تارودانت: حصيلة مفوضية الشرطة بأولاد تايمة…. أين الخلل

من بين ما جادت به احتفالات مديرية الأمن الوطني بذكرى تأسيسها الواحد والستين، وخاصة احتفال مفوضية الشرطة بأولاد تايمة صباح الثلاثاء 16 ماي 2017، هو  ما تضمنته كلمة رئيس المفوضية السيد إسماعيل بلفقيه، سيما في فقراتها المتعلقة بانجازات هذا المرفق الأمني للفترة من 16 ماي 2016 الى يومه 16 من ماي 2017، من إحصائيات حول أنشطة المفوضية في مجال محاربة الجريمة، والتي بلغت نسبة النجاح بها ازيد من 90 في المئة.

الحصيلة المقدمة من طرف رئيس المفوضية المحترم، بالنسبة لأي متتبع عادي للشأن العام المحلي بأولاد تايمة، سيتبدى أنها تحمل تناقضا ظاهريا صريحا بين المصرح به والواقع، وهنا اسطر بخط عريض على “ظاهريا”، لان الأرقام صحيحة بالتأكيد وذلك لثقتنا الكبيرة في مصالح هذه المؤسسة العتيدة، ولكنها تحمل عدة قراءات ومسببات، حيث أن عظمة المشكل الأمني بأولاد تايمة لا يخفى على احد، ولعل التدخلات الهاتفية لساكنة تايمة خلال اللقاء الإذاعي الذي استضاف فيه الإعلامي محمد بركة على أثير إذاعة MFM، رئيس المجلس الجماعي لأولاد تايمة عبد الغني الليمون وممثل المعارضة الاستقلالي علي أوداد، والتي انصبت جلها حول استفحال الجريمة وانعدام الأمن بالمدينة لخير دليل على عظمة وضخامة المشكل.

ليطرح التساؤل إذا أين الخلل؟؟؟

بقراءة وتحليل بسيطين لمضمون حصيلة مفوضية الشرطة في مجال محاربة الجريمة بأولاد تايمة، والتي جاءت على النحو التالي

نوع القضية المسجلة المنجزة نسبة النجاح
الجرائم الماسة بالأشخاص 106 105 99%
الجرائم الماسة بالأخلاق العامة 434 434 100%
الجرائم الماسة بالممتلكات 289 215 74%
المجموع 829 754 90%

 

سنستنتج وحسب مدلول الأرقام المصرح بها، أن معدل الجريمة بأولاد تايمة باختلاف أنواعها لا يتجاوز ثلاث جرائم في اليوم الواحد في كل أنحاء حاضرة هوارة المترامية الجوانب (829 جريمة في سنة)، معدل يتجاوز أحسن وارقي المدن الأوربية الأكثر رغدا واستقرارا ورخاء، مرد هذا المعدل كما يتضح إلى اعتماد عدد الجرائم “المسجلة” أي التي تم تضمينها بمحاضر رسمية داخل مفوضية الأمن، وهنا حقيقة يكمن الخلل، ويفهم الفرق البين بين واقع الحال واستفحال الجريمة بالمدينة وبين المعدل الرسمي المصرح به من لدن المفوضية، سيما أن أغلب ضحايا الجريمة بأولاد تايمة لا يصرحون او يسجلون الاعتداءات التي تعرضوا لها لدى المصالح المعنية، وذلك لعدة أسباب وإكراهات، منها ما يدخل في خانة الطابوهات والحشومة خاصة ما تعلق بالاعتداءات الجنسية والنفسية، ومنها ما يتعلق بجهل المواطن بحقوقه المدنية ومنها ما يتعلق بالثقافة السائدة في المخيال المجتمعي حول مؤسسة الأمن الوطني كمؤسسة زجرية أو قمعية، إضافة إلى النظرة التشاؤمية للمواطن المغربي والهواري خاصة لتعقيد الإجراءات القانونية وتشعب المساطر الإجرائية وصعوبة الدلائل الاتباثية في تعاملاته مع الإدارة، مما يفضي بأغلب ضحايا الجرائم إلى التسليم بحقهم في تسجيل شكاواهم بشكل رسمي، والاكتفاء بالتشكي الشفوي والتنديد بضعف العمل الشرطي بالمدينة على أثير الإذاعات أو صفحات المواقع الاجتماعية أو غيرها من القنوات غير الرسمية.

لتكون النتيجة إذا هي إبقاء الوضع على ما هو عليه داخل مفوضية الأمن بأولاد تايمة على اعتبار أن الوضع الأمني متحكم به بالمدينة وان حاضرة هوارة تعيش في قمة الطمأنينة والهناء في نظر صناع القرار الإداري بالمركز الرباط، فيما ينتج على ارض الواقع تفاقما واستفحالا للجريمة وتشجيعا للمجرمين والمنحرفين على أفعالهم الشنيعة وإفلاتا لهم من الحساب و العقاب، ويزرع خوفا وتهديدا قويان لدى المواطنين حول سلامتهم وأمنهم وطمأنينتهم.

ومن هذا المنبر نحمل المسؤولية للمواطنين الهواريين بالأساس لعدم إقدامهم على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضون لها للمصالح المعنية وتسجيلها وفق محاضر رسمية، كما نهيب بالجمعيات و الإطارات الحقوقية والفعاليات المنتخبة بالمدينة إلى الانتباه لهذه الإشكالية والى ضرورة توعية المواطنين بحقوقهم المدنية وتنويرهم بالمساطر القانونية المعمول بها ومساعدتهم إن اقتضى الأمر ذلك، كما نلتمس من “الحموشي” مدير الأمن الوطني و”الفتيت” وزير الداخلية وكل المسؤولين المركزيين، عدم اخذ البيانات الرسمية مأخذ الجد والتسليم، فشتان بين الواقع والمكتوب، فواقع الحال يقضي بأن أولاد تايمة وساكنتها تعيش على وقع تفاقم الإجرام وتناسل الجريمة بشتى أوجهها، كما أن مفوضية الشرطة المحلية تعاني خصاصا مهولا على مستوى الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية اللازمة والكافية لضمان استتباب الأمن والطمأنينة وإنفاذ القانون على مستوى كل أحياء وشوارع مدينة أولاد تايمة المترامية الأطراف، رغم المجهود الجبار والمضني الذي يثقل الكاهل و يتجاوز حتما طاقة العشرات من العناصر العاملة حاليا من نساء ورجال الأمن الوطني الأشاوس بمفوضية الشرطة بأولاد تايمة والتي تستحق صراحة كل التنويه والتشجيع والدعم بقيادة الرئيس المتواضع والخدوم السيد إسماعيل بلفقيه، وكما يقال فوق قدرة المرء لا يلام.

زر الذهاب إلى الأعلى