النقيب سيدي عبد الهادي بركة”مسيرة نضال وطني وعطاء إنساني في مولود إبداعي للأستادة خديجة بكة

كادم بوطيب المحرر

بحضور عدد كبير من الشخصيات والكتاب والأدباء والمبدعين والإعلاميين والحقوقيين أبرزهم الأستاد محمد النشناش الرئيس السابق للمنظمة المغرببة لحقوق الإنسان ، وكدا عائلة ورفاق المحتفى به ،احتضن فندق سولازور بطنجة يوم أمس الأحد 20 مارس الجاري حفل توقيع إصدار مؤلف جديد للأستادة خديجة بكة عن الوطني الصادق سيدي عبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام ابن مشيش دفين جبل العالم،ودلك بعنوان” النقيب الشريف سيدي عبد الهادي بركة ،مسيرة نضال وطني وعطاء إنساني” وهو إصدار اختارته الكاتبة بحكمة وتمعن، وبكل عزيمة و إرادة وهي تقتحم قلاع الإبداع، في أول تجربة من باكورة أعمالها الإبداعية، أحسنت فيه الغوص في أعماق هده الشخصية الوطنية المرموقة،أبدعت فيه خديجة وخرجت فيه عن صمتها،فهي الإنسانة المبدعة والفاعلة الجمعوية الشهيرة و ممثلة منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة، وعضو فرع السواني لمنظمة المرأة الاستقلالية.

ويبقى النبش في تاريخ العائلات العريقة بالمغرب، ليس بالأمر الهين بالنظر، أولا، إلى الترابطات الكثيرة التي تجمع بينها سواء على مستوى الإدارة أو السياسة أو المال، ما جعل منها عالما مغلقا، مجتمعا ضيقا، حسب تعبير واثربوري؛ وبالنظر، ثانيا، للتزاوج بين مكونات تلك السلالات التي يرجع أصل بعضها إلى قرون عدة، وهي لا تزال تحظى بحضور قوي في مختلف مجالات الحياة. دون أن ننسى، بالتأكيد، ظهور سلالات أخرى منافسة.

ومن الأمثلة لهده العائلات الكبيرة اقتربت الأستادة خديجة بكة الى عائلة آل بركة بشمال المغرب، كما هي معروفة وطنيا ودوليا، وخاصة في الجارة إسبانيا التي تعرفها أكثر من مغاربة الداخل، عائلة شهمة و عريقة ومحافظة ، يشهد لها التاريخ النبوغ المبكر، والضمير اليقظ ، والغيرة الوطنية العارمة ، التي ملأت كيانها ، وغمرت إحساسها ، وقادت فكرها لتحمل هموم بلدها ومصير وطنها ، وهي ترى في تلك الحقبة الزمنية هذا المغرب الذي يبسط فيه الاستعمار بكليتيه على حدوده الجغرافية الموزعة بين الشمال والجنوب ومنطقة النفوذ الدولي بطنجة وتطوان التي صارت تتصارع فيها الأطماع الاستعمارية ، وتتوزع عنها خرائط التقسيم لتفتيت العالم العربي من جهة ، والأوروبي من جهة أخرى .

دخلت عائلة بركة المعترك النضالي السياسي في زمن طويل، ولكنك إذا جالست أحد أبنائها وتحدثت معهم أمثال سيدي عبد الهادي بركة نقيب الشرفاء العلميين لمولاي عبد السلام ، ونجل المجاهد الكبير محمد بركة ، لم تتأخر لحظة في الحكم بأنه ليس له من الشباب إلا سنه ، ونشاطه، وإقدامه، أما العقل والرزانة وأصالة الرأي، فكل ذلك قد فاق فيه كثيرا من كبار الشيوخ المجربين.وهو يحكي عن هذه الحقبة التاريخية.

يبرز الحاج عبد الهادي بركة أطال الله عمره ما قام به والده الحاج محمد بركة في شمال المغرب وجنوبه. وهو في سن صغيرة لا ينساها ولا ينسى التاريخ معه زيارة الزعيم والعالم الكبير علال الفاسي الى منزل الحاج محمد بركة جد الدكتور نزار بركة الأمين العام الحالي لحزب الاستقلال ووزير النقل والتجهيز والماء ، وهي الزيارة التي كانت مناسبة للتجمعات الكبيرة مع الحركة الوطنية، أمثال الاستاذ الزعيم عبد الخالق الطوريس ، كما كانت تقام اجتماعات تاريخية مع المقاومين وجيش التحرير المغربي مع هذا المناضل الدكتور علال الفاسي كما كان هدا الاجتماع يقام مع ثلة مسؤولين في القيادة التاريخية أمثال المجاهد الدكتور عبد الكريم الخطيب،و المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، والقيادة التحريرية المغربية ،وكما يروي الحاج عبد الهادي بركة في لقاء سابق لنا معه عن هده الفترة التي تجسد منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني، في سياق مسار نضالي متعدد الأشكال والصيغ ومتواصل الحلقات، ومحطة مفصلية وحاسمة في مسيرة الكفاح والنضال من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية “كانت مناسبة استراتيجية لتنظيم الكفاح العسكري والسياسي في المدن والقبائل المجاهدة المغربية. وكانت مناسبة كذلك في تلك الفترة لتقدم الشكر وعظيم الامتنان للمجاهد الحاج بركة من طرف الحركة الوطنية من المقاومين والزعماء الوطنيين للمجهود المعنوي والمادي لهذا المنضال الكبير”.

الحاج عبد الهادي بركة يعتز لانتمائه لشجرة عائلية ضاربة في جذور التاريخ، إذ تعود جذور بركة إلى جماعة تزروت، حيث يوجد ضريح مولاي عبد السلام بن مشيش، بل إن عبد الهادي بركة، عم نزار، هو نقيب الشرفاء العلميين في المنطقة، والذي حازه بصفته الاعتبارية كشريف للأصل والنسب.

اقترن النقيب عبد الهادي بركة بزوجته زهور أيت أحمد، شقيقة حسين أيت أحمد، القيادي الجزائري السابق، والتي انتقلت إلى عفو الله. وفي حفل تأبينها، قال زوجها و عميد أسرة بركة إن الفقيدة ماتت وفي قلبها غصة العلاقات المغربية- الجزائرية المتوترة. وفاة المرحومة زهور التي كنا حاضرين فيها، جمعت الاستقلاليين بالاتحاديين حين كان المرحوم عبد الرحمن اليوسفي من بين مقدمي العزاء لعائلة بركة.

وتفتخر عائلة بركة بنزار ابن المرحوم حسن بركة أخ عبد الهادي بركة ،ولد نزار بمدينة الرباط سنة 1964، وسط أسرة تتنفس هواء السياسة، فهو حفيد الزعيم الاستقلالي علال الفاسي، وصهر الأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي، حيث اقترن بابنته راضية. في سنة 1981 حاز نزار على شهادة الباكلوريا وعمره 17 سنة فقط، حيث كان تعليمه الثانوي في مدارس البعثة الفرنسية بالعاصمة، قبل أن يلتحق بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس أكدال، التي حصل فيها سنة 1985 على الإجازة في الاقتصاد.. ليشد الرحال صوب مارسيليا لاستكمال دراساته الاقتصادية، قبل أن يعود إلى البلاد سنة 1992 متأبطا شهادة الدكتوراه.

انخرط نزار رسميا في حزب «الميزان» سنة 1981، وحين عاد إلى المغرب لم يصطف في طوابير حملة الشهادات العليا، حيث عين مدرسا بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس أكدال، قبل أن يحط الرحال سنة 1996 بوزارة المالية.

ارتبط نزار بركة براضية، الابنة المدللة لعباس الفاسي، الوزير الأول السابق، وتحول من صهر إلى ابن لم يلده عباس، الذي أنجب «راضية» المحامية، و»ماجدة» المهندسة، و»فهد» مسير شركة، وعبد المجيد الذي تابع دراسته بإنجلترا.. لهذا كان من الطبيعي أن ترافع المحامية في حضرة والدها كي يضم زوجها إلى التشكيلة الأساسية للحكومة السابقة كوزير للمالية وهو ما حصل، سيما وأن نزار أصبح أكثر من وزير بل غدا مستشارا في الخفاء للأسرة الملكية وعائلة عباس الفاسي .

كل هده الأحداث صنعت من أل بركة عنوانا من الذكريات المجيدة في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وتكريسا لقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية، مع استشراف آفاق المستقبل.

ويبقى اسم آل بركة مرتبط بكل الذكريات ،ونضالها حدثا تاريخيا بارزا في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال ،وتحقيق السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وهي الذكرى التي يحتفي بها المغاربة وفاء وبرورا برجالات الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، وتخليدا للبطولات العظيمة التي صنعها أبناء هذا الوطن بروح وطنية عالية وبإيمان عميق.

كادم بوطيب

زر الذهاب إلى الأعلى