طنجة..هذه خفايا الحرب الغير معلنة بين الداخلية و حزب العدالة والتنمية

المحرر ـ متابعة

أفادت وسائل اعلام محلية، بمدينة طنجة، أنه شكل مفاجئ، طفت على السطح مؤخرا بعض مظاهر التوتر الغير معلن بين محمد اليعقوبي والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، وبعض المؤسسات المحلية المنتخبة وخاصة جماعة طنجة، ومقاطعة بني مكادة، ومقاطعة مغوغة..التي يدبر شؤونها حزب العدالة والتنمية بأغلبية مطلقة .

ومنبع المفاجأة ـ تؤكد المصادر ـ يكمن في التصريحات التي يطلقها من حين لآخر البشير العبدلاوي عمدة مدينة طنجة، والتي يصف فيها محمد اليعقوبي والي الجهة وعامل عمالة طنجة أصيلة ب”ولي من أولياء الله”، وذلك خلال لقاء صحفي على سبيل المثال نظمته الجماعة منتصف شهر فبراير الماضي، حول عرض حصيلة السنة الماضية، لتدبير الشأن العام المحلي، قبل أن يعود ليؤكد هذا الوصف يوم 27 نونبر من السنة المنصرمة خلال لقاء حضره وزير السياحة، وهو ما رد عليه الوالي اليعقوبي برد أحسن منه عندما وصف عمدة طنجة مازحا، بـ”عريس الشمال”، خلال زيارتهما للمعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية المحلية، الذي نظم بطنجة شهر نونبر الماضي.

وحسب ذات المصادر، يأتي هذا التوتر على خلفية احتجاج العشرات من التجار الذين لم يستفيدوا من أربعة أسواق نموذجية للقرب، والتي تم إنجازها في إطار مشاريع برنامج طنجة الكبرى، بعد عملية توزيع المحلات التجارية الأسبوع ما قبل الماضي، حيث يقول هؤلاء أن العملية التي أشرفت عليها السلطات الولائية، شابتها العديد من “التلاعبات”، مطالبين الوالي بالجلوس معهم والاستماع إلى شكواهم .

ويظهر من خلال ردود الأفعال التي أقدم عليها حزب العدالة والتنمية بطنجة، مباشرة بعد عملية توزيع المحلات التجارية بمختلف أسواق القرب بالمدينة، أن الحزب لم يستسغ إنفراد ولاية طنجة بتدبير ملف الأسواق وبالعديد من الملفات الأخرى التي تدخل في اختصاصات العمدة، لترد السلطات الولائية بجموعة من التدابير التي تؤكد أن “التوتر” يطغى على العلاقة بين الولاية والحزب .

ولاية طنجة تنفرد بتدبير ملف أسواق القرب

وأكد المصدر ذاته، أن ولاية طنجة، انفردت  بتدبير ملف أسواق القرب بطنجة، وسط اتهامات بعدم التنسيق مع الجهات المعنية بالملف، وخاصة جماعة طنجة وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالمدينة، حسب القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، ظهر ذلك جليا في العديد من المناسبات والمحطات، فخلال إجراء عملية القرعة للاستفادة من 435 دكان بسوق القرب أرض الدولة بمقر الغرفة الجهوية يوم السبت 23 دجنبر الماضي التي أشرفت عليها ولاية طنجة غاب ممثل جماعة طنجة والغرفة التجارية عن القرعة بسبب عدم رضاهما عن الطريقة التي تعاملت بها السلطة بخصوص هذا الموضوع، وهو ما أكده لاحقا إدريس التمسماني نائب رئيس جماعة طنجة المكلف بالأسواق في تصريح صحفي لموقع حزبه، وقال “إن عدم حضور ممثل للجماعة لمجريات قرعة المستفيدين من دكاكين سوق القرب التي أجريت بمقر الغرفة مرده لعدم اتفاق الأطراف على بعض النقاط”.

وهو ما فصل فيه أيضا موقع الحزب معتبرا على لسان مصادره “أن الأمر يتعلق بعدم اتفاق بين جماعة طنجة والسلطات المحلية التي قامت بإحصاء وتوزيع هذه الاستفادات حول اللائحة النهائية للتجار المستفيدين وإقصاء بعضهم لأسباب غير مفهومة رغم أقدميتهم وإحصائهم وتوفرهم على جميع الوثائق المطلوبة للاستفادة من هذا السوق”.

وقبل ذلك أقدمت السلطات المحلية يوم 28 دجنبر من السنة المنقضية، على هدم سوق بئر الشفاء، وتحت إشراف والي طنجة دون أن يرجع إلى جماعة طنجة للموافقة عبر مقرر جماعي، وهو ما اعتبر خرقا قانونيا بسبب وجود سوق بئر الشفاء في سجل ممتلكات جماعة طنجة، حيث ينص القانون “أن سلطة إحداث وإلغاء أي مرفق عمومي محلي يرجع إلى المجلس الجماعي لطنجة عبر مقرر جماعي يصادق عليه المجلس في أحد دوراته”، وغيرها من المبادرات التي تسير في تجاه “الانفراد” دون التنسيق .

أولى ردود الفعل.. نائب للعمدة ونائب رئيس الغرفة يعلقان

وكشفت المصادر، أن أولى ردود الفعل المثيرة جاءت من مصطفى بن عبد الغفور النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات المنتمي لحزب العدالة والتنمية من خلال تدوينة على جداره الفيسبوكي جاء فيها : “المتابع اليوم لملف طنجة الكبرى والأسواق الجماعية أو أسواق القرب يشاهد ويراقب بأن المجلس الجماعي (صاحب الاختصاص )وفق منطوق المادة 83 من القانون التنظيمى 113-14والغرفة الجهوية للتجارة الممثل الشرعي للمهنيين مجرد ضيوف على البرنامج و”ضيوف ثقال” على الملف وشهود عن بعد لتفاعل البرنامج وتنزيله وأن الفاعل الوحيد والأوحد في الملف هو الطرف الآخر والباقي مكملان لضرورة التنزيل السليم وممارسة الشعور بإحساس الممارسة الافتراضية للصلاحيات والباقي تفاصيل!!!”.

بعد أيام من هذه الخرجة  ـ تضيف المصادر ـ جاءت تدوينة النائب الخامس لعمدة طنجة عزيز الصمدي لتميط اللثام عن العديد من النقاط ، ومما قال فيها أنه “لم يقرر ولم يستشر ولا مرة في شأن الأسواق المستحدثة في إطار برنامج طنجة الكبرى، ولذلك فأي تجاوز أو انحراف أو نكوص نتج عن ذلك تتحمل فيه الجهات التي انفردت بتدبير هذا الملف كامل المسؤولية..”.

وتأتي هذه التصريحات بعد مرور سنة ونصف على ملف الأسواق النموذجية .

فريق البيجيدي بمجلس المدينة يخرج بدوره للواجهة

فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة طنجة بدوره لم يفوت فرصة الاحتجاج، فبعد أن “ثمن أهمية إعادة هيكلة الأسواق الجماعية وأسواق القرب ومأسسة وتنظيم عملها بالمدينة”، دعا “السلطة المحلية المكلفة إلى مراجعة وتدقيق المعطيات المتعلقة بإحصاء ذوي الحقوق والذين طالهم الحرمان من الاستفادة بكل من سوقي أرض الدولة وبئر الشفا، مع الحرص على اعتماد مقاربة ترتكز على معيار الاستحقاق للمستفيدين ومقتضيات الوضوح والشفافية اللازمتين”.

وأكد الفريق الأكبر بمجلس الجماعي لعاصمة البوغاز في بلاغه، على “أن تدبير ملف الأسواق يجب أن يتم بمنأى عن أي مزايدات أو تصفية حسابات وفي إطار من المسؤولية القانونية، و دعوته إلى كل متضرر من عملية التوزيع أو من له معلومة عن استفادة أشخاص غير مستحقين اللجوء إلى المؤسسات المختصة والهيآت المدنية الحقوقية منها والسياسية وغيرها لاسترداد الحقوق المشروعة بما يسهم بإيجابية في مواجهة أي متلاعب بمصالح المواطنين بأساليبه اللاقانونية”.

وقال الفريق إن هذه المواقف جاءت “استحضارا لمسؤولية الأخلاقية والسياسية وقياما بواجبه فيما له علاقة بتدبير الشأن العام المحلي لا سيما البرامج المرتبطة بمشروع طنجة الكبرى”.

إعلام البيجيدي يغطي الاحتجاجات بشكل غير مسبوق

بالموازاة مع المواقف التي يعبر عنها حزب العدالة والتنمية محليا، وبشكل غير مسبوق وغير معهود، خصصت مواقع إلكترونية تابعة أو مقربة من الحزب مساحة واسعة لاحتجاجات التجار المقصيين من الاستفادة من المحلات التجارية بمختلف الأسواق النموذجية بطنجة .

وخصص على سبيل المثال موقع إلكتروني محلي يديره أعضاء الحزب بطنجة العديد من القصاصات والتقارير لهذا الموضوع، كما أنه فتح المجال أمام مقالات رأي حول الموضوع.

ردود فعل السلطات الولائية

صدرت ردود فعل السلطات حتى الآن على ثلاث واجهات :

الواجهة الأولى بدت فيها السلطات الولائية بطنجة غير آبهة بمواقف وصراخ حزب العدالة والتنمية الذي يدبر شؤون المدينة، فقد واصلت فتح المزيد من الأسواق، آخرها سوق القرب بمنطقة بوخالف الذي افتتح صباح السبت 13 يناير الجاري، كما أنها في المقابل تواصل هدم أسواق تصنف عشوائية، كما حدث صباح الجمعة 12 يناير 2018، عندما شرعت في هدم وتفكيك حي الوردة، في غياب أي تنسيق مع جماعة طنجة صاحبة الاختصاص .

الواجهة الثانية إعلامية حيث تم تسريب العديد من المعطيات بغض النظر عن صحتها من عدمه، لوسائل إعلام محلية، لمهاجمة رموز الحزب الإسلامي، لعل أبرزها قضية والد البرلماني محمد خيي، الذي لم يستفد من محل تجاري وهو ما دفع فريق الحزب بمجلس النواب وأيضا فريق البيجيدي بمجلس المدينة إلى إصدار مواقف تطالب بتدبير ملف الأسواق بعيدا عن التصفيات السياسية، حيث زعمت تسريبات نشرتها وسائل إعلام محلية أن والد البرلماني محمد خيي كان في وضعية “المحتل ” لمحل تجاري “بركة”، بسوق بئر الشعيري، كان في ملكية شخص آخر، والمصيبة تضيف تلك التسريبات أن والد البرلماني لم يسبق له أن أدى رسوم لفائدة جماعة طنجة طيلة استغلاله للمحل .

الخطوة الثالثة التي أقدمت عليها السلطات، وهي محاولة لفرملة التحركات الإعلامية للحزب، هي استماع الشرطة القضائية يوم الثلاثاء الماضي للصحفي حمزة الوهابي رئيس تحرير موقع محلي تابع لحزب العدالة والتنمية، على خلفية شكاية تقدم بها قائد الملحقة الإدارية 23 التابعة ترابيا لمقاطعة بني مكادة، بعد نشر الموقع مقالا تحت عنوان “خطير.. اتهام لقائد بطنجة بدهس أحد المحتجين على السلطة بسبب أسواق القرب (صور-فيديو)”، جاء فيه أنه: “توصل من مصادر خاصة بشريط فيديو وصور لحادثة دهس أحد المتضررين من عملية التوزيع بسوق بئر الشفا، يومه الإثنين 1 يناير 2018، من قبل م.ر.ب. قائد ملحقة 23 التابعة ترابيا لمقاطعة بني مكادة بطنجة بسيارة الخدمة ذات الرقم 183555 من نوع داسيا، وحسب شهود عيان، فإن تفاصيل الحادثة تكمن بعد تجمهر عدد كبير من الأشخاص المتضررين من طريقة توزيع السلطات المحلية للدكاكين على المستفدين من سوق بئر الشفاء الجديد أمام مقر دائرة مرس الخير ببني مكادة”.

ورغم أن المادة الصحفية نقلت رواية أخرى مختلفة للحادثة حين قالت: “في حين قال مصدر آخر، أن المواطن المحتج هو الذي استلقى تحت سيارة القائد التي كانت متوقفة قرب مقر دائرة مرس الخير ،نافيا أي عملية دهس للقائد، وأضاف المصدر ذاته، أن الشخص المستلقي ع.ن من ذوي السوابق القضائية ومستفيد من السوق، مؤكدا على أنه من قام بالإرتماء تحت سيارة القايد من أجل أن يستفيد أخوه الذي خرج مؤخرا من السجن بعد قضائه 10 سنوات”، ومع ذلك تم تقديمه لوكيل الملك يوم الأربعاء الموالي، قبل أن يحذف الموقع المادة المشار إليها، بحيث لم يعد ممكنا الولوج لصفحة المقال منذ يوم الأربعاء الماضي .

في عز التوتر عمدة طنجة يغادر نحو اسبانيا

في عز هذا التوتر، ووسط صمت غريب لعمدة طنجة الذي تتهمه العديد من الجهات بتخليه عن اختصاصاته التي ينظمها القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات لفائدة الوالي ، وحسب ملصق نشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن المنتظر أن يؤطر محمد البشير العبدلاوي عمدة المدينة ، إلى جانب عبد اللطيف بروحو برلماني الحزب عن دائرة طنجة أصيلة، لقاء تواصليا مساء السبت ببرشلونة الإسبانية، من تنظيم جمعية مغرب التنمية بالجارة الشمالية .

 

شارك هذا المقال على منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد