ملايير مجلس الجالية تحت المجهر و بوصوف في قفص الاتهام

المحرر-متابعة

النقاش الدائر حاليا حول حصيلة مجلس الجالية المغربية بالخارج بعد مرور عشر سنوات على تأسيسه، يستحق التوقف عنده وتقييم حصيلة هذه المؤسسة الدستورية التي ما فَتِئَتْ تثير الجدل في الداخل والخارج.

فبصفتي عضوا في هذه المؤسسة الدستورية الموقرة، أود أن أساهم في هذا النقاش، متمنيا في الوقت نفسه أن يخرج أعضاء آخرون عن صمتهم للتعبيرعن آرائهم ومواقفهم في الموضوع. وكما قلتُ في مناسبات سابقة، لم يعد يحق للأعضاء الاختباء وراء التحفظ والخوف من المجاهرة.

لقد لاحظتُ من خلال متابعتي للجدل القائم حاليا بين عبد الله بوصوف، الكاتب العام للمجلس، وعمر المرابط العضو في المجلس والمنتمي لحزب العدالة والتنمية، لاحظتُ أن إدارة المجلس تحاول إقحام “البي جي دي” في النقاش من خلال اعتبار انتقادات المرابط بمثابة “تحريض” الحزب ضد الكاتب العام.

لا أود التدخل في هذا الجانب من النقاش الذي لا يعنيني، وإن كان الزميل المرابط قد أكد أنه يتحدث بصفته عضوا في المجلس وليس كمسؤول حزبي.

لكن ما يهمني في هذا الجدل هو الجانب المتعلق بالحصيلة السلبية للمجلس والأسباب الحقيقة لعدم قدرته على الاستجابة لتطلعات أفراد الجالية، وذلك رغم الإمكانات المادية الضخمة التي وُضعت تحت تصرفه، منذ تأسيسه، حيث تفوق الميزانية السنوية للمجلس الـ 55 مليون درهم.

في ضوء هذه المعطيات، هناك مجموعة من التساؤلات المطروحة منذ فترة طويلة، لازالت تنتظر أجوبة صريحة وشفافة، وهي على النحو التالي:

أين يتم صرف الميزانية الضخمة لهذه المؤسسة في غياب أي أنشطة واضحة وشفافة للمجلس، باستثناء رعاية بعض الفعاليات الثقافية والترفيهية الهامشية وتنظيم سفر أعضاء المجلس مرة في السنة لحضور مراسيم عيد العرش؟

– لماذا يتجنب (أو يرفض) الكاتب العام الاجتماع بالأعضاء ويفضل اللقاءات الفردية مع البعض الذين تربطه بهم “علاقات خاصة”؟ أليس هذا نوع من التفريق بل التمييز بين الأعضاء؟

– بعبارة أخرى، لماذا تم تهميش وتجميد أنشطة الأعضاء منذ تولي الكاتب العام مسؤولية المجلس (بعد تعيين ادريس اليازمي على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان)؟ هل لأن الكاتب العام يخشى مواجهة الأعضاء وأسئلتهم “المحرجة” حول الطريقة الأحادية التي ينهجها في تسيير المجلس؟

– متى انعقد آخر جمع عام للمجلس؟ قد يتفاجأ الكثيرون إذا علموا بأن أول وآخر جمع عام للمجلس كان في بداية عام 2008، وهو في الواقع الجمع التأسيسي لهذه المؤسسة؟ فكيف يفسر الكاتب العام غياب أي جمع عام للمجلس منذ عشر سنوات؟

– كم هي الآراء الاستسارية التي قدمها المجلس منذ تأسيسه، في ما يخص السياسات العمومية المتعلقة بشؤون الهجرة، كما تنص على ذلك المادة 2 من الظهير المؤسس للمجلس؟

ما هي الأسباب التي حالت دون تقديم المجلس “تقريرا سنويا عن أنشطته، وتقريرا عاما، كل سنتين، يحلل فيه اتجاهات الهجرة المغربية وإشكالياتها الخاصة”، كما تقتضي المادة 12 من الظهير المؤسس للمجلس؟

– لماذا يمتنع المجلس من تقديم أي تقرير ولو سنوي عن أنشطته وخططه وأهدافه لممثلي الشعب، مع العلم أن الميزانية السنوية لهذه المؤسسة تتم المصادق عليها من طرف البرلمان؟

– أين ربط المسؤولية بالمحاسبة وأين نحن من مبدأ “الحكامة الجيدة” في ما يتعلق بطريقة تسيير المجلس؟

– لماذا لم يقم المجلس الأعلى للحسابات لحد الآن، بإدراج مجلس الجالية ضمن قائمة المؤسسات التي يقوم بالتدقيق والبث في حساباتها؟

كل هذه التساؤلات تضعنا في صلب الأزمة العميقة التي يعاني منها المجلس في ظل إدارة تفتقد الشفافية والوضوح.

فكل محاولة لوضع القضية خارج هذا الإطار واختزالها في “مواجهة” بين الكاتب العام و”البي جي دي” هي في الواقع محاولة لتمييع النقاش وتحويل اتجاهه وإبعاده عن جوهر الموضوع الذي يتمثل في فشل إدارة المجلس وعجزها عن تحقيق المهام المنوطة بها.

لقد حذرنا مرار منذ فترة طويلة من هذا الوضع الكارثي، وقلنا بأن المجلس يعاني من موت سريري، سببها الأساسي تهميش الأعضاء وسوء التدبير، بالإضافة إلى غياب رؤية واضحة وخطة عمل فعالة لإدارة المجلس. لكن رغم كل تلك التحذيرات، فإننا لم نلمس أي تدخل من قبل السلطات المعنية لإعادة ترتيب أوراق المجلس.

أعتقد أنه بعد مرور عشر سنوات على تأسيس المجلس فإنه من حق الرأي العام المغربي وأفراد الجالية بصفة خاصة معرفة ما يجري داخل هذه المؤسسة الدستورية التي تكلف دافعي الضرائب المغاربة ملايين الدراهم كل سنة.

نجيب بن الشريف، إعلامي مقيم في دبي وعضو مجلس الجالية المغربية بالخارج.

(عن زنقة 20)

زر الذهاب إلى الأعلى