قضية إسكوبار الصحراء..هكذا استغل بيوي والناصيري سذاجة “المالي” والحموشي يتابع القضية عن كثب

لازالت مجلة “جون أفريك”، تكشف عن معطيات جديدة في الملف الفضيحة الذي فجرته قبل أشهر في قضية ” إسكوبار الصحراء”.

وقالت الصحيفة الفرنسية في مقال جديد معنون بـ “شيرا غيت القنبلة الموقوتة” أن اعترافات الحاج أحمد بن إبراهيم لم تبح بكل الأسرار” و”بعد زمن المذنبين يأتي زمن المتواطئين”.

ومضت الصحيفة في سرد تفاصيل القضية من ألفها إلى يائها، مشيرة إلى أن الحاج أحمد بن إبراهيم، الملقب بـ “المالي” والذي سمته مجلة جون أفريك بـ “بابلو إسكوبار الصحراء”،كان يطمح إلى “الانتقام” وهو في زنزانته بسجن الجديدة.

واعتقل في عام 2019 من قبل عناصر تابعة للبسيج المغربي بتهمة تهريب المخدرات، بعد ضبط 40 طنًا من الحشيش على متن شاحنات تابعة له، في باحة استراحة على الطريق السريع بالجديدة.

جون افريك أكدت أن المالي كان يعلن دائمًا براءته، ويعتقد أن شركائه المغاربة، ذوي النفوذ الكبير، سيأتون إليه ليساعدوه إلا أن هؤلاء تخلوا عنه واستغلوا سجنه ليضعوا أيديهم على أمواله وعقاراته وسياراته وشبكته وأعماله.

وخلال عام 2023، تقدم بثمانية شكاوى ضد عبد النبي بيوي، مالك قطب البناء ورئيس جهة الشرق (المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة)، وكذلك ضد سعيد الناصري، رئيس نادي الوداد الرياضي (أحد قياديي حزب الأصالة والمعاصرة)  ورئيس مجلس عمالة الدار البيضاء.

في البداية وفق المصدر ذاته، ذهبت هذه الشكاوى أدراج الرياح، لكن مع بداية صيف 2023، وافقت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء على أخذ أقواله والاستماع إليه.

الحموشي يتابع القضية عن كثب

ونقلت جون أفريك عن مصدر مقرب من “المالي” قوله أن عبد اللطيف الحموشي،المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تابع عن كثب أحداث هذه القضية ولاسيما المراسلات بين تاجر المخدرات وشركائه. وقد تم أخذ هذه المراسلات على محمل الجد، مما ساهم في فتح تحقيق برئاسة الضابط نور الدين ناجح المتألق داخل أروقة المديرية العامة للأمن الوطني عام 2000، وهو متخصص في القضايا المرتبطة بتهريب المخدرات والجرائم المالية.

وأكد مصدر جون أفريك أن الفرقة الوطنية للشرطة الوطنية وضعت في 22 يونيو 2023، بالفعل عبد النبي بيوي وسعيد الناصري تحت المجهر، تم بعد ذلك تولت النيابة العامة بالدار البيضاء، برئاسة الوكيل العام للملك، صلاح التيزاري (المعين في نوفمبر 2022 والمشهور بجديته)، التحقيق من صحة اتهامات “المالي”.

وبعد ستة أشهر، أي في 22 دجنبر 2023، تم وضع 25 شخصًا رهن الاعتقال الاحتياطي، ومن بينهم رجال شرطة، وموثق، وبرلماني سابق، وإلى جانبهم عبد النبي بيوي وسعيد الناصري، المتهمان بتهريب المخدرات (أو المشاركة في تهريبها)، والاستيلاء على العقارات، وغسيل الأموال، والحصول على ممتلكات مسروقة، وإساءة استخدام السلطة، والتزوير واستخدام التزوير.

وقال “المالي” للضابط ناجح إنه تحالف منذ عام 2006 مع عبد النبي بيوي، مؤسس شركة Bioui Travaux (شركة أشغال عمومية)، في الجهة الشرقية. وفي ذلك التاريخ، قرر تاجر المخدرات المالي و مالك قطب البناء العمل معًا في تهريب القنب الهندي (“شيرا”) المنتج في المغرب ونقله إلى الجزائر وليبيا ومصر، ومنطقة الساحل وغرب أفريقيا، وبين عامي 2006 و2015، باع الشريكان ما لا يقل عن 200 طن من الشيرا، وفق ما أوردته جون أفريك.

وخلال سنة، عرف بيوي المالي بسعيد الناصيري، وجاءت لحظة تقسيم الأدوار، إذ تكلف هو باللوجستيك والشؤون العامة داخل الشبكة، في حين أنيطت مسألة تنفيذ المهمات على الأرض للناصيري وتكلف بعدم المراقبة من قبل الشرطة أو الدرك.

وأشارت جون أفريك أن هذه الفترة بالذات تم فيها اختيار بيوي، الذي لم يكن حتى ذلك الحين يتمتع بتجربة سياسية كبيرة، في حزب الأصالة والمعاصرة في عام 2011، وثم انتخابه رئيسا لجهة الشرق في عام 2015. وهو عضو في حزب الأصالة والمعاصرة منذ عام 2008، فيما الناصيري القادم من زاگورة والذي التحق بنفس الحزب منذ سنة 2008، انتخب برلمانيا سنة 2011.

سذاجة الحاج أحمد بن إبراهيم

وأشارت جون أفريك أن بيوي وناصري استغلوا سذاجة المالي، حيث اصطحبه الناصيري إلى إحدى الزوايا بزاكورة من أجل أن يتسلم شهادة تتبث نبل أصوله وانتمائه إلى هذه الزاوية الشهيرة بمنطقة زاكورة ويتعلق الأمر بالزاوية الناصيرية.

وفي سنة 2019، قرر المالي العودة إلى المغرب أملا في استعادة 3,3 مليون يورو في ذمة بيوي والناصيري، إلا أنه بمجرد أن وطأت قدميه مطار محمد الخامس، تم اعتقاله من قبل عناصر الفرقة الوطنية، لتتم إدانته ب10 سنوات نافذا بتهمة تهريب 40 طنا من المخدرات.

جون أفريك أشارت إلى أن المالي كان يعتقد أن “رفاقه” بيوي والناصيري، سيأتون لنجدته، بل إن الناصيري وعده بأن ينقل إلى بلده الأم مالي، بتدخل من وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي، الأمين العام الأسبق للبام، لكن لا شيء حدث، وفق الصحيفة.

الفخ الذي نصبه بيوي والناصري للمالي

وبحسب “المالي”، فإن بيوي والناصري نصبوا له فخا باستخدام ثلاث شاحنات صينية تركوها عن عمد باسم شركته. وبمجرد تحييد “المالي”،جرده مساعدوه من عقاراته – بما في ذلك الفيلا المتواجدة في الدار البيضاء  وهي الآن مسجلة بإسم الناصري .
خلال ستة أشهر من التحقيق، وعلى أساس العديد من الشهادات، من خلال عمليات البحث والتحليل لبيانات الهاتف المحمول والرقمية والمصرفية، تمكن المكتب الوطني للشرطة القضائية من تأكيد تصريحات “المالي”.

ومن بين الأدلة المادية: شاحنتان صينيتان وعدة أطنان من المخدرات تم الاستيلاء عليها من مزرعتين عائليتين تابعتين لبيوي بالجهة الشرقية؛ والدليل،الآخر أن الناصري التقى “المالي” عند زوجة الأخيرة المطربة لطيفة رأفت (وقد انفصلا منذ ذلك الحين)، بالرباط، يوم 17 ديسمبر 2013. وبهذه المناسبة، كان الناصري قد تقاضى 350 ألف أورو مقابل تسهيل عبور 15 طناً من الشيرا إلى مصر.

وأضافت جون أفريك أن هذه القضية، التي كشفت عن وجود نظام مافيا سياسية في قلب المملكة، أحدثت صدمة في الرأي العام وفي الأوساط السياسية بالمغرب.

وقبل كل شيء، فإن هذه القضية تثير الكثير من الأسئلة من قبيل كيف يمكن لشخصيات مثل بيوي والناصري أن تشهد مثل هذا الصعود وترتكب جرائمها مع الإفلات التام من العقاب؟

حزب البام محل شبهات

وأظهر التحقيق الذي أجرته الشرطة القضائية أن “المالي” نجح في تبييض 80 مليون درهم، خاصة من خلال تحويلات تمت إلى حسابات مرتبطة بالشركة التابعة للشركة المغربية العامة. كل ذلك دون إثارة شكوك مستخدمي البك في الجهة الشرقية.

وبالإضافة إلى رئاسة الوداد ومجلس عمالة الدار البيضاء، اشتغل سعيد الناصري لفترة طويلة جدًا، داخل بيت حزب الجرار، فهو من يقرر من يمكنه أن يترشح في دوائر العاصمة الاقتصادية للمملكة، حتى لو كان ذلك يعني إشراك شخصيات متعبة وإدخالها إلى عالم السياسة والانتخابات.

وكما هو الحال مع بيوي، فإن الناصري قريب من إلياس العمري، ومع ذلك، يبدو أن قضية “بابلو إسكوبار الصحراء” تصطدم الآن بسقف زجاجي. وحتى لو استمر التحقيق القضائي، فإنه يبدو أقل احتمالاً أن يؤدي إلى اعتقالات جديدة، أو حتى أن يكشف كل تداعياته.

ومن الصعب أن نصدق أن بيوي والناصري تمكنا من تهريب المخدرات بهذا الحجم دون الاستفادة من دعم قوي. ويشبه الكثيرون هذه القضية بـ “قضية تابت”، التي سُميت على اسم مفوض مغربي حُكم عليه بالإعدام وأُعدم عام 1993 بتهمة اغتصاب وتصوير أكثر من 1000 امرأة شابة دون علمهن. كان بحوزة الدفاع عناصر مادية تشير إلى شركاء رفيعي المستوى، لكن لم يكن أحد يشعر بالقلق على الإطلاق.
وفي 12 فبراير، تم وضع اليوتيوبر رضا الطاوجيني رهن الحبس الاحتياطي بسجن آيت ملول (أكادير) إثر شكوى تقدم بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
وفي 23 فبراير حُكم عليه بالسجن لمدة عامين وكان الطاوجني قد نشر عدة فيديوهات شكك فيها بالدور الذي لعبه الوزير في قضية “المالي”.

وبالفعل، تضيف الصحيفة أن وهبي – الذي تخلى أيضاً عن الترشح لولاية ثانية رئيس حزب الأصالة والمعاصرة – كان محامي عبد النبي بيوي وسعيد الناصري قبل تعيينه في الحكومة، بالإضافة إلى أنه كان “رئيسهم” داخل الحزب.

تم استجوابه في البرلمان شهر يناير، حول مدى اعتماد قانون منع الإثراء غير المشروع، وأجاب ببساطة: “لقد كان الفساد موجوداً دائماً في المغرب، وكذلك الأشخاص الجادين. »

نحو مدونة أخلاقية

وفي عام 2021، سحب وزير العدل مقترح قانون حول منع الإثراء غير المشروع، ومنذ 24 دجنبر 2023 اليوم التالي من وضع بيوي والناصيري رهن الاعتقال،أعلن الوكيل العام للملك بعد ذلك، في بيان صحفي، أنه أصدر الأمر بفتح تحقيق في نشر “معلومات مغلوطة” في وسائل الإعلام تتعلق بقضية “المالي”.

وفي 19 يناير، بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان، أمهل الملك محمد السادس البرلمانيين مهلة سنتين لوضع مدونة أخلاقية ملزمة لغرفتي البرلمان.

زر الذهاب إلى الأعلى