توفيق بوعشرين: صحافي بنكهة رجل أعمال

سالم باحنيني المحرر

 

عندما نتحدث عن انسان يمارس مهنة الصحافة، فإن الامر يتعلق بشخص مناضل بقلمه، قد يكون غنيا لكن ليس لدرجة الثراء الفاحش، خصوصا عندما يتعلق الامر بصحافي يدعي الدفاع عن الأغلبية الصامتة، و يخوض في عدد من القضايا التي تشكل بالنسبة للرأي العام مادة دسمة يتم تداولها على نطاق واسع.

 

توفيق بوعشرين، مالك جريدة أخبار اليوم، و الصحافي الثري، صاحب العقارات و المشاريع، واحد من الاعلاميين الذين يجسدون سياسة النفاق و الاعتناق، و واحد من الاشخاص الذين يسبحون في المال و يشكون من قلة الحيلة، و لعل المتتبع لصفحته، سيكتشف كيف أن الاخير قد علق على خبر ادانته بالقذف في دعوى قضائية رفعها ضده كل من أخنوش و بوسعيد، محاولا توهيم الناس بأشياء لا توجد الا في مخيلته، و كأن القاضي قد ظلمه أو كأنه ضحية تحالف دولي مسلح.

 

الصحافي الحليف للإخوان سياسيا، و للأثرياء ماليا، نسي أن يضع صورة تعطي مصداقية لما يكتب، و غفل ساعة اليد التي ظهرت في صورة البروفايل على يده، و التي يفوق ثمنها، قيمة الغرامة التي حكمت بها المحكمة لصالح أخنوش و بوسعيد، ما يفيد بأن مبلغ 45 مليون التي يحلم ثلثي المغاربة بالحصول على نصفها، لا تمثل بالنسبة للصحافي المستبصر سوى ساعة يد، ربما يضعها في صورة بروفايل صفحته من أجل “قليان السم” لزملائه.

 

ساعة اليد التي يصلح ثمنها لشراء شقتين في مجموعات السكن الاقتصادي، أكبر دليل على البضخ و الغنى الفاحش الذي يعيشه بوعشرين، و لكم أن تتخيلوا حجم الثروة التي يمتلكها شخص يرتدي ساعة ثمنها يناهز الخمسين مليون سنتيم، هذا دون الحديث عن المسكن الفخم، و الطابقين الذين يكتريهما في قلب العاصمة الاقتصادية للمملكة، بجوار واحد من أفخم الفنادق العالمية، و الذين يتم استغلالهما كمقر لجريدته و لمواقعه الالكترونية، و من ثم التساؤل عما اذا كانت لصاحبنا المصداقية للخوض في أمور المال العام و التنظير في الاقتصاد و السياسة و الدين و الحياة اليومية للمواطن.   

 

توفيق بوعشرين، الصحافي الذي لطالما انتقذ الوزراء و المسؤولين، و تساءل عن مصادر ثروات عدد من السياسيين، قد يشكل موضوعا للنقاش، في وقت يعلم فيه الجميع بأن الاصلاح يبتدئ أساسا من الذات، و قبل مطالبة أي كان من المسؤولين باصلاح أنفسهم لابد من اصلاح النفس أولا، إذ لا يعقل بأن يطالب شخص متسخ، من الناس بالاغتسال…

 

و عند الحديث عن بوعشرين، نجد أنفسنا أمام شخصية إعلامية مليئة بالمتناقضات، و تفتقد للمصادقية، خصوصا عندما نطالع مقالاته الداعية الى التقشف، و مقارنتها بحياته اليومية، و عندما نتابع انتقاداته للمسؤولين و تساؤلاته حول مصادر ثرواتهم، و مقارنتها بما يمتلك من عقارات و طريقته الخاصة في الموضة و الزينة، و لعل الساعة التي يرتديها في الصورة المرفقة بهذا المقال، كفيلة بأن نتساءل عن ثروة صاحبها.

 

الصحافي الذي كان يقطن في حي شعبي بمنطقة القامرة بالرباط، لم يعد كذلك، بل و تحول الى أحد أغنى رجال الاعلام في المملكة، فقد أصبح يرتدي أغلى الساعات اليدوية، و يقتني ملابسه من أفخم المحلات التجارية بالبيضاء و الرباط، و هنا نجد أنفسنا أمام شخص اغتنى في وقت قياسي و استطاع أن يمتلك الملايير بين عشية و ضحاها، لنتساءل نحن المتتبعون للشأن الاعلامي عن مصدر ثروة هذا الرجل الذي ظل يتساءل بدوره عن مصادر ثروات الآخرين.

 

مصادر ثروة توفيق بوعشرين، لا تهمنا بقدر ما تهمنا مقالاته التي يتساءل من خلالها عن مصادر ثروات الناس، تماما كما هو الحال بالنسبة للجمل الذي يعيب على باقي الجمال ظهورها، و هنا لابد من التذكير بأن بوعشرين و حتى التسعينات لم يكن سوى صحافي بسيط بجريدة المساء، يزاول مهنته مقابل أجر لا يتعدى الاجر الذي يدفعه اليوم لأبسط صحافييه، كي نتساءل عن الطريقة التي تمكن من خلالها من الوصول الى الثراء الذي يعيشه اليوم.

 

و لو أن الامر يتعلق بصحافي لا يُنَظر في السياسات العمومية، ولا يتساءل عن مصادر ثروات الآخرين، لابتلعنا لساننا، ولما حشرنا أنفسنا في أشياء لا تعنينا، لكن الدافع الاساسي من وراء هذا المقال، هو أن المعني بالامر هو أول شخص يجب أن يصرح بمصادر ممتلكاته التي تساوي الملايير، على الاقل حتى يضيف لادعاءاته المصداقية، و طالما أن الصور التي ينشرها بوعشرين تدل على أن بطنه ممتلئة اللهم لا حسد، فان البطن الفارغة لايمكن أن تثق فيه حتى و إن جمّدت مقالاته الماء.

زر الذهاب إلى الأعلى