طنجة : جهات خفية توزع رخص بالجملة لبيع الخمور ….مطبقة قاعدة “القانون يمنع بيع الخمور بشروط…نحن نجتهد فيها”

زهير الوزاني للمحرر

القليل من يلاحظ أنه وفي طنجة بالضبط انتشرت مؤخرا محلات بيع الخمور بكثرة ، ودلك بمنح رخص جديدة “لحانات وكاباريات وبيسريات ” في أحياء سكنية تعج بالساكنة وأمام مؤسسات تعليمية وقنصليات وتمثيليات ديبلوماسية، وإن كان كل العارفين في عاصمة البوغاز يرون أن هده الرخص توقفت مند حوالي 40 سنة ،وحركتها مؤخرا جهات خفية تنتمي للسلطة ، وتتمتع بالنفود والجاه وبالقرب من مراكز القرار، ودلك بمبالغ مالية تتراوح بين 40 و50 مليون سنتيم للرخصة الواحدة.

ومعلوم أن تجارة بيع الخمور بالمغرب عبر رخص تمنحها الدولة إلى التجار بناء على شروط قانونية، حيث يقضي الفصل 28 من الظهير الملكي الصادر في يوليوز 1967، بمنع بيع المشروبات الكحولية للمغاربة المسلمين أو منحها لهم مجانا: “يمنع على مستغل كل مؤسسة تتوقف على رخصة أن يبيع أو يقدم مجانا مشروبات كحولية أو ممزوجة بالكحول إلى المغاربة المسلمين”، و”يعاقب عن المخالفات للمقتضيات السابقة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد و6 أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”….كل هده الفصول تدهب الى أدراج الريح بطنجة، ومن يستهلك الخمور هم المغاربة المسلمون….

ورغم وجود هذا القانون، الذي يعتبر بمثابة المنظم لبيع الخمور في المغرب، فإن السلطات بطنجة تفضل في بعض الأحيان غض الطرف تجاه المخالفين له، مما يثير استياء واحتجاج الساكنة في بعض الأحياء التي ضاقت درعا من وجود محلات لبيع الخمور التي لا تقفل أبوابها حتى الساعات الأولى من آدان الفجر.

ومن المفارقات الغريبة في المغرب أن القانون ذاته يعاقب الذي يهم “تنظيم الاتجار في المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول”، في حالة العود إلى المخالفة بمضاعفة عقوبة الحبس والغرامة المنصوص عليهما سابقا. ولا يعاقب من يمنح ويمضي على رخص لبيع الخمور داخل أحياء سكنية وبجانب مؤسسات تعليمية، وبالقرب من المساجد والبيوت التي يعمرها أولياء الله…والنمودج”حانة مجاورة لمسجد”أمام بريد المغرب بالبوليفار….وحانة أخرى ثم الترخيص لها قبل أسبوع بالقرب من المدرسة الفرنسية”ليسي رينيو”…وهي التي قد تثير لغط جمعية أباء وأولياء التلاميد من النخب الكبيرة للمغاربة وللجالية الفرنسية والإسبانية.

كما نعلم جميعا أن القانون المغربي يمنع استغلال مكان لبيع المشروبات بجوار الأماكن الدينية أو المقابر أو المؤسسات العسكرية أو الاستشفائية أو المدرسية وفي بنايات للأوقاف وبصفة عامة بالقرب من كل مكان تجب فيه مراعاة الحشمة والوقار، حيث يجب احترام أدنى مسافة الواجب اعتبارها في هذه الحالات بقرار تصدره السلطة الإدارية المحلية.

وضعية طنجة و المغرب في استهلاك الخمور:

يحتل المغرب المرتبة الـ18 بين البلدان الإسلامية المستهلكة للخمور، بمعدل استهلاك سنوي بلغ 1,47 لترا لكل نسمة،وطنجة هي المتقدمة بعد مراكش والبيضاء،حيث يعتبر المغرب متقدما بذلك على كل من تونس وإيران ومصر والسعودية.

وكان مركز بحوث النبيذ والمشروبات الروحية (IWSR) أشار إلى أن المغرب قد استهلك خلال 2010 ما مقداره 117.5 مليون لتر من المشروبات الكحولية، فيما سبق لمنظمة الصحة العالمية أن قالت في تقريرها في فبراير2011 إلى أن معدل الاستهلاك للنسمة المسجل في الفترة ما بين 2000 و2005 يصل إلى نصف لتر للنسمة بالمغرب. يعني أن “المغاربة يستهلكون الخمور أكثر من الحليب ” أي أقل بكثير مقارنة مع الجزائريين والتونسيين الذين يستهلكون 0.7 لتراً و1.09 لتراً على التوالي للنسمة.

وذهب دراسة المنظمة إلى كون المغاربة يفضلون البيرا (50%من مجموع الاستهلاك)، متبوعة بالنبيذ (37%) ثم المشروبات الروحية (13%)

وبالعودة إلى بيت القصيد ، فقد انتشرت محلات بيع المشروبات الكحولية في طنجة بشكل كثيف، ما أثار جدلاً وتبايناً، بين من يدعو لإغلاقها باعتبار أنها تشكل خطرا على شباب المدينة، وبين من يرى أن إغلاقها تقييد وكبح للحريات.وبين من يرى أن هناك جهات خفية بولاية طنجة تسارع الزمن من أجل كسب المزيد من المال عن طريق منح الرخص الجديدة ودلك لضمان تقاعد مريح.

إمام وخطيب إحدى المساجد بطنجة قال إن «انتشار حانات بيع الخمور في طنجة نتيجة ضعف الوازع الديني، والإحباط من الوضع الاقتصادي الذي زرع اليأس، إذ ذهب الكثير من الشباب لشرب وتناول المسكرات».

وبين أن «الحل هو نشر ثقافة تبين أضرار المسكرات معنويا وماديا وصحيا ثم ربط ذلك بالوازع الاخلاقي والوجداني»، مشيرا إلى أن «الأمر مرتبط بإيجاد فرص عمل للشباب لانتشالهم من الوضع المزري إذا قام أهل الشأن بذلك سينحسر هذا الأمر».

ولفت إلى أن «إغلاق الحانات بقرار ارتجالي له عواقب وخيمة إذ سيزداد تعاطيها سرا وبيعها كذلك، وسيلجأ آخرون لما هو أفجع وهو المخدرات فنكون قد وقعنا في محظور أعظم».

فريد من سكان عاصمة البوغاز ، قال : «كانت طنجة من أكثر المدن المغربية تمسكاً بالعادات والتقاليد والتزاما بالدين»، مضيفاً أن : «بعد افتتاح المناطق الصناعية الكبرى ومعها الميناء المتوسطي…كبرت المدينة وكبرت معها المشاكل …. عمت الفوضى وانحل الأمن وانتشر الفساد ، ما أدى إلى انتشار حانات بيع الخمور والكاباريات ومقاهي الشيشة والقمار….وغيرها من الأمور التي يشعر أهل المدينة أنها دخيلة».
وحسب المصدر داته «في السابق كانت أماكن بيع الخمور محدودة ،أما الآن فقد انتشرت بكثرة ووصل الأمر إلى بيعها في السبيرماركيت » وفي محلات كثيرة ثم الترخيص لها مؤخرا من طرف أصحاب القرار وخاصة بمنطقة النجمة التي شهدت “افتتاح 3 محلات لهولدينغ رباطي في سنة واحدة” داعيا الحكومة إلى «التدخل وحظرها واعتبارها من الممنوعات كونها تهدد مستقبل الشباب، حيث أصبح كثير منهم يتعاطى شرب الخمور والمخدرات، وفي حال بقاء الأمر على ما هو عليه ربما خلال الأيام المقبلة ستدخل المخدرات الصلبة إلى المدينة إذا ماشعر الخارجون عن القانون أن هناك تهاوناً وعدم اهتمام من قبل الجهات المختصة بهذه الظاهرة».

كريم من طنجة قال بدوره : «نحن بلد مسلم ومحافظ وانتشار مثل هذه الظاهرة تعد خطيرة على المجتمع الطنجاوي ، ويجب منع انتشارها في المدينة، وأن يتم تخصيص أماكن خاصة لها كما كان سابقاً».مع معاقبة الجهات التي تمنح رخصا جديدا لفتحها.

وبين كريم ، «أننا كمسلمين نراعي من يعيش معنا من الأديان الأخرى لذا يجب أن ينحصر بيع هذه المشروبات في المناطق التي يعيش بها من هم غير مسلمين».

وأضاف «على الحكومة المغربية أن تفرض قيودا وقرارات تحد من بيع هذه المشروبات التي بدأت أضرارها تظهر عندما نشاهد في الشوارع والطرقات كثيرا من الشباب يتسكعون فاقدين الوعي وهم يشربون الخمور وهذا له سلبياته على المدينة وأهلها».

زر الذهاب إلى الأعلى