خروج بريطانيا… الى اين؟؟

 

حسن لطفي

 

سال الكثير من المداد حول الازمة الآنية والخروج غير المتوقع لبريطانيا العظمى من دواليب الاتحاد الاوربي، او ما يصطلح عليه بالامبراطورية البابوية ، اذ كشفت هذه المغادرة عن الشرخ الكبير داخل هذا الاتحاد مفنذا كل الادعاءات بوحدة اوروبا وهيمنتها على مختلف الاصعدة…
المتتبع اليوم لمجريات الأحداث من خارج وداخل هذا الاتحاد، يتسائل عن جدوى هذا الخروج مسبباته وتداعياته؟!
مما لا شك فيه ، أن السياسة المشتركة للإتحاد الأوروبي اعطت أكلها مع توالي السنين ، اذ جعلت من اوروبا فاعلا قويا في شتى مناحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا… بيدأن الأمر اختلف بعد التحاق مجموعة من دول اوربا الشرقية الضعيفة تنمويا مما انعكس بشكل سلبي على الدول المتقدمة مما عطل عجلة النمو داخل الاتحاد بشكل عام، اضف الى ذلك تداعيات ازمة 2009 .من هنا بدأت المخاوف تتسرب داخل هذا الكيان ، فأصبح الهاجس كيف السبيل الى تخطي كل ما من شأنه كبح اعتلاء القمة.
وبقدوم 2011 واعلان اوربا الحرب على الارهاب بجانب الحليف الاستراجي الولايات المتحدة الأمريكية، ازدادت المخاوف بازدياد تدفق اللاجئين للقارة العجوز، اذ اتضح الخلاف وزاد الشرخ واصبح اللاجئون ورقة انتخابية محلية يلوح بها اليمين المتطرف الاوربي بشكل عام.
وبالعودة لبريطانيا اكبر بلدان هذا الاتحاد ، واكثرها تأثيرا في سياسته الخارجية فمنذ انضمامه سنة 1973 للمجموعة الاقتصادية الاوربية ، قبل تحوله لاتحاد اوربي سنة 1992 يستشف انها تحفظت واعتذرت عن الاندماج الكلي لهذا الكيان وان لم يكن الامر علانية .فان عدنا لسنة 1985 واتفاقية شينغين و2002 تطبيق العملة الموحدة الاورو يتضح بجلاء هذا التحفظ.
شهدت بريطانيا اليوم انتصار القوة الرديكالية المتمثلة في اليمين المتطرف وتصويت الشارع البريطاني الانسحاب من الاتحاد والتي سببت الصدمة الغير متوقعة لدفيد كمرون والقشة التي قسمت ظهر البعير.
لقد ساهمت السياسة البريطانية الداخلية في تنامي التفرقة في صفوف البريطانيين ، مما ولد سخطا عارما اتجاه من يدير شؤون الحكم واعتبر الشارع البريطاني ان هذا التصويت لا يعدو كونه انتقاما اتجاه تجاهل الحكومة لعدة مطالب ، واتخادها تدابير تخدم مصالح الطبقة البرجوازية واجندة الحلفاء الاستراتجيين ضاربة عرض الحائط العدالة الاجتماعية كمجانية التعليم والخدمات الاجتماعية ، ويكفي القول أن طالب التعليم العالي يتوجب عليه دفع مبلغ يقارب 20 مليون سنتيم للسنة من أجل إتمام دراسته.

 

و جديربالذكر أن البريطانيين قد انقسموا حول هذا القرار المصيري بل تعالت اصوات من داخل بريطانيا بالخروج من جلباب بريطانيا نفسها كاسكتلندا وايرندا الشمالية.اذ خلف هذا القرار وسيخلف لا محالة تداعيات سواء تعلق الامر من داخل بريطانيا او داخل الاتحاد وكذا حتى في العلاقات الدولية.
لقد ابان اليوم الشعب البريطاني عن الفشل الذريع لمنتخبيه، وسجل علامات استفهام حول المصير و التوجه. لكن يبقى السؤال المطروح هل فعلا اتخاذ مثل هذه الخطوة تحتاج الى مثل هذه الاستفتاءات؟ وكيف ستتعامل فرنسا وهولندا في الايام القادمة مع هذا الإشكال وسط الاصوات المطالبة بالاستفتاء؟؟و كيف سيحافظ الاتحاد على توازنه في ظل انسحاب احد اعمدته؟ ومن المسفيذ الاكبر من هذا الانسحاب وكيف ستتأثر العلاقة الاوربية الامريكية ؟ وهل ستتهاوى قيمة الاتحاد داخل المنظومة العالمية؟؟و هل ستستفيد قوى جنوب شرق اسيا من هذا الوضع الراهن ؟ وهل ستشكل بريطانيا قطبا اقتصاديا ينافس القوى العظمى وينافس حتى الاتحاد الاوربي.؟.

 

الايام المقبلة كفيلة بالاجابة عن كل هذه التساؤلات.

زر الذهاب إلى الأعلى