قضية لمجرد.. عندما أخطأت الدولة في التعامل مع الفتى المدلل

 

مصطفى الفن
(موقع آذار)

 

 

أعترف أني لم أصدق، في البداية، خبر اعتقال الفنان المغربي سعد لمجرد في قضية اغتصاب جديدة بفرنسا إلا بعد أن نزل الخبر بوكالة الأنباء الفرنسية وببعض الصحف الرصينة في بلد “الثورة” و”الأنوار” و”الحرية” و”القضاء النزيه”.

 

 

لم أصدق الخبر لأني كنت أعتقد أن نجل البشير عبدو ونزهة الركراكي استوعب الدرس وأخذ العبرة وتاب إلى الأبد منذ “ورطة” الواقعة السابقة.

 

 

وأقصد هنا الواقعة التي اتهم فيها هذا الفتى المدلل، قبل سنتين، باغتصاب شابة فرنسية بعد أن استدرجها إلى فندق كان ينزل فيه استعدادا لإحياء حفل فني هناك بباريس.

 

 

ورغم أن هذه القضية ما زالت لم تضع أوزارها أو بالأحرى ما زالت لم تضع سوارها القضائي بعد..

 

 

ورغم أن “بطل” هذه الواقعة قضى أكثر من ستة أشهر رهن الاعتقال داخل أسوإ السجون الفرنسية..

 

 

نعم، رغم كل هذا الذي وقع في تلك الواقعة، ها هو لمجرد يضرب من جديد ويسجل ضد بلده مرة أخرى من نفس الزاوية الضيقة، إذ اغتصب ضحية جديدة دون انتظار أن تندمل ندوب وجراح ضحيته الأولى.

 

 

وكم حزنت لبعض التعليقات التي التمست العذر للمجرد وحاولت تسويغ الجريمة بدعوى أنه فعل فعلته هذه لأنه كان فاقدا للوعي تحت تأثير المخدرات.

 

 

والواقع أن تناول المخدرات ليس ظرف تخفيف يدعو إلى التعاطف مع المغتصب ضد ضحاياه. إنه ظرف تشديد، بنص القانون وروحه، في مثل هذه الحالات.

 

 

وظني أن لمجرد “امتهن” الاغتصاب ليس لأنه غير قادر على التحكم في نفسه الهائجة بفعل الإدمان على مسحوق الكوكايين وغيره من أنواع المخدرات.

لا.

 

لمجرد جعل من الاغتصاب هوايته المفضلة لأن هذا الولد أصبح يعتبر نفسه فوق المحاسبة وفوق القانون ما دامت هناك دولة تقف إلى جانبه وعلى أتم الاستعداد للدفاع عنه حتى لو كان الثمن غاليا من سمعتها الحقوقية.

 

وليس هذا فحسب، بل إن لمجرد أصبح يرى أن اغتصاب أي فتاة هو حق من حقوقه “المدنسة” فقط لأنه غنى للملك أو لأن الملك وشحه بوسام أو انتدب له محاميا كبيرا أو تكفل بمصاريف والديه بالفنادق الفاخرة في العاصمة الفرنسية.

 

 

وأنا شخصيا، أعتبر هذا العطف الاستثنائي، الذي خصت به أعلى سلطة في البلاد سعد لمجرد، رغم حساسية التهمة الثقيلة المتابع بها، هو التفاتة نبيلة وتعامل في منتهى السمو والرقي.

 

 

وكان على لمجرد أن يقدر هذه الالتفاتة الملكية النبيلة حق قدرها لا أن يمسح بها الأرض ويجرجرها فوق التراب بلا اعتبار ولا وقار ولا تقدير لواهبها.

 

 

وكم هو محرج للجالية المغربية أن يصبح المواطن المغربي، في أذهان الفرنسيين والأوربيين، إما أنه إرهابي مثل عبد الحميد أباعود وإما أنه وحش مغتصب مثل سعد لمجرد.

 

 

وسامح الله بعض المسؤولين في الأجهزة لأنهم لم يضعوا بين يدي الملك الصورة القلمية الحقيقية لسعد لمجرد قبل توشيحه بالوسام الملكي.

 

 

وهذه الصورة القلمية، في نظري، لا ينبغي أن تقف عند تقرير أمني بمعلومات عادية بل لا بد من تقرير يشمل حتى العادات السيئة للموشح ونزواته التي قد تنتقل إلى الفضاء العام فتخدش صورة المشترك الوطني.

 

 

وهذا ما وقع بالضبط في قضية لمجرد الذي تم تسويقه على أنه نموذج للشاب المغربي الناجح، وما على باقي الشباب من أقرانه إلا أن يحتذوا به!

 

 

لكن كل الحقائق على الأرض تقول عكس ذلك تماما. إذ كل المقربين من لمجرد يروون قصصا مثيرة عن سوابقه واعتداءاته الجنسية المتكررة على الفتيات دون أن “تصل” إليه يد العدالة الطويلة.

 

 

ولا أعتقد أن شابا، بهذه الخصال العدوانية والمرضية ضد المرأة، يستحق أن يكون نموذجا حسنا ومثاليا للشباب المغاربة.

 

 

أكثر من هذا، فلمجرد لم تسلم منه حتى نفسه التي اختار أن “يقتلها” ببطء من خلال إدمانه المرضي على استهلاك كل أنواع المخدرات التي تجرمها كل قوانين الدنيا.

 

ثم إن تعليق الوسام الملكي على صدر أي فنان أو أي شخص آخر هو مسؤولية لها ثقلها ولها وضعها الاعتباري الخاص.

 

 

بمعنى أن الوسام ينبغي أن يعطى للذين أعطوا أشياء ذات قيمة للوطن لا أن يعطى للذين صفعوا الوطن وأساؤوا إليه.

 

 

وبلا شك، فلمجرد صفع الوطن وصفع المغاربة وصفع الفن المغربي وصفع رموزه الكبار.

 

 

لماذا؟

بكل بساطة لأن هذا الشاب المدلل جدا فشل، فعلا، في أن يكون “منتوجا مغربيا” مثل العديد من الفنانين المغاربة الذين رسموا صورة مشرقة عن البلد.

 

 

بقي فقط أن أقول. إن حل مشكل لمجرد يوجد داخل منزل والديه وعلى “الكوبل” البشير عبدو ونزهة الركراكي أن ينتبها قليلا إلى ابنهما لأن الاعتداء الجنسي على بنات الناس واغتصابهن ليس مدعاة للفخر والتباهي. إنه مدعاة للخجل. والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى