سيدي قاسم : العامل حبيب….،العامل عدو… !

المحرر من سيدي قاسم

لا نختلف اننا نعيش في مجتمع تزدهر فيها صناعة الاشاعة والتنفنن في طرق إشاعتها، بينما تعيش فيه الحقيقة مأزقا أخلاقيا. ويخبرنا سوق الإشاعة ،أنها تتأثر بحجم ومكانة الشخص المشاع عليه، فكلما كان ذو مكانة ومسؤولية رفيعة،كلما كان حجم الاشاعة ضده كبيرا، وكان أصحابها ، في المقابل، منهزمين، وصوليين، بدون أخلاق و ذمة ،و مجدين في توظيف كل الوسائل الخبيثة للوصول إلى مآربهم،
يأتي هذا الكلام في سياق تصاعد ظاهرة اللغط التي رافقت الانتخابات التشريعية والإقليمية والمحلية الأخيرة بسيدي قاسم واتهام عناصر الإدارة الترابية الإقليمية بالضلوع في إفساد نتائجها.
وإذا كانت للإشاعة أوجه ودروب كثيرة ،فللحقيقة وجه واحد ووحيد، وإن كانت دائما منشغلة بارتداء حذائها بينما الاشاعة تصل إلى أهدافها بسرعة الضوء وتحقق النتائج المرجوة منها بكل سلاسة. وجه نرى من خلاله السيد عامل إقليم سيدي قاسم أنه رجل التوازنات، قريب من كل الأطياف السياسية، لا يحسن ارتداء الأقنعة و لا النظارات السوداء كلما تعلق الأمر بالتصدي لاختلال ما او معالجة تظلم ما، متقي،يخاف الله ، هادئ، متفاني في عمله، مخلص لمبادئه الوطنية، مستمر في طريق إبهار المناوئين المقنعين بقناع الحب والإخلاص، قبل محبيه، بتعففه وأخلاقه العالية وإنصافه وتوقيره للمال العام، حافظ ،منذ أن وطئت رجلاه أبواب العمالة، على ألا تدخل بطنه أي قطعة من عجين السحت.
وككل وافد جديد على الإدارة الترابية بأم الوزارات، جاء محملا بالعديد من الأماني والتطلعات في الإصلاح، فنجح في مجالات ولم يحالفه الحظ في مجالات أخرى، لكن هذا لا يعني انه استسلم ورفع الراية البيضاء في مسعاه لاختراق جدار الصمت الذي تحصن داخله هذه المجالات..
وأنا هنا والله ،لا ألعب دور المزمر، ولكني مزمار جاء ليوقظ ضمير هؤلاء الهواة في الممارسة السياسة ، والذين في كل خيبة أمل سياسية يكون دائما رجل السلطة هو ” الحويط القصيور” الذي يسهل تخطيه وتعليق على شماعته كل الانهزامات والإخفاقات. وهذا أمر ليس جديدا بالنسبة لنا ،فقد خبرناه منذ أكثر من عشرين سنة إبان ممارستنا الصحفية، فهم إن نجحوا، فالنجاح ينسبونه لسمعتهم الطيبة ولتفانيهم في خدمة المواطنين ولتواصلهم الدائم معهم،وهم إن أخفقوا فالعامل والكاتب العام والباشا والقائد والخليفة و المقدم هم من تواطأوا لصالح فلان أو علان. .
إن ثنائية “المحاباة والمعاداة” تعتبر معادلة عادلة لوصف نوازع النفس البشرية المجبولة على السعي المحموم نحو ما يخدم الذاتية والفردانية والمصلحة الخاصة.
وهذا المنطق المعطوب هو الذي جعل العامل السيد حبيب ندير عند البعض “حبيبا” وعند البعض الآخر “عدوا”، في حين ان الواقع يفيد أنه كان حبيب الكل، رجل إدارة بامتياز يعرف اين تبتدئ صلاحياته واين تنتهي، رجل يعامل الكل على قدم المساواة.
معنى ان يرمي مثل هؤلاء السياسيين رجال السلطة بإفك التواطؤ والتزوير وبيع المباراة لجهات معينة، معناه أن هؤلاء الصناع لمثل هذه المشاعر السياسية لاستذرار عطف المواطن و الظهور بمظهر المظلوم والمعتدى على حب المواطن له ، انهم جاؤوا من صلب سياسي طاهر نقي وأنهم مستقيمون ،مؤمنون بما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج، مترفعون عن كل ما يفسد المسار الديمقراطي للدولة ،وعن سرقة أموال دافعي الضرائب..، لكن الواقع يفيد غير ذلك ،فهم ضالعون في تقمص شخصية الشيطان في كل ألاعيبه ودسائه ومكره ، حيث لا تعنيهم لا عفة و لا شرف و لا كلمة حق و لا خط سياسي مستقيم واضح المعالم، فهم كأوراق القصب حيث ما هبت رياح مصالحهم مالو معها، ومن أجل غاياتهم السياسوية، فكل الطرق تصبح عندهم مشروعة، لانها ضرورية في وعيهم الأخلاقي.
عندا أتأمل في البنية الذهنية والأخلاقية لهؤلاء السياسويين الذين جاءت بهم انتخابات 8 شتنبر،أكاد أصاب بالغثيان، لدرجة أختال ان الدولة لها حسابات ما مع سيدي قاسم و هي تنتقم منها بترك هكذا كائنات سياسوية تغزوا جماعاتنا الترابية والإقليمية و تختلس الجلوس على المقاعد البرلمانية باسمنا..
لكل هؤلاء أقول : “إن العامل،كما بقية رجال السلطة في الإقليم، مغادر لا محالة لسيدي قاسم وإقليمهما ،سواء جعلتم منه حبيبا او عدوا، لكن أنتم من ستحاسبون بأن أفعالكم كانت تشبه أعمال العصابات الإجرامية وأنكم حصدتم الأخضر واليابس، ودفعتم بالإقليم إلى أن يعيش هذه الإقامة القسرية في رحاب الفقر والتهميش ، ستحاسبون إذا ،كما يحاسب أباؤهم وأجدادكم اليوم”.
وخير ما اختم به ما أجاب به الفاروق عمر ابن الخطاب عندما سئل عن أسباب خراب القرى وهي عامرة، حيث قال :
” توشك القرى أن تخرب وهي عامرة .. قيل : كيف تخرب يا أمير المؤمنين وهي عامرة ؟ قال : إذا علا فجارها أبرارها وساد القبيلة منافقوها”.
فتاريخ الممارسة الترابية بسيدي قاسم يشهد انه لم تكن لدينا ،كقاسميين، أي مشكل مع كل العمال الذين تعاقبوا على تدبير الشأن الترابي بالاقليم، ابتداء من العامل الجيلالي الصغير إلى الحبيب ندير…، بل كانت مشاكل سيدي قاسم، وإقليمها مع مثل هؤلاء السياسيين المهجنين الذي امتلأ سجلهم الاخلافي فجورا ونفاقا عن آخره.

زر الذهاب إلى الأعلى