رسالة الى عبد اللطيف حموشي: هنيئا لكم

مواطن ارتكب مخالفة

 

بينما يتحدث عشرات الصحافيون عن مجهودات المديرية العامة للأمن الوطني في سبيل تخليق الجهاز و تطويره ليرقى الى مستوى يليق و تطلعات قيادة الوطن لتأسيس دولة الحق و القانون، يتحدث البعض عن المبالغة في تسليط الضوء على هذا الجانب الذي بات مكشوفا للمغاربة بعدما كان البوليس في المغرب حتى الامس القريب مرتبطا بالاعتقال و السجن.

احببت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع، لانني عشت تجربة جعلتني متأكدا من أن الادارة العامة للامن الوطني قد تغيرت بشكل جذري و لم تعد كما كانت قبل سنوات، و هو ما لامسته من خلال احتكاكي بشرطي مرور شاب و حديث التخرج، لمدة ابتدأت عقب ارتكابي لمخالفة مرورية و انتهت مباشرة بعد دفعي لقيمة المخالفة.

سلوك الشرطي الذي لا يبدو أنه قد اكتسب تجربة كبيرة داخل الجهاز، جعلني ادفع قيمة المخالفة دون ان ينتابني شعور بالغضب كما جرت العادة “بطبيعة الحال بحكم انتمائي لوسط لا يعترف بالخطأ”، فقررت ان انشر شهادتي هاته التي اقف من خلالها احتراما و تقديرا لمديرية الامن و لكوادرها.

كانت الساعة تشير الى الخامسة من مساء يوم امس الخميس عندما اوقفني شرطي المرور على مستوى مدارة البريد بتابريكت مدينة سلا، و رغم انني لم اكن متأكدا من انني قد ارتكبت فعلا تلك المخالفة، الا أن سلوك الرجل و تعامله الذي يفوق الاحترام بكثير، جعلني اهتم به اكثر من اهتمامي بموضوع قيمة المخالفة.

في لقاء لم يدم اكثر من ربع ساعة، مثل هذا الشرطي الشاب، الجهاز الذي ينتمي اليه احسن تمثيل، و اقتنعت رغم ان قناعتي لن تضيف شيئا، ان داخل ادارة الامن، موظفين يشرفون البدلة الرسمية و يستحقون الثناء على الاقل تشجيعا لهم على الاستمرار في سلوكهم الاكثر من رائع.

اول شرطي يحرر لي مخالفة مرورية، و يعتذر بلباقة محاولا تجنب الغضب الذي قد ينتاب اي سائق في وضعيتي، و رغم ان القانون في صفه جملة و تفصلا، فقد تعامل معي هذا الشاب و كأن الارض التي نقف فوقها في ملكيتي، في مشهد يعكس حرفيا مقولة “الشرطة في خدمة المواطن”.

رجل يستحق الاحترام لسلوكه و اخلاقه، دفعني الى كتابة مقال اشكر فيه رجال الخفاء داخل المديرية العامة للأمن الوطني لانه ليس سوى ثمرة لمجهودات بذلت على مدى سنوات جعلت الجهاز الامني داخل بلادنا يتغير بشكل جذري، و أنا متأكد من انني لست الشخص الوحيد الذي انتباه هذا الشعور و لن اكون الاخير.

العدل هو أن نتحدث عن مثل هذا الرجل في وسائل الاعلام، تماما كما نفعل عندما نتشارك التصرفات المعزولة لرجال الامن، و الحقيقة هي أن مؤسساتنا تتغير نحو الافضل، و تتخلص شيئا فشيئا من سلبياتها، و ربما قد يكون نجاح المديرية العامة للأمن الوطني في هذا الجانب قد تحقق بفضل استراتيجية الاستثمار في العنصر البشري كخطوة اولى نحو مستقبل افضل.

زر الذهاب إلى الأعلى