الثقافة الرقمية وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي موضوع ندوة وطنية بمكناس

كادم بوطيب المحرر

نظمت مجموعة البحث في ” الأمن والعقار والأعمال” التابعة لمختبر الدراسات القانونية والقضائية المنتمي لشعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بمكناس ، بشراكة مع المدرسة الوطنية للإدارة والتسيير والودادية الحسنية للقضاة، يومي 29/30 من مارس 2022 برحاب كلية العلوم القانونية، ندوة علمية في موضوع ” الثقة الرقمية وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”.

و أشرف على هده الندوة الأستاد حسن سهبي رئيس جامعة مولاي إسماعيل ، وبحضور عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدكتور عبد الغني بوعياد، وممثلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية وممثل رئاسة النيابة العامة وممثل رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ومدير مختبر الدراسات القانونية والقضائية ورئيس شعبة القانون الخاص وعدد من الأساتذة الباحثين والقضاة والطلبة الباحثين.

واعتبرت قاضية تنفيذ العقوبات بالمحكمة الابتدائية بمكناس الأستادة سهام بن مسعود، أن القانون يعتبر محل نقاش يستدعي وقفة من أجل تبادل الأفكار والآراء. فاللقاء يعد انفتاحا للودادية الحسنية للقضاة وكلية العلوم الاقتصادية على باقي الفاعلين من المجتمع المدني وكذلك الصحافة التي تلعب دورا أساسيا في التحسيس والتوعية.

ومن جانبه أكد الدكتور أنس الشتيوي نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية لميسور ، بأن مشاركته في الندوة تأتي إيمانا منه بالتحول التكنولوجي الذي يعرفه المغرب والعالم وايمانا براهنية موضوع الندوة وارتباطه بالحياة العامة والخاصة للأشخاص وكذا إيمانا بأهمية الإشكالات التي يطرحها الموضوع وأهمية مناقشتها واقترح حلول لها.يضيف المتحدث فيقول “نبدي كودادية مهنية قضائية استعدادنا في الندوات والورشات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.

وأضاف الدكتور الشتيوي أن منظومة العدالة المغربية تعد القناة والوسيلة التي يمكن من خلالها حمل رسالة هادفة للمواطنين عبر مختلف القرارات التي تقاضي مختلف القضايا المرتبطة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، مشيرا إلى أن حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تشكل اليوم حجر الزاوية في أي سياسة للتحول الرقمي.

وأكد الدكتور الشتيوي أن الحق في الصورة هي التي لا تلتقط أو تنشر إلا بإذن صريح أو ضمني من صاحبها، لكن هذا الحق يصطدم مع حقوق أخرى كالحق في الإعلام الذي يعني نقل أخبار الناس وصورهم وأحداثهم إلى العموم،والحق في النسيان إذ لا يمكن تذكير شخص بجريمة في الماضي أو نشر صورة له مرتبطة بموضوع قضى فيه العقوبة التي حكم بها عليه القضاء.وأضاف الأستاد الشتيوي أن المشرع ميز بين الحق في الصورة بالنسبة للصحافيين وبالنسبة لعموم الناس من المدونين، كما ميز المكان الخاص الذي يمنع فيه أخد صورة والمكان العام الذي تؤخذ فيه الصورة بشروط ،كما تطرق إلى الشخصية العمومية والتي يمكن أن تلتقط لها صور إذا كانت مرتبطة بطبيعة المهام والأنشطة التي يقوم بها.

ومن جهتها، فإن دور النيابة العامة في حماية الحق في الصورة يتجلى في الاتفاقيات التي أجرتها في إطار التعاون مع العديد من الفاعلين وعلى رأسهم اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، من أجل حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، ومن بينها الحق في حرمة الحياة الخاصة، وفق ما ينص عليه الفصل 24 من دستور المملكة. وأضاف الأستاد الشتيوي أن التطور التكنولوجي الراهن يحتم إرساء إطار قانوني ومؤسساتي حديث وفعال لتحقيق الأمن الرقمي وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وتحقيق التوازن بين الانتفاع بمزايا التكنولوجيا الحديثة ومواجهة مخاطرها، في ظل تزايد مستوى هذه المخاطر التي أضحت تهدد الحياة الخاصة للأفراد.

ويشار إلى أن النيابة العامة عملت على برمجة مجموعة من الورشات الجهوية في إطار تفعيل المقتضيات القانونية ذات الطابع الشخصي والرفع من قدرات قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية وأطر اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. كما قامت بتعيين قضاة متخصصين في الجرائم المعلوماتية وجرائم الإعتداء على المعطيات ذات الطابع الشخصي بالنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة من أجل تحقيق التخصص في المجالات ذات الطبيعة التقنية.

المحاضرون أجمعوا على أن الحق في حماية الحياة الخاصة يعتبر من الحقوق الأساسية التي تعترف بها النصوص الوطنية والدولية. وقد أخذ هذا الحق بعدا جديدا مع تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصالات. فالتكنولوجيات الرقمية الجديدة سهلت عملية تجميع المعطيات الشخصية ومراقبة والتقاط المراسلات الإلكترونية والإعتداء على الهويات الرقمية. وهكذا ، فحماية الحق في الحياة الخاصة الرقمية أصبح اليوم كما ينظر إليه بعض المنظمات الدولية كحق أصيل من حقوق الإنسان.

كما دعا المشاركون في الندوة إلى تطوير الكفاءات في مجال حماية المعطيات الشخصية وإحترام الحياة الخاصة، ونشر الثقة الرقمية، بالإضافة إلى مرافقة هذا المجال بإعطائه ديناميكية جديدة من خلال تأهيل وتدريب الموارد البشرية، من أجل تمكين أنظمة المعلومات الوطنية من الصمود أمام الأخطار التي من شانها أن تعرض للخطر نزاهة أو سرية البيانات.بما يسمح إرساء هذه التكوينات بمواكبة مجال حماية المعطيات الشخصية قصد التطابق مع مقتضيات القانون رقم 09-08، وذلك من حيث الإعداد التدريجي للموارد البشرية والكفاءات الضرورية للاستخدامات الموثوق بها للمعطيات الشخصية الآمنة، وعدم المس بالحياة الخاصة والحريات والحقوق الأساسية للأفراد، والمساهمة في التنمية المستدامة كعامل للجاذبية والقدرة التنافسية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى