لأحضان الوطن الأم وتحقيق جسديته، يحدوهم الأمل نحو مستقبل مشرق في ظل حياة مستقرة وكرامة عيش، مثلهم مثل باقي إخوانهم في المناطق والمدن الأخرى؛ كالعيون تاج الصحراء وعروسها، والداخلة، والسمارة، وبوجدور، وطنجة، وتطوان، والرباط ووجدة والدارالبيضاء.. فهم اليوم في حاجة ماسة وملحة لدعمنا ومؤازرتنا، من خلال فضح سياسة الجارة الشرقية التي غررت بهم منذ قرابة أربعة عقود من الزمن، ولا تزال حتّى هذا اليوم تبيهعم الوهم، وتقبض مقابل ذلك ملايين الدولارات من المساعدات الغربية وغيرها في مشهد لم يعد خافيا أو مستورا كما كان في السنوات الماضية.
إن إخواننا المحتجزين في مخيمات العار والشنار، يسألوننا الرحم، ويناشدوننا لفت انتباه العالم وخصوصا مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الحرة لحالهم التي لم تعد تطاق. فإنّه لا يمكن لهم بحال من الأحوال أن يستمروا على ما هم عليه من المتاجرة بهم وبحياتهم ومستقبل أجيالهم في أسواق المساعدات الدولية، حيث أثبتت منظمات وجهات دولية أوروبية تلاعب قادة البوليزاريو بها، كالتقرير السنوي لمكتب مكافحة الغش و الفساد في الاتحاد الأوروبي مثلا.
إن ما يُعجل بانفراج حال إخواننا المحتجزين بإذن الله، هي تلك الثورات المجيدة التي يحدثونها من حين لآخر كلما سنحت الظروف والأقدار في الخروج للتعبير عن رفضهم لجبهة البوليساريو التي لا يعتبرونها جهة تمثلهم جملة وتفصيلا. هناك حراك قوي داخل وخارج مخيمات العار، حركات رفض تام للقيادات التي تتحرك “بالروموت كونترول” انطلاقا من قصر المرداية. وهي حركات شبابية تحمل شعار التغيير نحو مستقبل أفضل، ولا يخفي العديد منها دعمه القوي لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 بعد جمود خيم على مسار القضية منذ تدخل الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار سنة 1991م ، وتعنت جبهة البوليزاريو وتمسكها بالاستفتاء الذي أكدت كل من التجربة، والمراقبين والمبعوثين الأمميين الدوليين استحالته..

يذكر أنّ الحركات الشبابية الصحراوية الرافضة لقبضة البوليساريو الحديدية على المخيمات كثيرة، بل وتزداد كلما زاد تضييق الخناق على تحركها وكلّما كثر قمعها، وهي تطالب بمحاسبة الفاسدين والمفسدين، وإعادة المليارات المنهوبة من المساعدات، ولولا القمع المستمر وسياسة تكميم الأفواه، والتعتيم الإعلامي المضروب على المخيمات، لعرف العالم حقيقة ما يجري بتلك المخيمات. إذ لا وجود بتاتا لوسائل إعلام حرة وحقيقية ونزيهة، إلا ما يتم نقله عن الجبهة؛ وبالتالي فلا تصل الصورة الحقيقية المعبرة عن أوضاعهم داخل المخيمات، إلا من خلال التسريبات، كما يصف ذلك بعض النشطاء الحقوقيين منهم. فإلى متى يا ترى تستمر معاناة إخواننا في تندوف!؟..

زر الذهاب إلى الأعلى