“خُنتُه”… وهذا ما فعله بي

 

 

المحرر عن mtv

 

منذ القدم أعيش على أرجوحة المجتمع الذكوري بامتياز، فمنذ أن نلت نصيبي من الضرب كوني لم ألد الصبي، إلى اليوم الذي متّ فيه ألف ميتة فقط لأنّ زوجي غاضب، وها هو اليوم الذي أقف فيه أمامكم على قوس المحكمة لأطلق صرخة نابعة من رحمي المقطّع أشلاءً، وأقسم بأن “أقول الحقّ ولا شيئ غير الحقّ”.
ها هو اليوم الذي أقف فيه أمام القضاء الجالس لكي أستنجده “باسم الشعب اللبناني” رحمة واستغاثة. كابوسي ما عاد ينتهي. محامية أكثر من المحاميّات بتّ، علنّي أنتزع حقّي بيدي، تمعنّت بها وحفظتها حفظ الولد لإسمه، بنداً بنداً تعمّقت بقانوني ولكن ما باليد حيلة. مهندسة أكثر من المهندسات أصبحت، بعدما خطّطت ورسمت زوايا منزلي كي أهرب منه، لكن ركبتاي لم تسعفاني. صحافية أيضاً، فلطالما تخيلت نفسي أبكي معاناتها وأشتكي وأنسج حوادثي ببراعة أوليست الصحافة ملجأ الضعفاء المحرومين؟

مصوّرة؟ وكم من مرّة صوّرته يمزّق لحمي إرباً لكنه يعود ليفتّت عظامي على فعلتي… عشت مرارة أيامي على أمل أن أكون… “مدرّسة”، نعم مدرِّسة لكلّ امرأة تعيش ما عشت وتنزف ما نزفت، لكنّ الحقّ معكم، فتبعاً لقانون مختصّ بجريمة الشرف في لبنان (المادّة 562 من قانون العقوبات) المنسوب لحالتي بالرغم من أنه ملغى من العام 2011… أنا خائنة.
“أعترف أمام الله الواحد أعترف”، مع كلّ ضربة كفٍّ كسرت فمي، خنته. مع كلّ لحظة رأيت فيها جارتي تبتسم وتخجل من مغازلة زوجها لها، خنته. كلّما صادفت أباً يُداعب أولاده غير آبه بمشاكل الدنيا، خنته، حتى مع قهوة الصباح المُرّة التي احتسيتها مراراً وتكراراً لوحدي، خنته… خنته مرّات غير معدودة وأعترف أمامكم بخيانةٍ أختصرها بعبارة الإستسلام.

الإغتيال الوحشي سنة 1960 للأخوات “ميرابيل”، الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان، خلّف وراءه ذكرى ويوم كُرّس لمُناهضة العنف ضدّ المرأة في كلّ سنة (25 تشرين الثاني) وما من أحد تأثّر. هذا وقد عرّفت الجمعية العامة للأمم المُتحدة العنف أنّه أي ألم جسدي أو نفسي يُمارس ضدّ شخص مُعيّن، وإذا تعدّاه كما يحدث في مجتمعنا إلى الوفاة ينتقل التعريف تلقائياَ من الإيذاء إلى القتل، وعلى القاتل تحمّل العقوبة.
كي تأتي العقوبة مخفّفة تقضي بسجن زوجي 5 سنوات ومع حسم مدّة التوقيف تصبح 3 سنوات ونصف، وفقاً للمادّة 252 من قانون العقوبات اللبناني.

من هنا لكي تتحقّق العدالة كان لا بد من قاضٍ ينطق بالحق، إذاً قاضيتي، سلّموكِ ملفّي كي تُصدري حكمك، فسلّمتهم رقبتي المضرّجة بالدماء، بربّك كيف قبلت أن تُصدري حكماً زائفاً بعدما استشعرتُ بعدل المرأة الحاكمة فيكي؟ أوليس شخص القانون لا يُمكنه إلاّ أن يشعر بنفسه معنيّاً برفع الظلم، طالما أنّ “الظلم نقيض العدل”، فما الأهم “شرفهم” الذكوري أم روحي التي ذُبحت من الوريد إلى الوريد، بلا رقيب ولا حسيب؟

“الحياة في نظر الطفلة، صياح ولعب، وفي نظر الفتاة إعتناء، وفي نظر المرأة زواج، وفي نظر المُتزوجة تجربة قاسية” هذا “شكسبير”، فلنهزمه ولو لمرّة، ولتعش كل امرأة كما تستحق كي لا أقف مرّة أخرى من عليائي وأنشد: أنا منال العاصي… أنصفوني!

زر الذهاب إلى الأعلى