في طنجة المغربية.. ترسو الحضارات المتوسطية

المحرر وكالات

حضارات وثقافات عديدة تعاقبت على منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط؛ ما جعلها تشكل فضاء يحتضن تراثا إنسانيا ثريا ومتنوعا لا تزال العديد من الآثار والوثائق شاهدة عليه، على غرار ما يزخر به “متحف الحضارات والثقافات المتوسطية” في مدينة طنجة في أقصى شمالي المغرب.

فهذا المتحف، الذي تأسس عام 1922، يشكل ذاكرة تاريخية وحضارية تهم منطقة البحر المتوسط، بكل ما شهدته من أحداث وثقافات طبعت مختلف العصور، بدءا من عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن العشرين ميلاديا.

وتقع مدينة طنجة على مساحة 863.3 كلم مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون و500 ألف نسمة، وهي من أبرز الوجهات السياحية في المغرب، ويوجد بها أهم مجمع صناعي للسيارات في البلد العربي، وأكبر وأعمق ميناء في إفريقيا.

وعلى مدى سنوات، ظل هذا المتحف معروفا باسم “متحف القصبة”، نسبة إلى الحي العتيق الذي تتواجد فيه بناية المتحف في قلب مدينة طنجة، وهي عباراة عن بناية تاريخية يعود بناءها إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ومنذ نونبر 2015، شهد المتحف عملية ترميم من طرف “المؤسسة الوطنية المغربية للمتاحف” قبل إعادة فتح أبوابه أمام الزوار في 28 يوليوز 2016 تحت اسم “متحف الحضارات والثقافات المتوسطية”.

و”بات المتحف في شكله الجديد يتميز بأسلوب عرض سمعي وبصري حديث يعكس مختلف الأدوار التي لعبتها منطقة البحر الأبيض المتوسط عبر تاريخها في ظل الحضارات التي تعاقبت على هذه المنطقة”، وفق ما يبرزه مدير المتحف، إبراهيم الساليمي.

وأوضح الساليمي للأناضول، أن “العرض في متحف الثقافات المتوسطية بطنجة، يركز على ثلاثة محاور، المحور الأول يتعلق بالمآثر التاريخية الخاصة بطنجة، حيث لعبت منطقة طنجة وخليجها المطل على البحر المتوسط دورا مهما في استخراج اللقى (القطع) الأثرية على مر العصور”.

“ويهتم المحور الثاني بطنجة منذ ما قبل التاريخ وحتى القرن العشرين”، بحسب مدير متحف الحضارات والثقافات المتوسطية، الذي أوضح أن “هذا المحور عبارة عن عرض زمني متعاقب لأدوات كانت تستعمل في طنجة، ثم فترة ما قبل الرومانية، والتي شهدت تقدما كبيرا في الأدوات المستعملة من فخار ونحاس وغيره، إضافة إلى الفترة الرومانية ومنها أدوات مصنوعة من الرخام جرى استخراجها من منطقة طنجة”.

وأوضح مدير المتحف أن “من بين هذه المعروضات أدوات تحكي عن شرارة الحروب التي عرفتها تلك الفترة، ومن أهمها أدوات تخص المحاربين، من إكسسوارات حديدية وقارورات للبارود، إضافة إلى أدوات تدل على ثراء وتاريخ طنجة، بما فيها الفترة البرتغالية التي أفرزت مجموعة من النقوش الجنائزية وأدوات ذات استعمالات متعددة”.

أما المحور الثالث في متحف طنجة، بحسب الساليمي، “فيرتبط أساسا بالدور الذي لعبته مدينة طنجة في حوض البحر المتوسط، وهو على شكل عرض موضوعاتي يبرز غنى وتنوع الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، من إغريق ويونان، وأيضا أدوات ذات تأثير مصري وتأثير مسيحي، وكذا أدوات مستخرجة من المقابر القديمة”.

وعن ترميم المتحف، قال مديره إن هذه العملية “منحت المتحف أسلوب عرض جديد يقدم نظرة تكميلية ومدققة عن محاور البحر الأبيض المتوسط، وكذا الدور الذي لعبته مدينة طنجة في المنطقة خلال مختلف الفترات التي تعاقبت فيها جميع الحضارات الإنسانية التي سجلها التاريخ”.

زر الذهاب إلى الأعلى