زاكورة : ثورة العطش من جديد

المحرر : سعيد السباك

 

 

يبدو أن الإستثناء الذي تشكله تلك البقعة المنسية في الجنوب الشرقي، أكبر بكثير مما يمكن تصوره، فثورة العطش لم تأثر أبدا في تعامل المسؤولين هناك بزاكورة مع الخصاص الحاصل في الماء الشروب، والأشهر التي قضاها مناضلون قالوا لا للعطش بهذا الإقليم، لم تشفع لباقي الساكنة هناك بأن يحصلوا على ماء يروي عطشهم وعطش بهائمهم ويقيهم بعض من قيض الصيف هناك، فتلجأ المجالس المتخبة لأساليب خبيثة لتخطي الأزمة فيعودوا مرة أخرى لسابق عهدهم مرة أخرى، غير آبهين بحق المواطن هناك.
جماعة أولاد يحيى لكراير إقليم زاكورة، تلك الجماعة التي شكلت هذه السنة استثناءا سيئا على المستوى الوطني وذلك لما شهده مجلسها المنتخب المكون من 17 عضو، حيث ما تزال قضية أحقية رئاسة المجلس عالقة بالقضاء ليفصل فيها و الدعوة مرفوعة ضد وزير الداخلية. فيما شاع بين الناس ما يحاك من مؤامرات ضد “الساكنة” التي تحتج حتى لا يتم الكشف عن حجم الفساد هناك وعن المدى الذي وصل إليه تبدير المال العام هناك بشتى الطرق، ليكون المواطن في آخر المطاف هو الضحية، ويترك في عز الصيف بلا ماء صالح للشرب، ويستنجد بالحمير لإنقاذ ما تبقى من حياته وحياة بهائمه.
إلا أن الأوضاع أكثر قتامة وتأزما في هذه الجماعة القروية التابعة لإقليم زاكورة، أكثر بكثير مما يمكن تصوره، حيث يسمع المواطنون هناك عن مشاريع بملايين الدراهم من حفر لآبار و كذا الطاقة الشمسية، في حين تركوا ليواجهوا مصيرا مجهولا هم وأبناءهم و بهائمهم وما يحتاجونه يوميا. كيف لنا في مغرب التنمية، أن نتصور وضع متدهورا لهذه الجماعة المغلوب على أمرها، بكركيز تدعي “تسيير” الجماعة، والسهر على مصالح الساكنة، أي تسيير هذا الذي يحرم الناس الماء الشروب؟؟؟؟؟؟أي تسيير يضطر الناس للاستعانة بطرق تقليدية تجعلهم يقضون جل يومهم في البحث عن كمية من الماء تلبي حاجياتهم الأساسية. فالتزود بالماء في هذه المناطق يتطلب قطع مسافات طويلة على الدواب أو باستعمال الدراجات النارية أوسيارات نقل البضائع من أجل البحث عن هذه المادة الحيوية في بعض المناطق التي لا تزال آبارها تجود على الساكنة بمياهها الصالحة للشرب على الرغم من قلتها.
إن تفاقم هذا المشكل على الرغم من المعارك النضالية التي قادتها الساكنة هناك، والحناجر التي بحت مطالبتا بماء شروب، بعد أشهر من السجن التي قضاها أطفالا في مقتبل العمر، دليل واضح على فشل هذه الكراكيز السياسية التي استهوتها المصالح الشخصية الضيقة، والتي تطبل لجهات عليا لا تعلم أصلا بوجودها. آن الأوان أن تعترف هذه الفئة التي نصبت نفسها على رؤؤس العباد وضيعت حقوقهم ولم تراعي فيهم دين و لا ملة. وتعترف في المجالس التي وعدت الناس بالماء في عقر دارهم، أن تعترف أن هذه الوعود ما هي إلا محاولة خسيسة لدر الرماد في أعين العباد.
جماعة أولاد يحيى لكرير، عنوان الفقر و التهميش و الفساد.
سعيد السباك

زر الذهاب إلى الأعلى