أيها المغاربة: عن شيوخ تحديد الهوية نحدثكم

عادل قرموطي المحرر

 

ماذا لو خصص المغرب الملايير التي أهدرها على شيوخ تحديد الهوية، لتشييد مختبرات تحليل “أَ دي إن”؟ سؤال جد وجيه مادام أن هذه الفئة من الصحراويين تتلقى أموالا طائلة من أجل تحديد هوية الصحراويين أو من يدعون انتماءهم للصحراء، و الشهادة بقبول هؤلاء من أجل المشاركة في الاستفتاء حول الصحراء الذي لم يستمر، بينما استمر صرف تعويضات هؤلاء.

 

و قبل الخوض في هذا الموضوع، لابأس أن نعرف بشيوخ تحديد الهوية، و الطروف التي جعلت معالق الذهب في أفواههم دون أن يقوموا بأي مجهود نظير ذلك، و إذا كان المغرب قد أقر الحد الادنى للأجور في ثلاثة آلاف درهم، يستخلصها حارس الامن الخاص و من يجمع الازبال بعد يوم شاق من العمل، فان شيخ تحديد الهوية يتلقى مبلغ مليون سنتيم شهريا، دون أن بقوم بأي خدمة نظير ذلك، بل أن هذه الصفة المؤدى عليها أصبحت متوارثة بين الاب و الابن الذي يعتقد أنها حق مكتسب.

 

شيوخ تحديد الهوية، ظهروا بعدما اتفق المغرب و الجبهة على اجراء استفتاء في الصحراء تحت رعاية الامم المتحدة، حيث تم اختيار أشخاص من عقلاء القوم، من طرفي النزاع، يحسمون في انتماء المتقدمين للاستفتاء، إذا ما كانوا ينتمون فعلا للقبائل الصحراوية أم أن هذا الطرف أو ذاك استقدمهم من احل تعزيز موقفهما في صناديق الاقتراع، و قد نعتبر هؤلاء الاشخاص “الشيوخ” سبب مباشرا في افشال اتفاقية تقرير المصير، بعدما تعمدوا رفض المئات من المتقدمين للمشاركة فيه بدعوى ان اصولهم ليست صحراوية.

 

اختفت مبادرة تقرير المصير، و فشلت بعدما اختلف طرفا النزاع حول أحقية عدد كبير من الوالين لهما في المشاركة فيها، و انتهت فصول اقتراح كان المغرب سباقا الى طرحه على الامم المتحدة، و ظل شيوخ تحديد الهوية الموالين للمملكة يصرفون تعويضاتهم نظير مهام انتهت منذ عشرات السنوات، بل أن من بينهم من ورّث هذه الصفة لابنه، في مشهد يعكس الريع في أبهى حلله، و يوثق للمثل الدارج “فلوس اللبن يديهم زعطوط”.

 

و بالعودة الى السؤال الذي طرحناه في بداية هذا المقال “ماذا لو خصص المغرب الملايير التي أهدرها على شيوخ تحديد الهوية، لتشييد مختبرات تحليل أ دي إن “، سنكتشف أن هذه الاموال كانت كفيلة بتشييد معامل من شأنها تحديد نسب المشاركين في الاستفتاء خلال القرن التاسع قبل الميلاد، بل و ستساهم في كشف خيوط العديد من الجرائم الوطنية، و ستطور من مستوى البحث العلمي في بلادنا، بل و ستجعلها مرجعا للابحاث الجينية على المستوى القاري، في اطار الانفتاح على افريقيا.

 

اليوم و نحن نتابع من يعتبرون انفسهم شيوخا لتحديد الهوية، يصرفون الملايين من الدراهم شهريا، دون أن يقدموا أي خدمة للوطن، نتأكد بأن ملف الصحراء في شقه المتعلق بالمغرب، يحتاج الى المزيد من العمل و الشرفاء، من أجل وضعه على المسار الصحيح، بل أن الدولة باتت مجبرة على تقليص حجم الريع الذي تزكم رائحته الانوف في الاقاليم الجنوبية، و ترشبد النفقات بطريقة توفر على بلادنا هدر الملايير على “لخوا الخاوي” تحت ذريعة الخصوصيات.

زر الذهاب إلى الأعلى