ما نصيب الشخص المعاق من السياسات العمومية بإقليم إفران ؟؟

عبد السلام أقصو

 

لقد نص الفصل 34 من الوثيقة الدستورية 2011 ، على ما يلي : تقوم السلطات العمومية بوضع و تفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ولهذا الغرض تسهر خصوصا على ما يلي : (…) إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ، أو حسية حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية و تيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع . وجاء قانون 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها موضحا و مبينا، للحقوق المنصوص عليها في المادة الدستورية سالفة الذكر (…). فهل عملت السلطات المعنية على تفعيل المادة الدستورية لحماية حقوق و مكتسبات 1.5 مليون معاق ؟؟

 

لقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 34 من الدستور، بواضح العبارة على ما يجب على السلطات العمومية أن تقوم به صوب الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أصنافها و تجلياتها ، بتسخير كل الآليات و الوسائل المتاحة من أجل ضمان حقوقهم المدنية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والرياضية والترفيهية ، بالإضافة إلى تيسير تمتعهم بجميع الحقوق المعترف بها دون قيد أو شرط .

 

لقد أشارت المادة الأولى من قانون 97.13 إلى الهدف الذي بموجبه تم سن القانون و تفعيلا كذلك للنص الدستوري ، المادة القانونية التي أشارت إلى ضرورة ضمان حماية فعالة لحقوق و حريات الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها ، والوقاية من أسباب الإعاقة و تشخيصها والتحسيس بضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الإصابة بها ، و تأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة وإعادة تأهيلهم من أجل تمكينهم من بلوغ اكبر قدر ممكن من الاستقلالية في حياتهم والاستفادة من مؤهلاتهم من خلال تعزيز قدراتهم و إمكاناتهم و تحقيق مشاركتهم الاجتماعية ، وجاءت المادة 3 من نفس القانون والتي تنص على الحماية القانونية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة و التي يجب على السلطات العمومية حمايتها ، والتي تهم بالأساس احترام كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة ، وعدم التمييز على أساس الإعاقة ، ضمان مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع الأنشطة ، تكافؤ الفرص ، تيسير الولوج إلى مختلف الفضاءات والخدمات العمومية المساواة بين الذكور و الإناث في وضعية إعاقة (…).

 

لقد أشار البحث الوطني حول الإعاقة إلى تواجد مليون و نصف من المواطنين في حالة إعاقة، أي بما يعادل أسرة من بين أربع أسر تضم شخصا معاق ، وان شخص واحد من بين 100 شخص يستفيد من التغطية الصحية ، وان 71.8 بالمائة من الأشخاص في وضعية إعاقة غير متمدرسين ، 88.6 من الأشخاص في وضعية إعاقة تجاوز عمرهم 15 سنة لا يمارسون أي نشاط مهني أي في وضعية عطالة.

 

إذا كانت المادة الدستورية واضحة المعاني و العبارات من حيث القراءة الأدبية والنقدية و التحليل القانوني الدستوري ، فإن التفعيل على أرض الواقع يبقى رهين الإنجازات بعيد إصدار المادة الدستورية ، والتي تؤكد بالواضح و الملموس غياب الأشخاص ذوي الإعاقة عن أي مخطط تنموي بإقليم إفران ، و عن أي رؤية اندماجية تشرك الشخص المعاق في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، لغياب الآليات و الوسائل و كذا الولوجيات ، بالإضافة إلى غياب دور الوزارة الوصية على القطاع بإقليم إفران ، بالإضافة إلى غياب المصالح الاجتماعية الإقليمية عن أي سياسة تستهدف بالأساس الشخص المعاق.

 

إن الشخص المعاق الذي يستفيد بنسبة 1 بالمائة من التغطية الصحية ، يتأثر بضعف الخدمات الصحية والخصاص الطبي المهول الذي يعاني منه الإقليم بأكمله ، بالإضافة إلى ضعف الولوجيات للخدمات الطبية ، في غياب أي تدخل من طرف المندوبية الإقليمية المسؤولة عن القطاع ، تضطر معها بعض الجمعيات المشتغلة في مجال الإعاقة إلى قصد المندوبية الجهوية ، نظرا لغياب التواصل مع المندوبية الإقليمية ، فإذا كانت التواصل غائبا فأي خدمات سيستفاد منها ؟؟.

 

لقد سبق وذكرنا أن 71.8 بالمائة من الأشخاص ذوي الإعاقة غير متمدرسين ، في إقليم إفران قد يفوق الرقم ، نظرا لغياب مراكز التكوين و التأطير بالإضافة إلى فصول دراسية خاصة بأنواع الإعاقات مع الفصل فيها دون الحديث عن الأقسام «المدمجة» أو «الدامجة» ، والتي تعود بأثر سلبي في تطوير حالات الإعاقة ، حسب العديد من المختصين .

 

إن ما يؤكد تملص الدولة والوزارة الوصية من مهامها في هذا السياق بإقليم إفران ، إعلان الفاعل المدني بالإقليم ، في ما مضى من الأيام عن حالة إفلاس لعدم استطاعت الجمعيات التكفل بكافة مصاريف تسيير و دفع فواتير و أجور الأطر و الموارد البشرية التي تعمل في مجالات مختلفة (…) ، إلى أن جاء تدخل عامل الإقليم الذي أمر من خلال رسائل عقد دورات إستثنائية للمجالس البلدية بصرف إعتمادات مالية تقدر ب 100000 درهم لكل مجلس ، لتغطية الخصاص و إستئناف المركب الإقليمي للأشخاص في وضعية إعاقة لخدماته الإنسانية .

 

الشخص المعاق بإقليم إفران ، يحتاج و السلطات العمومية حسب نص القانون و الدستور مطالبة بتنفيذ احتياجاته ، ومن أولى المطالب التي تطالب بها هذه الفئة ، هي رفع عقوبة الانتظار على الشخص المعاق في المؤسسات و الإدارات العمومية ، خصوصا في «إدارة الاستثناء الوطني » (عمالة إفران) ، حين يتعلق الأمر بمقابلة إحدى الأطر الإدارية ، أو عامل إقليم إفران نفسه الذي عجز عن مقابلته الأسوياء فكيف للأشخاص ذوي الإعاقة البسطاء، لما تعانيه إدارتهم المبجلة من اختلالات لا يتسع المجال لذكرها .

 

كما يحتاج الشخص المعاق بإقليم إفران إلى مراكز التربية والتكوين المهني ، للاندماج في الحياة العامة و سوق الشغل تراعي متطلباتهم و احتياجاتهم الجسدية والذهنية ، بالإضافة إلى هذا و ذاك فالشخص المعاق يحتاج إلى تبسيط المساطر لتعميم الاستفادة من بطاقة راميد وبطائق التغطية الصحية . بالإضافة إلى الامتياز في الولوج للخدمات العامة وحماية حقوقهم المدنية .

 

إذا أمعنا النظر في إقليم إفران ، واطلعنا على أحوال الأشخاص في وضعية إعاقة ، إلا وبكينا حظنا الشؤم ، عن الوضعية التي يعيشها الشخص المعاق إقليميا ، في غياب الآليات والوسائل الكفيلة بتحسين وضعية هذه الفئة و إدماجها مجتمعيا  و ثقافيا و فنيا ، وكلنا أمل ألا تبقى أحلام الأشخاص ذوي الإعاقة تحت الوسادة ، بتفعيل سياسة جديدة تشترك فيها كل المؤسسات الفاعلة والعاملة بالمجال الاجتماعي لتحسين وضعية الشخص المعاق وإدماجه في المجتمع.

 

كما لا يجب أن ننسى الدور الفعال و الإيجابي، والثقل الذي يحمله الفاعل المدني ، من أجل إحقاق أبسط الظروف و الشروط للتمدرس والتكوين المهني خصوصا فئة النساء بتعليمهن بعض المهن و الحرف ، تضمن لهن دخلا إضافيا محدودا ، بالإضافة إلى المجهودات التي يقوم بها الفاعل المدني ، للترافع على قضايا الشخص المعاق ، وعليه فبذل تقييد الفاعل المدني بالقوانين و الإجراءات والبروتوكولات الإدارية ، وجب على السلطات العمومية تقبيل رؤوس الفاعلين المدنيين المشتغلين في مجال الإعاقة نظرا للإمكانات المحدودة و الإنجازات المتواضعة.

زر الذهاب إلى الأعلى