هل يرثق نبيل بنعبد الله بكارة حزبه بعدما افتضها اخوان بنكيران

المحرر الرباط

 

لا شك أن الخرجة الاعلامية الغير مسبوقة من طرف نبيل بنعبد الله الامين العام لحزب الكتاب، كانت مقصودة و محسوبة العواقب، خصوصا و أن الرجل تعمد مواجهة شخصية تنتمي للمحيط الملكي، ويمنعها هذا الانتماء من الانحياز لأي طرف سياسي، منذ أن قدم الهمة استقالته من حزب الاصالة و المعاصرة، معلنا عن ابتعاده عن كل ما هو سياسي، و هو ما ظهر بالفعل بعدما اختفى عن الانظار، و توقف عن مساندة أي تيار سياسي في بلادنا.

 

وأن يتبنى رئيس حزب شيوعي، موقفا مصدره اسلاميو المغرب، محاولا الانضمام الى حلف “مناهضي التحكم”، فهذا لا يمكن أن يبرر الا بمسألة واحدة مضمونها محاولته البقاء على مثن سفينة نوح، التي يعتبرها بنعبد الله السبيل الوحيد نحو النجاة، بعدما نزلت شعبيته الى اسفل سافلين، و لم يتبقى له سوى كتائب البيجيدي كوسيلة لترقيع بكارة حزبه التي افتضها صقور هذا الحزب، بعدما استطاعوا اغراءه و تأكد المواطنون من أن حزبه لا يتبنى أي فكر سياسي بقدر تبنيه لسياسة “الغاية تبرر الوسيلة” من أجل الوصول الى الوزارات.

 

بعض المعلقين الظرفاء على خرجة بنعبد الله، أشاروا الى أن هذا الاخير يسعى الى ابتزاز الاشخاص، بعدما أعلنت عدد من المنابر الاعلامية عن افلاسه، عقب خسارة على طاولة القمار كلفته مبلغ مائة مليون سنتيم، مؤكدين على أن التحكم و ان وجد فعلا في الساحة السياسية، فلا يمكنه أن يقامر بهذا المبلغ الذي قد يساهم في اقتناء أكباش العيد لآلاف الاسر المعوزة، و موضحين أن هذا الخبر يعتبر مصدرا للاستفسار عن مدى نجاح نبيل في تدبير سياسة المدينة، في وقت لم يستطع فيه حتى تدبير أمواله التي يصرفها على القمار، والله أعلم ان كان الامر يتعلق فعلا بأمواله ام بأموال سياسة المدينة.

 

بنعبد الله الذي هاجم الهمة، و اتهمه بالتحكم، في محاولة للتمسح بضريح الراحل “الدكتور الخطيب”، يعي جيدا أن حزبه قد اصطف الى جانب الاحزاب التي لا تظفر الا بمقعد أو مقعدين خلال كل موعد انتخابي، و هو ما جعله يفكر في الارتماء في أحضان العدالة و التنمية، لعل بنكيران يفوز بولاية حكومية ثانية، فيبقي عليه كوزير من شأنه أن يقامر بالمال كما يشاء، و لو أن ذلك تطلب اعلانه عن الجهاد في افغانستان فلن يرفض الفكرة شريطة الابقاء عليه في وزارة تضمن له راتبا سمينا لمدة خمس سنوات.

 

 

وتعتبر خرجة بنعبد الله الاخيرة، أكبر دليل على أن هذا الرجل لا يتمتع باستقلالية تامة، ولازال يعيش على وقع التبعية، في وقت لم يتصمن فيه الحوار الذي أجراه مع الايام، سوى التكرار لكلام عبد الاله بنكيران و صقور حزبه، بعدما كسدت تجارتهم في الدين، و فطن المواطن الى أن المصباح لم يكن في يوم من الايام حزبا اسلاميا كما ادعى مناضلوه منذ تأسيسه، و لو أن حسابات بنعبد الله خلصت الى توقع فوز الليكود الاسرائيلي في الانتخابات، لاتهم بنكيران بالتحكم، تحت شعار “عاشت الجهة الغالبة”.

 

بلاغ القصر الذي جاء كتعقيب على هرطقات نبيل بنعبد الله، تضمن توضيحات صريحة، أماطت اللثام عن الحقيقة، و كشفت المسافة التي تبعد مستشاري الملك الذين ينتمون لحزب سبق لجلالته و أن أعلن عنه في خطاب سابق، و هو “حزب الوطن”، عن السياسة و فلكها، بل أن تعقيب القصر كان أكثر ديبلوماسية من بنعبد الله، و أعرب عن احترامه لحزب الكتاب، مشيرا الى أن تلك التصريحات، لا تعني سوى صاحبها الذي و على ما يبدو، فانه مستعد لارتداء جلباب الفقيه، فقط من أجل البقاء في منصب وزير.

 

جريدة الايام التي نشرت الحوار، وبعد الضجة التي أحدثها، اكتفت بالاشارة الى أن الامر لا يغدو أن يكون سوى خطأ غير مقصود في حوار نبيل بنعبد الله عند قوله: “مشكلتنا ليست مع الأصالة و المعاصرة كحزب، بل مشكلتنا مع من يوجد وراءه ومع من أسسه، وهو بالضبط من يجسد التحكم”، وأضاف الموقع: “الصحيح، أن الأمر يتعلق بفكرة التأسيس و المؤسسين و ليس عبارة ‘المؤسس’كما أوردت الجريدة”، ما يعيد فتح النقاش حول خبايا هذا الموضوع الذي لا يعلمها سوى بنعبد الله و من يدقق في المواضيع قبل نشرها على صفحات هذه الجريدة.

 

و حتى و ان كان الامر يتعلق بخطئ غير مقصود كما حاولت الايام تبريره، فما يجب على بنعبد الله أن يدركه من دروس و عبر، هو أن من ارتمى في أحضانهم بالامس، هم السبب في تضخيم هذا الامر، و هم من وضعوا تصريحاته في غير محلها عبر صفحات الفرسان و القنديلات، حتى تحول بنعبد الله الذي من المفروض أنه خطأ سياسي داخل الحكومة، الى “رجولة” بمقدوره مواجهة “التحكم”، و ها هم اليوم و من خلال صفحاتهم الفايسبوكية،  يستعملونه كبيدق لمهاجمة القصر، محاولين ايهام الراي العام بحرب يشنها الهمة على بنعبد الله بسبب تصريحاته.

 

و في ظل عدم ادراج جريدة الايام، لرابط التدقيق الذي ادعت نشره في يوم صدور الحوار، يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه، للتعليقات و التساؤلات، و استفهامات المتتبعين، الذين أكدوا على أن تعقيب الجريدة على هذا الموضوع لا يتجاوز صفقة بينها و بين الوزير، بعدما تأكد من أنه قد وقع في فخ الاسلاميين، الذين لم يتجرأ ولا واحد من بينهم على تسمية الهمة و ربطه بما يسمونه تحكما، فكان سياسي المدينة كبش فداء كلف حزبه الكثير، بعدما وثق في أصحاب اللحي ظنا منه أن قدرة لسانهم تعادل فعلا قدرة ذراعهم، و من يدري، ربما يطل علينا بنكيران في القادم من الايام، بتصريحات يتبرؤ فيها من بنعبد الله.

 

اليوم و نحن نتابع بنعبد الله و هو يقحم المحيط الملكي في العراك السياسي الحالي، نستحضر الخرجات المجنونة لحميد شباط، ونتأسف على الوقاحة و الدناءة التي آل اليها المشهد السياسي في بلادنا، كما نعتزم اقامة صلاة الجنازة على السياسة في بلادنا بعدما انتهت بها الايام بين أيدي الانتهازيين، و في انتظار ما ستسفر عنه الايام القادمة لا يسعنا الا أن نشكر نبيل بنعبد الله الذي بفضله استطعنا أن نعي حقيقة حزب لا حول ولا قوة له.

زر الذهاب إلى الأعلى