الخطاب الملكي في القمة الافريقية يعيد المغرب الى الاتحاد الاسمر بقوة

المحرر الرباط

 

القى الملك محمد السادس خطابه التاريخي بالعاصمة الاثيوبية و كشف من خلاله عن مجموعة من الاشياء التي كان من الواجب الحديث عنها و توضيحها في حضرة أشقائه الاقارقة و على مسامع شعوبهم العظيمة، بعدما تمادى الاعداء و الخصوم في نشر المغالطات و المعلومات الكاذبة داخل الاتحاد الافريقي، مستغلين الغياب الطويل للمغرب عن مكانه الطبيعي، ما شكل هوة بينه و بين هذا المكون لم يتعب الملك كثيرا من أجل تقليصها الى درجة الصفر، بدليل الاستقبال الكبير الذي تم تخصيصه للوفد المغربي و تصفقيات الحضور على كلمة جلالة الملك الذي كفى و وفى، و نقل بكل صدق و أمانة رسائل الشعب المغربي الملتف حول جلالته الى أشقائهم الافارقة.

 

ملك عظيم يلقي خطابا عظيما على مسامع الاخوة الافارقة، يوضح لهم من خلاله أن المغرب و القارة الافريقية جسم واحد لا يمكن تفريقه مهما كان حجم الخلاف بينهما، و أن المغرب في أمس الحاجة لقارته كما هي في أمس الحاجة اليه، الشيء الذي يشكل خليطا متجانسا انتهى أخيرا بعودة المغرب الى الاتحاد الافريقي، و استعادته لمقعده الذي ظل شاغرا ينتظره رغم مرور السنوات، كيف لا و المغرب الذي يتموقع في مكان استراتيجي داخل القارة، ظل متمسكا بمبادئه المنبنية على الافتخار بالانتماء للاصل، و ظل يغار على وحدة دولها الى حدود الساعة.

 

حب و غيرة على الام افريقيا، تجسدت أكثر ما مرة من خلال جولات الملك و مواقفه الانسانية اتجاه عدد من الدول، حتى قبل الانتهاء من الاجراءات القانونية لعودة المغرب الى الاتحاد، بل و لاحظها الافارقة من شمال القارة الى جنوبها، مؤكدين على أن غياب المغرب عن الاتحاد هو خسارة حقيقية تتكبد القارة عواقبها، ولا يمكن تحقيق تنمية مستدامة داخل ماما أفريكا دون تواجد المغرب في حضنها الى جانب باقي الدول التي عبرت عن سعادتها لهذا التجمع العائلي التاريخي، الذي تم الاعلان عنه يوم أمس في جو أخوي يغلب عليه طابع المحبة و حسن المعاملة.

 

حسن نية تتجلى في الاف الاتفاقيات التي وقعها المغرب طيلة الجولات الماراطونية التي أجراها جلالة الملك لخمسة و عشرين دولة افريقية، استقبلته كما يستقبل العظماء، تخللتها انجازات متعددة تمتلث في استفادت الاف الاطر الافريقية من تكوين في المغرب بعدما تم منحهم منح لأجل هذا الغرض، بالاضافة الى الدور المحوري للمغرب داخل هيئات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة بعدد من الدول الافريقية حيث قدمت المملكة شهداء في سبيل حفظ أمن الشعوب الافريقية ولاتزال مستعدة لذلك حبا في قارتنا و غيرة منها على توحدها، كل هذا بالاضافة الى انبوب الغاز الذي اتفق على انجازه المغرب و نيجيريا و الذي اسيل الكثر من المداد حول فوائده التي لا تعد ولا تحصى لصالح البلدين و البلدان التي سيمر منها في اتجاه الضفة الاخرى.

 

ولم يفوت الملك الفرصة من أجل تسليط الضوء على العوائق الفلاحية التي تشكل نقطة سلبية بالنسبة لعدد من دول افريقيا، مستحضرا المجهودات التي لعبها المغرب في سبيل الدفع بالعجلة الزراعية في القارة، و جعلها تحقق اكتفاءا ذاتية يغنيها عن اللجوء لدول القارات الاخرى من أجل توفير الغداء لشعوبها، حيث أن المشاريع التي أطلقت خصوصا فيما يتعلق بتطوير انتاج الاسمدة من شأنها أن تعيد احياء الارض الميتة و أن تجعلها مصدر رزق بالنسبة لملايين الافارقة، بفضل المجهودات الملكية الرامية الى توطيد التعاون جنوب جنوب، و خلق مشاريع تنموية بامكانيات افريقية محضة تمكن القارة من تطوير نفسها بنفسها، بعيدا عن تدخلات جهات اجنبية في شؤونها، و في محاولة لزرع الثقة في النفس و الاعلان عن الانطلاقة الصحيحة نحو غد أفضل.

 

خطاب الملك لم يخلو من الوعود الصادقة لاعضاء الاتحاد الافريقي، كون المغرب سيبدؤ في ممارسة أنشطته الرامية الى تحقيق المجد للقارة مباشرة بعد عودته الى هياكل الاتحاد بشكل نهائي، كما أن الملك أوضح و بشكل صريح أن المغرب قد شارك في هذه القمة التي تعتبر عرسا افريقيا، و كله أمل في استعادة مقعد هو في الاصل من نصيبه، و هاهو يعود اليوم بعد سنوات من الغياب كي يشارك اشقاءه الخبرات التي اكتسبها في جميع المجالات، و التي جعلت منه مهدا للانجازات و مضرب مثل في الاستثمارات الضخمة التي لولا الثقة التي يتمتع بها لدى كبار المستثمرين الدوليين لما تحقق ولو جزء بسيط منها، و هو نفس الشيء الذي جعل المغرب يدخل للاتحاد مرة ثانية من ابوابه الواسعة، و الدليل هو حفاوة الاستقبال التي تلقاها جلالته من طرف المؤتمرين.

 

و بكل شفافية و وضوح، لم يخفي الملك محمد السادس معلومة عدم اجماع أعضاء المجلس على عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي، غير انه أوضح أن المملكة لن ترضى ان تكون سببا في خلق النقاشات العقيمة، و أن عودتها مرتبط بمصالح القارة ككل، الشيء الذي تحاول عدد من الجهات اخفاءه، لكن عودة المملكة الى الاتحاد بشكل نهائي، و تموضعها في مكانها الطبيعي، سيكون انطلاقة من اجل ضحد كل ما يروج له الخصوم، و سيتأكد الأشقاء الافارقة انذاك من جدية المغرب في لم شمله مع حضنه الطبيعي، و براءة مجهوداته الهادفة الى استعادة مقعده داخل الاتحاد الاسمر.

 

الملك محمد السادس و في رسائل مفهومة المعاني، أكد على أن انطفاء شمعة الاتحاد المغاربي، كان بسبب غياب المصالح المشتركة لدى أعضائه الخمسة، و ذلك بعدما تم التخلي عن المبادئ التي تأسس لأجلها من طرف القادة السابقين، لهذا فان منطقة المغرب العربي، تعتبر من بين المناطق البعيدة كل البعد عن التقدم و الاندماج تحت سقف افريقي واحد، و عبر مختلف الهياكل الدولية، و هو ما حاول الملك أن يبينه للقادة الافارقة بشكل غير مباشر، و أن يوضح لهم أن غياب المصالحة المشتركة، و العمل بعيدا عن سياسة رابح رابح، لا يمكن بثاتا ان يخدم مصالح القارة في اطار الاتحاد، و ان يدعوهم الى الاتحاد و العمل بنكران ذات نحو مستقبل افريقي افضل.

 

و أكد الملك على وضوح و شفافية التعاون جنوب جنوب الذي اطلقه، مشيرا الى ان هذا الامر ينبني على الوضوح و على أن يقدم المغرب كل ما يملك دون انتظار اي مقابل، مادام أن كل شيء يدخل في اطار المصلحة العامة، مستدلا على ذلك بعمليات الادماج التي اطلقتها الدولة المغربية لفائدة المهاجرين الافارقة، و التي استفاد في مرحلتها الاولى أزيد من 25 الف مهاجر، بينما لاتزال المرحلة الثانية متواصلة من اجل تحقيق نفس الاهداف الانسانية، و المنبنية على التاخي و التضامن، ليعقب جلالته على من يدعي بان المغرب يطمح من خلال هذه العمليات الى أن يجعل من نفسه نموذجا افريقيا فريدا من نوعه قائلا: “أريد ان اقول لهؤلاء، بأن المغرب و من خلال هذه العمليات، يطمح الى جعل أفريقيا نموذجا تنمويا فريدا من نوعه.”

 

و دعى الملك محمد السادس، اقامة قارة افريقية مستقلة بذاتها، تعتمد على نفسها في التنمية الذاتية، بعيدا عن شوائب الاستعمار التي لا تشكل سوى جزء من المشكل، مشيرا الى ان الدول الافريقية اليوم، تعيش تحت قيادة جيل جديد من الرؤساء و الزعماء، يعملون بجد و باقتناع سياسي،  من اجل الارتقاء بدولهم، دون انتظار التقييم من الدول الغربية، وموضحا أن الامر لا يحتاج سوى العمل بجد و بنزاهة، في تأقلم تام مع مطالب الشعوب الافريقية، التي تدعو بدورها الى التخلي عن العقليات البائدة و الانطلاقة بامكانيات افريقية ذاتية نحو غد افضل، خصوصا و ان الدول التي تمنح لنفسها الحق في توجيه و تقييم مكونات الاتحاد الافريقي، لا تختلف بكثير عن الدول الافريقية على مستوى جميع الاصعدة.

 

الملك محمد السادس، ختم خطابه بكلام جميل، لا شك انه ظل يرن في اذان القادة الافارقة، خصوصا عندما اكد على ان القارة الافريقية تزخر بالطاقات و الوسائل من أجل تحقيق مبتغيات شعوبها، و أن المغرب قد اختار و بلا رجعة، أن يسلك سياسة السلام و التضامن و الاتحاد في تعامله مع الدول الافريقية، و هي بوادر يتضح انها ستعطي اكلها طالما ان المملكة المغربية متمسكة ملكا و شعبا بانتمائها للقارة الافريقية، و تفتخر بذلك جهرا و علانية.

 

https://www.youtube.com/watch?v=v98dP7b-BW8

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى