تفاصيل التحقيق في قضية جثة مراكش

أكثر من ست ساعات استغرقتها مسطرة تقديم الشرطة القضائية بمراكش، يوم السبت المنصرم، أمام النيابة العامة لدى استئنافية المدينة، لثلاثة متهمين في جريمة الجثة المقطعة التي عثر على أشلائها بحاويتي أزبال بوسط المدينة، زوال يوم السبت 10 يونيو الجاري، والتي أكدت التحقيقات الأمنية بأنها تعود لسائح فرنسي في بداية عقده السابع، قبل أن يقرر أحد نواب الوكيل العام، في ختام استنطاقه للمتهمين، تمديد وضعهم رهن تدابير الحراسة النظرية لمدة 24 ساعة إضافية، من أجل تعميق البحث التمهيدي معهم من طرف الضابطة القضائية، وإعادة تقديمهم أمامه خلال اليوم الأحد الموالي.

مصدر مطلع على الملف أكد بأن نائب الوكيل العام قرر متابعة المتهمين الثلاثة في حالة اعتقال، محددا صك الاتهام، في جنايتي “القتل، والتمثيل بجثة” بالنسبة إلى المتهمة الرئيسة في القضية، وتُدعى “أحلام”، التي لا يتجاوز عمرها 18 سنة وتعمل ممرضة متدربة، فيما تابع بتهمتي “المشاركة في الجنايتين السابقتين، وعدم التبليغ عن جريمة قتل”، كلا من صديقتها “سهيلة”، المزدادة بمدينة الرباط في سنة 1995، والتي تعمل مدلكة بإحدى الحمامات البخارية بالمدينة، بالإضافة إلى خليل المتهمة الأولى، وهو جندي يعمل بمراكش وينحدر من ضواحي مدينة وارزازات، محيلا إيّاهم على قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، الذي استنطقهم ابتدائيا، مساء يوم الأحد الفارط، قبل أن يؤيد قرار النيابة العامة بمتابعتهم في حالة اعتقال، ويحرّر أمرا مكتوبا بإيداعهم سجن “لوداية” بضواحي المدينة.

واستنادا إلى المصدر نفسه، فقد اعترفت “أحلام” بأنها كانت ترتبط بعلاقة صداقة مع سائح أجنبي، من جنسية فرنسية في السادسة والأربعين من العمر، كان يتردد، بين الفترة والأخرى، على مراكش، مقيما، على سبيل الكراء، في الشقة التي وقعت بها الجريمة، الواقعة بزنقة بحي جليز تربط بين شارعي مولاي رشيد والحسن الثاني، مضيفة بأنه أوصاها بالاعتناء بمقر إقامته وتنظيفها، خلال فترة غيابه وانتقاله إلى موطنه، وهو ما قالت بأنها دأبت عليه إلى غاية مساء يوم الجمعة 9 يونيو الجاري، حين فوجئت وهي تدلف إلى الشقة بشخص أجنبي مستلق على كنبة بوسط المنزل، قبل أن يقدم لها نفسه على أنه سائح فرنسي، ويرتبط بدوره بعلاقة معرفة قديمة بصديقها الفرنسي.

وأضافت المتهمة بأنها أمضت ساعات قليلة في تنظيف الشقة، تجاذبت خلالها أطراف الحديث مع الضحية، الذي قالت بأنه بدأ يستفزها بسلوك اعتبرته تحرشا جنسيا من قبله، لتحاول صده، غير أنه تمادى في تحرشه، الذي قالت بأنه وصل حد محاولة ممارسة الجنس عليها بالقوة، لتقوم بدفعه بقوة ويرتطم رأسه بالأرض، ويصاب بجرح غائر، ويلفظ أنفاسه الأخيرة لحظات قليلة بعد ذلك.

ومضت المتهمة في رواية أشد لحظات الجريمة إثارة، فقد صرحت بأنها غادرت مسرح الجريمة، لفترة زمنية غير طويلة، باتجاه أحد الأسواق الممتازة المشهورة بالمدينة، من أجل اقتناء سكين كبير ومنشار عادت واستعملتهما في تقطيع جثة الضحية بعد جرّها إلى حمام المنزل، موضحة بأنها قضت ليلة الجمعة ـ السبت، في محاولة إخفاء معالم جريمتها، بأن عمدت إلى إحراق الوثائق الخاصة بالقتيل، وإلى تقطيع أصابع يديه وإتلاف بصماته ليصعب على الأمن تحديد هويته، قبل أن تقوم بتقطيع الجثة وتضعها في كيسين بلاستيكيين، وتستقل سيارة أجرة صغيرة، في الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، مستغلة خلو شوارع المدينة من المارّة في مثل هذا التوقيت من أيام رمضان، وتلقي بالكيس الأول، الذي احتوى على يد ورجل، بحاوية أزبال بزنقة “العلويين” بحي “كَليز” بالقرب من مستشفى “ابن طفيل”، ثم ألقت بالكيس الثاني، الذي وضعت به الجذع ويدا ورجلا والعضو التناسلي للقتيل، داخل حاوية أزبال أخرى بالقرب من المقر السابق للمحكمة التجارية، غير بعيد عن المنزل الذي تقطن فيه بالحي العسكري (بينلقشالي).

المتهمة اعترفت بأن عادت واتصلت بصديقتها الرباطية، وطلبت منها أن تنقلها على متن سيارتها باتجاه مكان يقع خلف محطة القطار بالقرب من حي بينلقشالي، وهو المكان الذي قالت بأنها تخلصت فيه من رأس القتيل، غير أنها، ورغم اقتيادها لأكثر من مرّة، من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية، خلال فترة البحث التمهيدي، إلى المكان نفسه، إلا أنها لم تتذكر بالتحديد الموقع الذي قالت بأنها تخلصت فيه من الكيس البلاستيكي الذي لفت داخله رأس الضحية، فيما نفت صديقتها المدلكة مشاركتها في ارتكاب الجريمة أو مساهمتها في إخفاء معالمها، موضحة بأنها لم تكن تعلم بأن الكيس كانت تحوي رأسا آدمية.

تصريحات المتهمة الرئيسة بأنها كانت تتردد برفقة خليلها الجندي على شقة صديقها الفرنسي، خلال فترة غيابه، من أجل ممارسة الجنس معه، جرّته معها للتحقيق الأمني والمتابعة القضائية، في الوقت الذي أكد فيه مصدرنا بأن الجندي ظل ينفي، خلال مراحل البحث التمهيدي والتقديم أمام النيابة العامة والاستنطاق الابتدائي، أي علاقة له بالجريمة المروعة.

زر الذهاب إلى الأعلى