بنكيرانيات القرن: الكمين الذي اسقط زعماء سياسيين في الفخ

المحرر الرباط

 

تمر الايام و الشهور، ولا زال السيد عبد الاله بنكيران يتخبط في انفصام الشخصية، التي اصابته على حين غرة، مباشرة عقب تكليفه بتشكيل أول حكومة يدخلها حزبه قبل خمس سنوات، و ان قال العقلاء أن السياسيين لا مذهب لهم، فان الامين العام للعدالة و التنمية، قد جعل من هذه المقولة التي اختلفت الاراء حولها، مسلمة، تيقن من خلال خرجاته و تصرفاته الالاف من النشطاء، أن السياسة في المغرب، قد وصلت لدرجة العبث، و أن الاحزاب المغربية، ليست سوى متاجر تباع فيها المبادئ بالجملة، و تنتهي بالتقسيط في أوساط غالبية المنتخبين.

 

عبد الاله بنكيران، الذي يحتاج اليوم لكاتب متمرس، يدون سيرته الذاتية منذ ان قرر قص اللحية، و “تكريط الموسطاج”، فقد الكثير من مصداقيته، على الاقل في أوساط الاغلبية الصامتة، التي تتابع الاوضاع السياسية دون أن تدلو بدلوها، في وقت أثبتت الايام أن بنكيرانياته تعتبر كذلك، مرضا معديا، أصاب فرسانه و قنديلاته، و انتهى بهم في غياهب السجون، بعدما اعتقدوا انهم بصدد الدفاع عن رجل “قد فمو قد ذراعو”، و من شانه أن يقف الى جانبهم و هم يقلدونه، متناسيين أن السيد بنكيران و كغيره من كبار السياسة يتمتع بحصانة تحول دون أن يتم استدعاؤه للتحقيق مهما كانت خطورة تصريحاته.

 

أعراض الانفصام في الشخصية، بدأت تظهر على الاستاذ بنكيران، مباشرة بعد فوزه في الانتخابات، حيث صرح بعظمة لسانه، بأن “الماتش مع فؤاد عالي الهمة سالا”، بعدما سبق و أن استعمل هذا الرجل كمطية بحثا عن الشهرة في أوساط عدد من المغرر بهم، و مع غياب العلاج، و انعدام التوجيه داخل الحزب الذي يقدس أمينه العام لدرجة الالوهية، تفاقمت أوضاع الحاج بنكيران، فراح يبحث عن تحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار، بعدما اتهم رئيسه و بالاختلاس، و بعدما أعلن في وقت سابق عن قطع حبال الود معه، في تصريحات اعتبرها المتتبعون انذاك صارمة ولا تراجع عنها.

 

انفصام عبد الاله بنكيران، تأزم شيئا فشيئا، و ازداد حدة مع تزايد الامتيازات، فظهر للجميع من خلال التنازلات و الهفوات و وبعض التصريحات التي صدرت عن هذا الرجل، فشكلت مادة دسمة تناولها الاعلاميون بشغف كبير، و بعدما كان بنكيران قد وصف من خلال تصريحات سابقة، حميد شباط، ب “هبيل فاس”، فنال تأييد السواد الاعظم من المغاربة، خصوصا و أن شباط قد اثبت في تلك الحقبة انه يحتاج الى اعادة تهيئة من أجل ولوج الساحة السياسية، عاد ليرتمي في حضنه عقب انتخابات السابع من اكتوبر، و أقسم على عدم التنازل عنه، و كأننا عندما كان يصرح بتمسكه بشباط، بصدد الاستماع لأغنية سميرة سعيدة “مش حتنازل عنك أبدا مهما يكون”، لكنه للاسف تنازل، و تكالب مع وزارته في الخارجية عليه، بل أن الانفصام وصل به لدرجة مهاجمته في عقر بيت السيد محمد ولد عبد العزيز.

 

“هبيل فاس”، كما يحلو لبنكيران أن يناديه، سقط في بنكيرانيات القرن، فتحول الى تلك الشاحنة التي علقت في بركة ماء، فلم يستطع سائقها التقدم الى الامام و لا العودة الى الخلف، تماما كما هو الحال بالنسبة لنبيل بنعبد الله، الذي يعد الايام و الليالي تضرعا لله أن يشكل بنكيران الحكومة، فيظفر و لو بمنصب واحد فيها، و كذلك العديد من الاشخاص الذين نراهم اليوم كأشخاص في طبور يوم القيامة، ينتظرون مالهم، و هم على يقين من أن الجنة لن تقبلهم، و جهنم ستلفظ جثتهم، و سيظلون حفاة عراة لا يجدون مكانا ياويهم، الشيء الذي يجعلنا نتساءل عما اذا كان عزيز اخنوش قد استطاع فعلا الهروب بجلده من “جذبة بنكيرانيات القرن”، حتى و ان كلفه الامر البقاء في المعارضة، و بين هذا و ذاك، لا تنسوا بان هناك شعب يعد بالملايين ينتظر مصير حكومته فلا تتأخروا رجاءا، شكلوها أو اعيدوا المفاتيح الى جلالة الملك.

زر الذهاب إلى الأعلى