دول عربية تجرم الإفطار العلني رغم غياب الإطار القانوني

المحررأحمد ولد جدو (رصيفـ22)

 

رمضان هو شهر مقدّس عند المسلمين وصيامه ركن من أركان الإسلام. لذلك يكثر اللغط والجدل حول الإفطار العلني خلاله. وقد أصدرت بعض الدول العربية قوانين تعاقب مَن يكسر “حرمة” هذا الشهر ووضعت عقوبات تتفاوت من بلد لآخر.

تعتبر السلطات والنخب الدينية والاجتماعية المحافظة في بعض الدول العربية أن الإفطار العلني في رمضان يجرح مشاعر المسلمين الصائمين. لكن هذا الرأي يجد مَن يخالفه، وقد أُطلقت دعوات رافضة لفرض الصيام ومطالبة بالحق في الإفطار العلني باعتباره حقاً من حقوق الانسان.

وقال لرصيف22 الكاتب والمخرج العراقي بسام بغدادي، الذي أطلق في وقت سابق حملة على فيسبوك تطالب بالحق في الإفطار العلني: “الكلام عن احترام مشاعر الصائمين كلام فارغ تم حشو عقولنا به حتى أن البعض صدّقه. متى أظهرنا احترامنا لمشاعر اليهود أو المسيحيين مثلاً عند صيامهم؟ هل يُظهر المسلم في الهند احتراماً لمشاعر الهندوس فيمتنع عن أكل لحم البقر، الحيوان الذي يقدسونه؟”.

Infograph_Eating in Ramadan
دول المغرب العربي

الإفطار العلني في المملكة المغربية جريمة قد تُدخل صاحبها السجن. ينص الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي على أن “كل مَن عُرف باعتناقه الدين الإسلامي، وجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقَب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من إثني عشر (1.25$) إلى مائة وعشرين درهماً (12.47$)”. وكل سنة، تنطلق دعوات تنادي بالإفطار العلني، وتتزعم هذه الدعوات الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية، المعروفة اختصاراً بـ”مالي” وشعبياً بحركة “وكالين رمضان”. هؤلاء يدعون إلى إلغاء النص القانوني المذكور باعتبار أن الأكل في رمضان حرية فردية. وبالمقابل، يقوم بعض العلماء والدعاة بالرد على الحركة، وفي حالة الدعوة إلى تجمع في مكان عمومي تتدخل القوات الأمنية وتفرّق الناشطين. وأيضاً، تنشط حركة “ماصايمينش” (لن نصوم) المطالبة بدورها بالحق في الإفطار العلني.

في الجزائر، لا يوجد نص صريح يجرّم الإفطار العلني في رمضان، ولكن يحدث أن تصدر قرارات إدارية بغلق محال بيع المأكولات والمشروبات. وفي رمضان الماضي والذي سبقه، شهدت مدينة تيزي وزو تجمعاً احتجاجياً وإفطاراً علنياً نظمته “حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل”، وذلك اعتراضاً على قيام السلطات المحلية بغلق محل فتح أبوابه خلال النهار في رمضان.

وفي موريتانيا، لا وجود لنص صريح يجرم الإفطار العلني رغم أنه يمكن أن يدخل في الفهم الواسع لمفهوم “انتهاك حرمات الله” الوارد في المادة 306 من القانون الجنائي. لكن واقعياً، بإمكان المواطن الموريتاني أن يأكل في رمضان في الأماكن العامة من دون مضايقة، فالمجتمع متسامح في قضية الإفطار في رمضان، وحالات الإفطار الشائعة عادية وليس لها أبعاد سياسية أو فكرية.

وفي تونس، لا توجد قوانين تجرّم الإفطار العلني في رمضان. لكن أغلب المقاهي والمطاعم تقفل في النهار، ويفتح القليل منها أبوابه لاستقبال المفطرين. لكن يمكن للسلطات أن تتخذ إجراءت قانونية ضد المفطرين علناً بتهمة “الإخلال بالآداب العامة”.

أما في ليبيا، فتُعدّ سلطة المجتمع المحافظ أهم جدار في وجه الإفطار العلني في رمضان. هناك رفض مبدئي للفكرة والمحالّ المختصة بالأكل الجاهز تغلق أبوابها. وبحسب ناشطين، لم تعرف ليبيا ظاهرة الإفطار العلني وبالتالي لم يتم اللجوء إلى استصدار قوانين تجرّمه.
مصر

سنة 2009، شنّت السلطات المصرية حملة مفاجئة وقامت باعتقال مواطنين في الشارع موجّهةً لهم تهمة جديدة اسمها “الجهر بالإفطار”، وفي أبرز الحالات، قبضت على 150 مواطناً في أسوان وأغلقت ثلاثة متاجر. وبعد القبض عليهم فُتحت محاضر لهم واتهموا بالتهمة المذكورة وهي، بحسب ناشطين حقوقيين، لا أساس لها في القوانين والتشريعات المصرية، بينما يقول آخرون إن هناك نصاً قانونياً لا يُطبّق ولكنه ينص على معاقبة مَن يجاهر بالإفطار في نهار رمضان وبمعاقبة مَن يفتح مطعماً. وفي العادة تُخلي النيابة العامة سبيل الموقوفين بعد دفهم كفالة. وقد تكررت هذه الظاهرة العام الماضي في مدينة الإسكندرية، حيث أغلقت بضعة مقاه بتهمة استقبال المفطرين، وهذا ما أثار سجالاً وصدرت بيانات استنكار.
السودان

وفي السودان، كان الإفطار العلني مجرّماً. ولكن عندما وُقّعت اتفاقية السلام مع الجنوب عام ٢٠٠٥، تم تغيير القوانين ولم يعد كذلك، وهذا الحال لا يزال مستمراً بعد انفصال الجنوب. لكن المطاعم يجب عليها الحصول على ترخيص لمزاولة العمل في نهار رمضان، وهو مجرد إجراء إداري الغرض منه تحصيل رسوم فقط لأن معظم المطاعم تغلق لعدم وجود رواد أصلاً.
الخليج

في السعودية تلاحق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المفطرين في رمضان، وتتلقى المحاكم كل رمضان عشرات القضايا في هذا السياق ويحكم فيها القاضي بناءً على اجتهاده. وتصل العقوبة عادة بحق المجاهرين بالإفطار إلى السجن والجلد، إضافة إلى عقوبة الإبعاد من المملكة العربية السعودية إذا كان الفاعل أجنبياً.

وفي الكويت، يعاقب القانون رقم 44 لسنة 1968 على الإفطار العلني في رمضان، وقد جاء فيه: “يعاقب بغرامة لا تتجاوز مائة دينار (331$) وبالحبس لمدة لا تتجاوز شهراً أو بإحدى هاتين العقوبتين: أ- كل من جاهر في مكان عام بالإفطار في نهار رمضان؛ ب- كل من أجبر أو حرض أو ساعد على تلك المجاهرة، ويجوز غلق المحل العام الذي يستخدم لهذا الغرض لمدة لا تجاوز شهرين”. وتصدر الحكومة الكويتية بياناً سنوياً يشدد على حرمة شهر رمضان ويحذر من المجاهرة بالإفطار فيه، وتغلق المحالّ والمطاعم أبوابها.

وفي الإمارات، تعتبر المجاهرة بالإفطار في رمضان من الجرائم الماسة بالعقائد والشعائر الدينية، ويعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن شهر أو بغرامة لا تتجاوز 2000 درهم(544$).

وفي قطر، تنص المادة 267 من القانون الرقم 11 لسنة 2004 على تجريم الأكل في نهار رمضان، وتعاقب المخالف بالحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال (824$)، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ولا يفرق القانون القطري بين المسلم وغيره إذ تقبض دوريات الشرطة على كل مَن يأكل في نهار رمضان.

وفي عُمان، في الباب الحادي عشر من القانون الجزائي وتحت عنوان “في القباحات”، تنص المادة الرقم 31210: “يعاقَب بالسجن التكديري أو الغرامة من ريال إلى خمسة ريالات (13$) أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على نقض الصيام علناً في شهر رمضان من المسلمين بدون عذر شرعي”.

ويجرّم القانون البحريني الإفطار العلني ويعتبره جنحة عقوبتها قد تزيد عن ثلاثة أشهر، ويخول مأموري الضبط القضائي بتوقيف مَن يجاهر بالإفطار في نهار رمضان ولا يفرق بين المقيم والزائر والمسلم وغيره.
العراق

في العراق، يعاقب القانون على الإفطار العلني بالسجن خمسة أيام إلا أنه يستثني المرضى والمسافرين. وقبل يومين، أصدرت وزارة الداخلية بياناً أكّدت فيه على إغلاق جميع المطاعم الشعبية خلال شهر رمضان ومنع المجاهرة بالإفطار العلني وإحالة المخالفين إلى القضاء. ولكنها استثنت من قرار الإغلاق المطاعم من الدرجة الأولى داخل المدن والمطاعم السياحية على الطرق الخارجية.
اليمن

لا يوجد في اليمن قانون يجرم الإفطار العلني في رمضان، لكن دوريات الشرطة بإمكانها اعتقال الأشخاص بتهمة فعل فاضح في الطريق العام أو بتهمة ازدراء الأديان. لكن في العموم، فإن احتمال حصول ذلك ضعيف لأن المواطن اليمني يحافظ على سريه الإفطار من باب احترام مشاعر الصائمين.
سوريا

لا يوجد قانون يجرم الإفطار العلني في رمضان، ولا يفرض على أصحاب المحال غلقها. وقد درجت العادة في دمشق على أن المطاعم المملوكة من قبل المسلمين والتي تعمل في المناطق التي يعيش فيها مسلمون يغلقها أصحابها بمحض إرادتهم، وعلى أن المطاعم المملوكة من قبل المسيحيين أو العاملة في المناطق التي يقطن فيها مسيحيون لا تغلق إطلاقاً. ولكن حالياً، في ظروف الحرب فإن الإفطار العلني ممنوع في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة الإسلامية.
الأردن

تنص المادة 274 من قانون العقوبات الأردني على الحبس لمدة شهر وغرامة مالية بقيمة 25 ديناراً (35$) لمَن يفطر علناً في رمضان. ويرتبط تطبيق المادة بمزاج رجل الأمن فقد يغضّ النظر في حالات ويطبق العقوبة في حالات أخرى. ويُسمح بتقديم خدمات الطعام والشراب وحتى المشروبات الروحية في الفنادق من فئة خمس نجوم وفي المطاعم من فئة ثلاث نجوم. كما يسمح لمطاعم الوجبات السريعة بالعمل دون أن يُسمح لزبائنها بتناول الطعام داخلها.
فلسطين

لا يوجد قانون يجرّم الإفطار العلني في رمضان. لكن مع كل رمضان، تقوم السلطات المحلية في الضفة الغربية بإصدار لائحة تحدد فيها الممنوع والمسموح وقد تختلف من منطقة لأخرى، وعادة تسمح هذه اللوائح بتغريم المفطر علناً أو توقيفه لفترة قصيرة. أما في قطاع غزة فالسلطات المحلية تمنع الإفطار العلني لاعتبارات أخلاقية ودينية.
لبنان

في لبنان، لا يوجد قانون يجرّم الإفطار العلني في رمضان. ولكن في بعض المدن والأحياء حيث الغلبة للمسلمين ديموغرافياً، تقفل المطاعم ويعتبر تناول الطعام أمام الصائمين عيباً ويحط من مكانة المفطر اجتماعياً.
باقي الدول العربية

يجرم الإفطار العلني في جزر القمر. وفي الصومال، قامت المحاكم الإسلامية بتجريمه حين سيطرت على مناطق من الدولة عام 2006، وراحت تعاقب عليه بعقوبات تعزيرية قد تصل إلى القتل. أما في بقية مناطق الدولة، لا يوجد نص قانوني يعاقب على الإفطار العلني، ولكن التقاليد الاجتماعية تستهجن الإفطار علانية دون عذر. برغم ذلك، يمكن مشاهدة أشخاص يمضغون القات جهاراً دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منهم بسبب امتلاكهم السلاح. ويمكن القول بشكل عام إن المواطن الصومالي لا يتمتع بحرية المجاهرة برأيه دون أن يكون مستنداً إلى قوة العشيرة والسلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى