قضية بيغاسوس..فرنسا تحمي صحافة التشهير وترفض الدعوى التي تقدم بها المغرب

قضى القضاء الفرنسي، يومه الجمعة 25 مارس الجاري، بعدم قبول الدعوى التي تقدم بها المغرب في مواجهة وسائل إعلام فرنسية  والتي عمدت إلى تنظيم حملات ممنهجة ضده، وزجت باسمه في قضية ما بات يعرف إعلاميا ب “التجسس عبر برنامج بيغاسوس” من صنع شركة إن إس أو الإسرائيلية.

ووفق ما نقلته صحيفة لوموند الفرنسية فقد أعلنت محكمة باريس يومه الجمعة عدم قبول دعاوى التشهير التي رفعها المغرب ضد منظمات غير حكومية ووسائل إعلام فرنسية والتي كشفت أو شجبت استخدام الرباط لبرنامج تجسس بيغاسوس، مضيفة أن محامي المغرب قد أعرب عن نيته في الاستئناف.

ووفق الصحيفة فقد أصدرت المحكمة عشرة أحكام تنص على عدم قبول الإتهامات المباشرة ضد لوموند وراديو فرنسا وفرانس ميديا ​​موند وميديابارت ولومانيتيه وفوربدن ستوريز ومنظمة العفو الدولية، واستندت المحكمة في قراراتها إلى قسم من قانون حرية الصحافة لعام 1881، والذي تتخفى ورائه الصحافة الفرنسية في مواجهة التسيب والتغييب لأخلاقيات المهنة، اللتان أصبحتا السمة البارزة في تحركات الصحافة الفرنسية ضد دول بعينها.

والحال كذلك، قرار القضاء الفرنسي برفض الدعوى المغربية لا ينفي عن المنابر الإعلامية على غرار لوموند وراديو فرنس الدولي وميديار بار الإخباري وليمانتي، صفة الأقلام المأجورة التي أكلت الثوم بفم جهات تحاول باستماتة التقليل من شأن المغرب، على اعتباره قوة إقليمية آخذة في التمركز على الساحة الدولية بثبات وبخطوات مدروسة جعلته يحصد اعتراف الكثيرين مقابل جفاء آخرين.

و بالعودة إلى الوراء قليلا، الكل يتذكر تاريخ 22 من يوليوز المنصرم، حينما قرر المغرب مواجهة منظمتي “فوربايدن ستوريز” و”أمنستي” الواقفتان وراء حملة التشهير به، عبر اتهامه باختراق هواتف العديد من الشخصيات الوطنية والأجنبية، باستخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي الصنع. بعد أقل من أسبوع على هذا التاريخ، أي في 28 يوليوز تحديدا، ذهبت المملكة إلى أبعد من ذلك، واختارت المسلك القضائي في مواجهة كل من تسول له نفسه التشهير بها. فكذلك كان ورفعت دعاوى جديدة أمام المحاكم الفرنسية ضد كل من صحيفة لوموند ومديرها جيروم فينوجليو، وموقع ميديابارت الإخباري ورئيسه إدوي بلينيل، وراديو فرنس الدولي.

ولدفع التهمة المفبركة عنه، انخرط المغرب في سلسلة من الإجراءات الدقيقة كلجوئه إلى خبراء دوليين متمرسين لإجراء خبرة مضادة حول تهم التجسس المزعومة، فجاءت النتائج كلها في صالح المغرب ولا دليل واحد يثبت صحة ادعاءات الجهات المنشغلة بهدم سمعته دوليا.

ويبرز هذا كله أن الحقل الإعلامي الفرنسي أصبح يعيش على وقع الفوضى التي تنذر بكارثة حقيقية، لأن حدود مهام الصحافي والقاضي أصبحت شبه منعدمة، فأصبحنا نرى الصحافيين يقيمون يوميا المقاصل لإعدام دول تزعج سكينة أولياء نعمتهم.

وما قضية مزاعم التجسس عبر برنامج بيغاسوس إلا فيض من غيض عرت على جملة من الخروقات التئم فيها شمل منظمات لاحقوقية بمنابر إعلامية فرنسية تشتغل تحت الطلب ولمن يدفع أكثر.

للإشارة فقد جددت السلطات المغربية الأسبوع المنصرم، مطالبها لمنظمة العفو الدولية بتقديم أدلة عن اتهامها له باستخدام برنامج “بيغاسوس” التجسسي لاستهداف نشطاء، وذلك بعدما جددت الأخيرة اتهام الرباط باستعمال هذا البرنامج ضد ناشطة مدافعة عن استقلال الصحراء الغربية.

وقالت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في بيان لها إن منظمة العفو الدولية “أصدرت بيانا مواصِلة فيه الترويج لادعاءاتها التعسفية بشأن حيازة وإساءة استغلال المغرب لبرنامج بيغاسوس، باستهداف نشطاء من المجتمع المدني”.

وأضافت “لا يسع السلطات العمومية بالمناسبة إلا أن تؤكد، من جديد، ما عبرت عنه وبانتظام إزاء ذلك وتجدد مطالبها بموافاتها بكل ما يفيد تلك الادعاءات”.

وكانت المنظمة الحقوقية أكدت في بيان الأسبوع الماضي “توصل التحليل الذي أجراه مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية إلى أن هاتفين تابعين للمدافعة عن حقوق الإنسان الصحراوية أميناتو حيدر، قد تم استهدافهما وإصابتهما مؤخرا في نونبر 2021”.

واعتبرت أن “الهجمات على المدافعين عن حقوق الإنسان، هي جزء من حملة قمع متنامية للمعارضة السلمية في المغرب”.

وكان تحقيق نشرته في 18 يوليوز 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة قد أظهر أنّ برنامج “بيغاسوس” الذي طوّرته شركة إن إس أو الإسرائيليّة سمح بالتجسّس على مئات السياسيين والنشطاء والصحافيين في عدة بلدان، بينها المغرب.

لكن الحكومة المغربية نفت بشدة هذه الاتهامات، مؤكدة أنها “تتحدى” المنظمة الدولية بكشف أدلتها، وأدانت ما اعتبرته “حملة إعلامية مضللة”.

كما رفعت دعاوى قضائية ضد ناشريها في فرنسا. بينما رفع صحافيون ونشطاء مغاربة وفرنسيون دعاوى ضد مجهول، بعدما وردت أسماؤهم في لائحة المستهدفين التي تم الكشف عنها.

من المتوقع أن تصطدم الشكاوى التي رفعها المغرب بحكم في 2019، يقضي بأنه لا يمكن لدولة مباشرة ملاحقات بتهمة التشهير العلني لكونها ليست “جهة خاصة”، بحسب تعريف القانون حول حرية الصحافة.

وينتظر أن تصدر المحكمة قرارها حول قبول الشكوى في 25 مارس.

زر الذهاب إلى الأعلى