الحقاوي تحرم العديد من الأطفال المعاقين من الدراسة

المحرر ـ متابعة

تضمنت تعديلات جديدة أدخلت على دليل مساطر وشروط دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، الممول من صندوق التماسك الاجتماعي، شروطا تعجيزية أربكت عمليات تسجيل وتعليم هذه الفئة الهشة من المجتمع، من بينها فرض بطاقة “راميد”، والاستغناء عن شهادة الاحتياج التي كان معمولا بها من قبل. وأعرب عاملون مدنيون في مجال الإعاقة عن قلقهم من هذه التعديلات التي تشكل، حسبهم، إجهازا صارخا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفائدة هذه الفئة الهشة، وتتناقض جملة وتفصيلا مع الخطاب الرسمي ومواد الدستور، خاصة المادة 34 التي تحث السلطات العمومية على وضع سياسات تيسّر تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع، وتعمل على ضمان الحماية الكاملة لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة من خلال ما نصت عليه ديباجة الدستور التي تحظر التمييز على أساس الإعاقة.

ووفق يومية “الصباح” فقد أكد علي رضوان، رئيس جمعية آباء وأصدقاء المعاقين ذهنيا، أن إلزام الأسر (التي تسعى لتمدرس أبنائها في وضعية إعاقة من خلال الجمعيات) ببطاقة “راميد” وتوقيف العمل بشهادة الاحتياج المعمول بها منذ عقود، سيضرب في الصميم حقها في تمدرس ورعاية أبنائها، كما يؤكد أن واضعي هذا الشرط غير ملمين بالواقع اليومي لهذه الأسر التي تعيش الهشاشة بكل تجلياتها، وتضطر للجوء إلى خدمات الجمعيات، بسبب عدم قيام الدولة بتقديم هذه الخدمات بصفة مباشرة.

واضاف رضوان إن إلزامية التوفر على بطاقة “راميد” شرط تعجيزي، خاصة بالنسبة إلى الأسر التي يعيلها أشخاص يشتغلون بالحد الأدنى للأجور، والمصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ما يحرمهم، عمليا، من الاستفادة من خدمة المساعدة الطبية للأشخاص المعوزين (راميد).
وحتى في حالة فقدان المعيل للشغل ودخوله إلى البطالة، لا يمكن الاستفادة من هذه البطاقة، لأن اسمه مازال مدرجا في لوائح الضمان الاجتماعي باعتباره من المصرح بهم الذين لا يمكنهم الحصول على “راميد”.

واستغرب رضوان حذف شهادة الاحتياج التي كان يستفيد منها أشخاص في وضعيات اجتماعية مماثلة وتمكن أبناؤهم بالتالي من الاستفادة من خدمات الجمعيات في مجال الإعاقة، علما أن هذه الشهادة لا تعطى لأي أحد، إلا بعد أن تخضع إلى أبحاث قبلية صارمة قبل تسليمها من قبل السلطات العمومية إلى طالبها.

وتساءل رضوان عن المفارقة “اللامفهومة ” بين قبول طفل غير معاق في المدارس العمومية دون شرط ولا قيد وبلا شهادة الاحتياج ولا بطاقة “راميد”، في حين يوضع هذا الشرط المعرقل في وجه الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم الأحوج من غيرهم إلى تيسير تمدرسهم. وقال إن مثل هذه التدابير غير المحسوبة من شأنها إفراغ الإستراتيجية والبرنامج الحكومي في مجال النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة من محتواه، كما من شأنها حرمان الأطفال المعاقين من حقوقهم الدستورية التي ترعاها مبادئ ومقتضيات الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادقت عليها المملكة المغربية مع برتوكولها الاختياري.

وأضاف المصدر نفسه، أنه لم يعد مقبولا التعامل مع ملف الإعاقة بمقاربات تقنقراطية جافة بعيدة عن الواقع الذي تكتوي بناره أسر الأطفال المعاقين، كما لم يعد مسموحا التلويح بفزاعات الأزمة المالية الخانقة لصندوق التماسك الاجتماعي. وقال رضوان إن الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة وكذا التحالف بجهة البيضاء سيعقدان اجتماعات طارئة لتدارس هذا المستجد واتخاذ ما يرونه مناسبا من قرارات لحماية حقوق الأطفال المعاقين المنصوص عليها دستوريا في الصمت المطبق من قبل الحكومة والبرلمان.

وشدد رضوان على أن دعم تمدرس الأطفال المعاقين لا يجب أن يخضع للمزايدات السياسوية والحسابات الضيقة ولا يجب حصره في صندوق حان الوقت لتقييمه، بل إن هذا الدعم هو فرض عين على الحكومة، وكانت اعتماداته، تقتطع سابقا من ميزانية الوزارة الوصية أو كتابة الدولة.
وعبر المصدر عن أسفه أن الجهات الوصية لا تقدر جهود الجمعيات الجادة في القيام بدور كبير محل الدولة في مجال تمدرس الأطفال ورعايتهم، ورعاية حتى أسرهم التي تعاني الهشاشة.

زر الذهاب إلى الأعلى