تقرير ..إيران تتقرب من موريتانيا للبحث عن موطأ قدم في الساحل والصحراء

كشف تقرير حديث للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية عن سر التقرب الإيراني الملحوظ مؤخرا من موريتانيا.

وقال عبد المنعم علي باحث بوحدة الدراسات العربية والإقليمية، كاتب التقرير الذي يحمل عنوان “دوافع وأهداف التقارب الإيراني الموريتاني” إن ثّم هناك تطورًا ملحوظًا في العلاقات الموريتانية الإيرانية اتضحت معالمها بجولات متعددة كان في مقدمتها زيارة “حسين أمير اللهيان” وزير الخارجية الإيراني الرسمية على رأس وفد رفيع المستوى إلى موريتانيا مطلع شهر فبراير من العام الجاري، تبعها لقاء جمع بين وزير خارجية إيران و”الداه ولد سيدي أعمر” وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الموريتاني في أبريل 2023 على هامش مشاركته في المعرض الدولي للقرآن المنعقد في طهران.

وأورد التقرير أن المتأمل للتحركات الإيرانية حيال موريتانيا يجد أنها تتحرك وفق لجملة من المصالح والأهداف التي تتعلق بحيز تنافسها الإقليمي والغربي؛ ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:

تدارك تغلغل الناتو: على وقِع تغير العقيدة الاستراتيجية لحلف شمال أطلسي في مسار دمج شرق المتوسط وشمال إفريقيا وكذلك منطقة الساحل ضمن تلك الاستراتيجية، بات هناك حالة من التقارب بين الحلف وموريتانيا تجلت في دعوته للمشاركة في الاجتماع الذي انعقد في يونيو 2022 وما تبعها من تحوّل نواكشوط إلى شريك رئيسي ووحيد للناتو في منطقة الساحل – وذلك وفقًا لم عبّر عنه “خافيير كولومينا” الأمين العام المساعد الملف بالشؤون الأمنية في حلف الناتو- علاوة على مساعي دول الناتو لتعزيز القدرات العسكرية والتسليحية لموريتانيا؛ في إطار العمل على تحقيق الأمن الإقليمي وكذلك لتحويلها لمركز عمليات الناتو الميدانية في إقليم الساحل، لذلك تستهدف إيران عدم ترك الساحة خاوية أمام دول الناتو كورقة ضغط على مصالح الغرب في غرب إفريقيا في إطار معادلة المساومات الراهنة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

توسيع دائرة الحلفاء لخلق موطأ قدم في الساحل والصحراء: واحدة من بين أهداف التحرك الإيراني في دائرة الشمال العربي هو تشبيك العلاقات المتجذرة مع الجزائر وفتح شراكات مستجدة مع موريتانيا بغرض إحداث اختراق لتلك البيئة الجغرافية الهامة؛ ليس هذا فحسب بل يمتد تطلعها إلى تعظيم مكاسبها من حالة التخبط والإرباك داخل الساحل والصحراء من أجل إحداث اختراق مماثل في غرب إفريقيا ضمن الجهود الاستباقية الذي تتحرك في ضوئه طهران للتحكم في الوضع داخل تلك المنطقة، على ضوء التعقيدات الصعبة في تلك المنطقة وتراجع مستوى ملف الأمن والتعاون العسكري في إطار تراجع القوى العسكرية الغربية المتواجدة وفي مقدمتها فرنسا، في ظل انشغالها بالصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا.
ولعل مؤشرات ذلك برّزت في الجولة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني قبيل زيارة موريتانيا؛ إذ أنه قام بزيارة كل من مالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو، مما يعزز من الطّرح الخاص بمساعي إيرانية لفتح مجالات نفوذ جديدة في تلك المنطقة، بالاستناد إلى حليفها الاستراتيجي (الجزائر)، للقيام بدور أكبر في تلك المنطقة التي تشهد هشاشة أمنية.

موازنة التعاون الاستراتيجي الإسرائيلي المغربي: منذ استئناف العلاقات الإسرائيلية المغربية وما تبعها من تطورات نوعية في القطاعات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية وكذلك الاقتصادية، بات هناك تحرك إيراني متنام في تلك الدائرة، الأمر الذي يفتح المجال أمام نقل دائرة الصراع داخل تلك الدائرة خاصةً وأنها تحوّلت لبنك أهداف إيراني- إسرائيلي، وتغييرًا تكتيكًا يؤشر إلى إعادة النظر في الأبعاد الاستراتيجية لمواجهة تل أبيب في إطار الحرب بالوكالة.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى