عودةً الى أحداث الريف … هذا ما وقع

المحرر من الحسيمة

في خضم الضجة التي أحدثها تصويت البرلمان الاروبي على قرار يطالب باطلاق سراح بعض المعتقلين و من بينهم المدانين على خلفية أحداث الحسيمة، يحق لنا أن نطرح بعض الاسئلة التي ربما لن تروق للبعض، و ستدفعهم الى مصادرة حقنا في التعبير عن الرأي بينما يتشدقون بحرية التعبير.

و بما أنه لا يمكن الحديث عن الشغب و الفوضى التي كانت الحسيمة مسرحا لها دون وضع المكبرة على ناصر الزفزافي، فسنقول للنواب الاروبيين أن محاكمة هذا الشخص قد تمت بناءا على عدد من التهم التي وُثِقت بعضها فيما قدمت الاستخبارات الادلة على بعضها الاخر للقضاء عبر القنوات الامنية المخولة للتنسيق مع النيابة العامة.

ندعو النواب الاروبيين الى مراجعة شريط منشور على وسائط التواصل، يظهر فيه ناصر الزفزافي، و ذات جمعة، و هو بصدد تعطيل عبادة، حيث يظهر الرجل و هو يصرخ داخل مسجد من المفروض أنه مكان مقدس لدى المسلمين، في يوم مقدس بل و خلال عبادة لها من القدسية في الاسلام ما يجعلها تسبق التجارة و الامور الدنيوية.

و لو أن الزفزافي قام بتعطيل عبادة خاصة بالمسيحيين أو اليهود، لتم اعتقاله وفقا للقانون، و هنا نعود بالذاكرة شيئا ما الى الوراء و نستحضر قضية المواطن المغربي الذي دفعه حب الوطن الى تسلق السفارة الجزائرية و رمي العلم الجزائري، لكن ذلك لم يمنع محاكمته و ادانته بالسجن رغم أن معظم المغاربة يطالبون اساسا بطرد السفير الجزائري و قطع العلاقات الديبلوماسية مع بلده لاسباب يعرفها الجميع.

عشرات الاشرطة منشورة على موقع يوتوب، توثق لما كان الزفزافي يفعله قبل اعتقاله، و تعكس كيف أن الرجل قبل اعتقاله كان يحرض على الشغب و يخطب في الناس و كأنه زعيم إحدى كارتيلات امريكا اللاثينية، فتتحول تلك الجموع صوب الشوارع لتخريب الممتلكات و حرق المباني و استهداف أرواح رجال الامن و هنا نتساءل ألا يتحمل الزفزافي مسؤولية احراق المبنى الذي كان رجال المحافظة على النظام يقيمون فيه؟

هنا، ندعو النواب الاروبيين الى مراجعة القانون الجنائي المغربي، و تحديدا عقوبة اضرام النار، و التي تصل عقوبتها الى عشرين سنة سجنا، قبل أن نطالبهم بالتفكير في الاسباب التي قد تدفع تاجر مخدرات فار من العدالة، الى ارسال مبالغ مالية مهمة في اسماء الزفازافي و رفاقه تزامنا مع فوضى الريف، و لماذا لم يفكر هذا المجرم في ارسال المال قبل الفوضى؟

و بما أن التقرير الى اهمال منطقة الريف، فلابأس من التساؤل لماذا لم يعد هناك أي احتجاجات منذ اعتقال الزفزافي و باقي المحرضين على الفتنة؟ و هل يعلم النواب الاروبيين أن تلك المنطقة تضم عشرات الاشخاص الذين يعتبرون من أغنى أغنياء المغرب إن لم نقل افريقيا، و أن لديهم تمثيليات في البرلمان و مجلس المستشارين، بل و أن هناك من يتحدث عن احصائيات تؤكد على ان اكبر عدد من مأذونيات النقل يستفيد منها مواطنون من الريف.

و إذا كانت الحسيمة التي تستقبل عشرات الالاف من الزائرين كل صيف، مدينة مهمشة، فماذا سيقول الاتحاد الاوروبي عن مدينة الجديدة التي لا تعيش فيها السيارات أكثر من عقدين من الزمن بسبب طرقاتها المهترئة؟ و هل يعلم هؤلاء حجم المعاملات المالية بتلك المدينة مقارنة حتى مع بعض المدن الاوروبية؟ بل و حتى العناية التي توليها الدولة لتلك المنطقة تعتبر استثنائية و بشهادة اهلها.

إن من يقول اليوم أن الريف مهمش، ما عليه الا أن يزور مدنه و يقارنها بباقي المدن المغربية، مع استحضار واقع الاقتصاد المغربي و القدرة المالية لبلادنا، و نحن متأكدون من أنه سيكتشف الحقيقة كاملة و سيتيقن من أن مدن الريف أحسن حالا من عشرات المدن المغربية التي لا يتلقى ابناؤها عمولات من الخارج ولم يسبق لهم أن هاجموا الوطن و مؤسساته.

لا بأس من المطالبة بالعفو عن ناصر الزفزافي و من معه، لأن الدولة تبقى أما تعاقب و تحتضن، تغضب و ترضى على ابنائها، لكن أن تعفو على أشخاص سيعودون الى اثارة الفتنة و البلبلة في المجتمع، فهذا امر لن يقبله المغاربة حتى و إن دعى له مجلس الامن، و إذا كان البرلمان الاروبي تهمه فعلا حرية هؤلاء، فالاجدر به طلب لقائهم و إقناعهم بالعدول عن مواقفهم المتطرفة و بعدها الوساطة لدى الدولة لفائدتهم، و غير ذلك فالامر بُحسب متاجرة بمعاناتهم و معاناة عائلاتهم لابتزاز بلادنا.

زر الذهاب إلى الأعلى