قرية ولاد موسى جنة الإسمنت ج2: سوق غريب للخضر بالقرية كتاريخ تجاوزه التاريخ بفعل فاعل

المحرر من سلا

 

لا يختلف اثنان ولا يتناطح عنزان كون التنمية الحقة هي التي تنطلق من الجماعات الترابية باعتبارها الأقرب إلى الساكنة وتستمد من هذه الأخيرة شرعيتها من بوابة الانتخابات.

 

ولتفادي التفاوتات المجالية الصارخة بين جماعات تنتمي لنفس المجال الإقليمي، خلص خبراء القانون والاقتصاد المجالي حسب البحث الذي باشره طاقم المحرر بمواقع إلكترونية متخصصة إلى ضرورة اعتماد نظام وحدة المدينة أسوة بالمشرع الفرنسي، فكان أن أفرز الأمر تجميع عدة جماعات مستقلة سابقا في جماعة واحدة بميزانية موحدة ووسائل مدمجة بهدف ضمان تنمية ترابية سماتها التوازن في تجهيز المجالات المتمايزة داخل الجماعة الموحدة وعقلنة الموارد وترشيد النفقات حتى يتدارك الفارق فالتجهيز الذي بدا صارخا.

 

ولأن مدينة سلا تمتعت بموجب الميثاق الجماعي لسنة 2002 بنظام المقاطعات باعتبارها من المدن الست الكبرى التي تتجاوز ساكنتها 750 ألف نسمة، فإن نطاقها الترابي يشمل 5 مقاطعات كانت تشكل قبلا جماعة حضرية مستقلة متفاوتة التجهيز، وضمنها مقاطعة احصين التي تحتل قرية أولاد موسى جزأها الأكبر لكونها من أكبر المناطق كثافة وجذبا للهجرة الداخلية بالمغرب.

 

هاته القرية اسما والمدينة المتسارعة نموا حد الثخمة لم يكن حظها بعد انتشار الاسمنت كانتشار النار في الهشيم إلا فتات الفتات من حيث الميزانية المعبأة مقارنة مع الموارد المستخلصة منها لكونها أكبر قطب تجاري وخدماتي بالمدينة، فلا الطرق طرق بها ولا الإنارة بها تتميز عن الظلمة ولا سوقها يسر الناظرين.

 

هذا السوق المسمى سوق غريب للخضر الذي يحتاج لوحده لأجزاء من هذه السلسلة يعكس صورة ملخصة يمكن تفصيل مشاهدها بجولة سياحية عبر التجار عن استعدادهم ليشكلو دليلا ومرشدا للقيام بها.

 

فما إن وطئت قدما موفد جريدتنا ذاك السوق حتى قفز عن يمينها جرذان وعن شماله قطان بينما حجب الباعوض وحشرات أخرى عن عينيه وضوح الرؤية، أما أنفه الذي انغلق من تلقاء نفسه فشم رائحة هي مزيج بين انبعاثات القمامة ومخلفات الأزبال وعصير النفايات.

 

وفي معرض استفسار بعض التجار مساء يوم تقل فيه الحركة التجارية الراكدة أصلا لعوامل يتم بسطها في أجزاء قادمة، أشعر مراسلنا أن حرص التجار على سلامة الزبائن يجعلهم يتسوقون سلعهم بالجملة صباحا ويستنفذوها مساء نفس اليوم تفاديا لتسممها بقضم الجردان التي يفوق عددها سكان القرية انفسهم، ولو كلف الأمر بيعها بالخسارة، وهو حرص حسب نفس المصدر يوازيه صمت غير منطقي من جانب المجلس الجماغي الذي لا يتوانى عن تجاهل اختصاصته في مجال تنظيم الأسواق وضمان حق المرور وكافة تدابير الشرطة الإدارية بتواطئ عاطفي مع عناصر السلطة المحلية.

 

و يفتقد السوق إياه لكل المرافق الصحية وأدناها مرحاض عمومي، بينما تغلق جميع منافذ السوق بالباعة الجائلين ويصبح الولوج إليه والخروج منه بمثابة حرب تحرير تكلف أحيانا خسارة ما في الجيب نتيجة عيون متربص وأنامل خفيفة منتشلة.

 

ولتقريب الصورة فما أشبه السوق بمقديشيو وهي لا تزال تحت وطأة القصف الجوي الأمريكي، علما أنه من أقدم أسواق المدينة ولم يسبق ترميمه إلا بجهد خاص للتجار سنة 1999 للسماح بفتح طريق مزفتة وأصبحت حالتها اليوم زفتا، فكانت نتيجة الترميم تقليص مساحة “العشش” واستبدال القصدير بالزنك المقصدر، بينما رمم المجلس الجماعي أسواق جديدة وأحدث أخرى وهم الإيواء باعة متجولين ( سيدي موسى مثلا) بنما تجار سوق غريب بالقرية النظاميون كان من حظهم دواء متقادم كما بينا في الجزء 1، والصور رفقته تلخص بانورما هذا السوق بمرافقه البراقة ومياهه المهراقة وأغراسه الممدة بالحيوية والطاقة، ولنا عودة لموضوع هذا السوق الحافل بالنضال والتهميش والمساومة في الأجزاء الموالية معززة بوثائق الإثبات.

 

1 11 2 1 3 4 5

زر الذهاب إلى الأعلى