الطاهر بن جلون: لهذه الأسباب على ماكرون تطبيع العلاقات مع المغرب

في مقال رأي بمجلة “لوبوان” الفرنسية، يشرح الكاتب المغربي- الفرنسي الطاهر بن جلون، لماذا يجب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تطبيع العلاقات بين فرنسا والمغرب؛ قائلاً إنه لم يعد سراً على أحد أن العلاقات بين الرباط وباريس في أسوأ حالاتها، لأسباب كثيرة ومعقدة.

واعتبر الكاتب أن المغرب أمة ذات هوية صلبة: ملكية دستورية تحترم نتائج الانتخابات التي تتسم بالشفافية وعدم التزوير ودون تدخل الدولة، دولة لم يتم احتلالها من قبل، حيث مارست فرنسا محمية هناك من عام 1912 إلى عام 1956.. كانت هناك صداقة على الدوام بين المغرب وفرنسا، لطالما كانت فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، ولقد اتبعت المبادلات دائما مسارها دون أزمة.

شهر العسل
تابع الكاتب القول إن اللغة الفرنسية هي لغة يتحدث بها عدد كبير من المغاربة، إذ تدرّس كلغة ثانية. كل عام، يأتي آلاف الخريجين المغاربة إلى فرنسا لمتابعة تعليمهم العالي. باختصار، الروابط بين البلدين مهمة.. هناك تواصل دائم بين قصر الرباط والإليزيه.. حافظ فرانسوا ميتران على علاقات منتظمة وحتى ودية مع الحسن الثاني، وكذلك الحال مع جاك شيراك، وهو صديق قديم للعائلة المالكة والشعب المغربي. كما أدرك الرؤساء الآخرون للجمهورية، نيكولا ساركوزي وفرانسوا أولاند، أهمية المغرب وحافظوا على علاقات ممتازة مع الملك. نيكولا ساركوزي، الذي لم يكن يعرف البروتوكول.

وقال بن جلون إن إيمانويل ماكرون اعتبر أنه يمكن أن يتصرف مع المغرب بطريقة غير رسمية؛ حين رد على شخص في الشارع سأله سؤالاً عن المغرب -بعد عودته من الجزائر- فكان جوابه: “سأذهب إلى المغرب في نهاية أكتوبر”. المشكلة أنه لم تتم دعوته للذهاب إلى هذا البلد. كان الملك، الذي أقام في باريس هذا الخريف، سيرفض الرد على الهاتف.

إن الطريقة التي عوقب بها المغرب (إلى جانب دول مغاربية وإفريقية أخرى) لرفضها استعادة مواطنيها الذين دخلوا فرنسا بطريقة غير شرعية، كان لها تأثير رهيب على السكان. لم ترفض القنصليات المغربية أبدا إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم. وزارة الداخلية الفرنسية أرسلت دون تمييز أفرادا تونسيين وجزائريين ومغاربة. لم تفرق بين الدول الثلاث. لا يمكن للمغرب أن يعتني بالمهاجرين غير الشرعيين من البلدان الأخرى. كانت القيود المفروضة على إصدار التأشيرات منهجية، وأثّرت على الشخصيات السياسية والفنية والرياضية. في الآونة الأخيرة، كان رئيسا الدولتين يتحدثان عبر الهاتف لمدة نصف ساعة. ربما تكون بداية الاسترخاء بين البلدين.

وتابع الكاتب القول إنه يتعين على إيمانويل ماكرون احترام الثقافة والتقاليد المغربية التي لا علاقة لها بنظام الملكيات الأخرى. في المغرب، الملك يحكم وهو ضامن لاستقرار البلد وعمل المؤسسات. لا شيء يتم بدون موافقته. صادف أنه ملك عظيم، أحد القادة القلائل في العالم العربي الذين يحترمون مبادئ الديمقراطية ويجعلونها تتطور. لا ينكر وجود المشاكل والعيوب وما يحتاج إلى تغيير. إنه واقعي وواضح. في المغرب، السبب الرئيسي، القضية المقدسة، قضية الوحدة الترابية هي محور كل السياسات.

اعترفت عدة دول بمغربية الصحراء، أو على الأقل ذكّرت بأن خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب تعتبر جادة ومقبولة. فرنسا، حتى لا تسيء إلى الجنرالات الجزائريين، تتمسك بموقف لم يتغير منذ فترة طويلة. إذا كان إيمانويل ماكرون يريد إصلاح تداعيات الأزمة الفرنسية المغربية الكبرى، فهو يعرف ما يجب فعله. ندرك أن الموقف المغربي صحيح، وأن الجزائر مخطئة لمواصلة تأجيج الصراع الذي خلقه هواري بومدين بشكل مصطنع منذ نصف قرن تقريبا، وبالتالي منع تكوين مغرب كبير موحد وقوي، يقول بن جلون.

زر الذهاب إلى الأعلى