يونس الشامخي يكتب وجهة نظر قانونية: وقف العمل بمرسوم النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية

قال الاستاذ الباحث يونس الشامخي أن :”اللغط والكلام قد كثر حول التكييف القانوني للقرار المتخذ من قبل الحكومة المغربية بوقف العمل بمرسـوم رقـم 2.23.819 صـادر فــي 20 مـن ربيـع الأول 1445 (6 أكتوبر 2023) في شأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية”.

ومن ذلك كان من الواجب ابداء وجهة نظر قانونية للتشكيك في بعض الوجهات القانونية لبعض الباحثين والذين يبررون موقفهم حول طبيعة قرار الحكومة انه عمل غير قانوني مادام ان القانون نفسه حدد طرق وآليات وقف العمل الاداري او التشريعي على حد سواء، وذلك اما الغاء النص او تعديله او نسخه.

وحسب الشامخي، فإن هذا القول يبقى مردود عليه من الوجهة القانونية والقضائية، فلئن كان فعلا أن النصوص القانونية أو التنظيمية لا يمكن الحد من نفاذها في حق الاشخاص الا من خلال وسائل قانونية محددة قانونا وهي إما بالغائها أو تعديلها أو نسخها.

فالاكيد أن هذه الآليات هي من آليات إنهاء نفاذ القرارات الإدارية اتجاه الأفراد المعنيين بها والتي تتخذها الإدارة بطريقة منفردة، لكن ما يجب الانتباه إليه أنه ليس هناك مانع قانوني يمنع الإدارة من وقف أعمالها الإدارية مؤقتا، لاسيما المتخذة في شكل قرار إداري انفرادي، لما لها اولا من خطوره على حقوق الأفراد وحرياتهم، أو في إطار اتخاذها مايلزم من تدابير احترازية متخذة من لدنها تفاديا لمخاصمتها أمام السلطة القضائية، والانتهاء إما بإلغائها لعدم مشروعيتها أو بإقرار تعويض عن الأضرار الناجمة عنها، وبالنتيجة فليس هناك مانع قانوني يمنع الادارة من وقف العمل بقرارتها متى كان ذلك ممكن وجائزا قانونا وابتغاء تحقيق مصلحة عامة.
كما لايمكن اعتبار من الوجهة القانونية قرار الحكومة بوقف العمل أو تجميد مرسوم النظام الأساسي الخاص بالأساتذة قرار إداري قائما الذات ومكتمل الأركان، على العكس من ذلك فعمل الحكومة يمكن تصنيفه ضمن الأعمال التمهيدية أو التحضيرية للادارة والذي لا اثر له على الوضعية القانونية للأساتذة، وبالتالي فهو ليس بقرار إداري ولا اثر له، فهو لا يعدل ولا يغير ولا يحدث أثرا قانونيا في حق المعنيين به، وبالمحصلة فقرار الحكومة بوقف العمل بالمرسوم يعد عملا تمهيديا من الأعمال الإدارة والتي لا تقبل بطبيعتها الطعن بالغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة، واقصد هنا بالأعمال التمهيدية أو التحضيرية للإدارة كل التصـرفات أو القرارات الصادرة من جانب الإدارة غير النهائية مادامت لا تأثير لها على المراكز القانونية للأفراد استنادا لطبيعتها المؤقتة ولافتقارها لطبيعتها التقريرية.

وعليه، فالعمل التحضيري هو كل عمل لا يكون من شأنه إحداث أثر قانوني، وبالتالي فهو لا يُعد قراراً إدارياً قابلا للطعن بالإلغاء، حتى وإن اتخذ شكل أو مظهر قرار إداري، حيث اعبرت على سبيل المثال الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها المؤرخ في07 فبراير 2019 على أن:”قرار وزير المالية رقم 193.16 المطعون فيه يتعلق بتحديد كيفيات تنفيذ النفقات المتعلقة بالتسديدات والتخفيضات والإرجاعات الضريبية، لا يعدو أن يكون إجراء تمهيدي مؤقت يحدد كيفية تنفيذ هذا النوع من النفقات، ولا يكتسي أي حجية منبثقة من ذاتيته، وإنما يستمدها من المادة 16 من المرسوم رقم 2.15.426 المشار إليه الذي اتخذ (القرار) من أجل تطبيقه، وهو بذلك إجراء لم يحدث في حد ذاته أي أثر قانوني مباشر ونهائي في المركز القانوني للطرف المخاطب به ولا يرقى إلى درجة القرار القابل للإلغاء”.
ومن وجهة قانونية أخرى يضيف الأستاذ الشامخي، فالملاحظ أن هذا العمل المتخذ من قبل الحكومة لا يدخل ضمن الاعمال المقيدة للادارة والتي يحدد فيها المشرع اختصاصا معينا للادارة او يلزم فيه السلطة الإدارية اتخاذ قرار واجب اتخاذه لحالة معينة؛ بقدر ما هو في الواقع عمل يدخل ضمن أعمال السلطة التقديرية للادارة والذي لايقبل بطبيعته الطعن بالالغاء، متى تمتعت الادارة بقسط من الحرية في التصرف عند ممارستها لتصرفاتها القانونية، بحيث يكون للادارة تقدير خاص في اتخاذ او الامتناع عن اتخاذه او اتخاذه على نحو معين او اختيار الوقت المناسب لاتخاذه، وبالتالي فعمل الحكومة يدخل ضمن السلطة التقديرية للادارة والذي يبقى في منآى عن أي طعن بالإلغاء ولا رقابة للقضاء عليها الا في حالة الاساءة في استعمال السلطة، ويمكن الرجوع لاجتهادات كثيرة في هذا الإطار للغرفة الإدارة بمحكمة النقض والتي أكدت في غير مناسبة على تكريسها لهكذا قواعد قضائية.

زر الذهاب إلى الأعلى