ماذا بعد النقد الذاتي، و النقد الملكي، حزب الاستقلال مثلا!

 

لا أعتقد بأن أي من الشعب المغربي أخلف موعده مع خطاب جلالة الملك، خطاب الشعب، و اجزم بان كل الطبقة السياسة فهمت الخطاب بكل حناياه و دروبه و معانيه، الا من في نفسه سفه، و أصر اصرارا أن الطبقة السياسية و المتحزبة منها على الخصوص استشفت منه مقطعها و ما يعنيها منه، فماذا بعد؟

 

ما يعنينا نحن في حزب الاستقلال بالخصوص، أن تلك الاصوات التي تخرج من بين ظهرانينا، تشتكي العلة و السقم و الاندحار، انما هي أصوات تتقاطع مع الخطاب على الاقل في تشخيص الواقع و المرض، و لعل أهم النقاط التي اجمع عليها خطاب الملك و نقادنا الذاتيين هي وجوب التغيير و اعادة البناء، التغيير نحو خدمة الوطن و المواطنين عوض خدمة ذواتنا و مرشحينا بريع فاسد و محسوبية طالحة.

اننا اليوم في حزب الاستقلال يجب ان نسأل انفسنا، ما حجم الفاسدون فينا، و كم عدد المرتزقة و طلاب الريع، و من هم بالحصر و المعنى اللصوص التي نأويها، أعتقد بأننا في حاجة الى محاكمة عادلة لكل هؤلاء، قبل عدالة الدولة، اننا امام شعب يسمع و يرى و يعلم بالضبط ما يحتوينا من مصائب و نواقص، و ان كل محاولتنا التجميلية، و التمويهية، باتت بالفشل الذريع، و المصيبة اننا نعيدها في كل مرة.

حزب الاستقلال عندما ولد، ولد بين الدم و النار، و لا تعوزه الجرأة و لا التجربة في اعادة صياغة معنى النقد الذاتي، بكل حمولاته المعرفية ودلالاته الاجرائية، و بما يليق في هذا من المقام من تصحيح للاوضاع و اعادة البناء.

نحتاج اليوم في حزبنا و نحن على ابواب المؤتمر الى عملية جراحية قد تكون مؤلمة و قاسية، لكنها ستطيل عمرنا و تعيد لنا بريق الشباب و حيوية الحركة، عملية تستأصل اوراما و فطريات و شوائب، مهما تبدى لنا تجدرها و تمكنها من جسدنا، لكن على كل حال يجب استأصالها إن نحن أردنا المضي قدما، و الا متنا موت الجاهلية و صرنا نسيا منسيا بعد سنين المجد.

نتسابق على اعتلاء المنصات و الكراسي و المناصب، و يتسابق صغارنا على تموقعاتٍ و على فتاتٍ يرميه قياديونا عليهم، و للأسف ضعف الطالب و المطلوب، فيوم الامتحان نسقط سقوط البهيم يوم النحر، و ما جرى في الانتخابات الاخيرة خير دليل.

المطبلون و المهللون و فرق الموسيقى المتناثرة هنا و هناك على مواقع التواصل الاجتماعي، كل شرب منهم يغني على مولاه و يمدحه مدح الانياء و الاولياء، و هم و نحن و الدنيا تسمع صخبهم و للاسف تعلم ان بضاعتهم بارت و فسدت حتى اعتلى الدود ظهرها.

نحتاج نحن في حزب الاستقلال و يحتاج الوطن و تحتاج الامة الى شخص نقي صافي لا شبهة و لا تهمة و لا فضيحة تلاحقه، نحتاج الى اناس جدد و وجوه جدد، و كلام جديد كليا غير كل تلك الكلمات التي مهما كانت رقيقة و جميلة و صادقة، ان هي خرجت من فاه ملوث و كريه، كما كان يحدث، حتما سيرفضها الشعب و يرفضها المناضلين، هذا ان سمعوا لها اصلا.

قد يبدو للبعض من جبلتنا أن كلامي قاسي و جارح، لكن ما كل الدواء حلو مذاقه، و لا كل ما تسمعه يطرب.

صدقوني ان تركنا واحد من كل الذين نعلموهم و تعلموهم و يعلمهم كل الشعب من فاسدين و مشبوهيين، يعتلون مناصب القرار داخل حزبنا، فلا حق لنا و لا لأحد منا بان يغني على الوطنية و النضال و لا حتى ان يضع يده على قلبه خوفا على الوطن كما نضعها اليوم من جراء ما يمر منه.

تأخرنا كثيرا في الدخول لغرفة العمليات و اعادة الحزب الى دوره و الى الشعب، ربما قدرنا نحن ان تجرى هذه العملية بين يدينا، و هذا شرف ما بعده شرف، ليس اكراما للاولين و لا للسلف الصالح و لكن خدمة للوطن و خدمة لمن هم قادمون من أبنائنا في درب النضال.

 

زر الذهاب إلى الأعلى