لجان للتضامن مع سليمان الريسوني أم شهود زور؟

اعمر البلاوي المحرر

 

لم تتأخر الجهات إياها في التعقيب على تأييد محكمة الاستيناف بالبيضاء للحكم الابتدائي الصادر في حق سليمان الريسوني، و كعادتها  أصدرت بيانا موقعا من طرف عدة لجان، تعمدت من خلاله التعقيب على الحكم، و التشكيك في مصداقيته، مقابل الاموال التي تدفعها جهات خارجية كلما تعلق الامر بمناسبة للضرب في مؤسسات الدولة، بينما تعمد البلداء و من لم يستطيعوا التخلص من عقلية القطيع التوقيع على مضامينه دون حتى أن يقرؤوا ما جاء فيها.

نفس الوقائع تتكرر في قضية سليمان، و نفس الاشخاص يعيدون صياغة بيان بصيغة مختلفة، و بتغيير اسماء اللجان، و ربما بعض الاسماء، لكن الثابت هم الذين يتحركون لادارة الامور و جمع ما يمكن جمعه من الحاقدين و الناقمين، من مختلف المدن، و ذلك حتى تظهر التوقيعات سمينة، و حتى يعتقد من قرأ “الحجاية” أن هناك جيوشا مجيشة تطعن في مصداقية القضاء و تضرب في سمعة المؤسسات.

بيان لجان التضامن مع الريسوني و الراضي، وقعه أشخاص يمكننا الجزم بأنهم لم يشاركوا في صياغته، بل و أن من بينهم من لم يقرأه اساسا، هذا إن لم يكن هناك اشخاص مقتنعون بتورط الريسوني في المنسوب اليه حتى النخاع، و قد وقعوا على البيان حتى لا يفقدوا لقب المناضل، الذي توزع الاستاذة خديجة الرياضي و من معها على من يحبون و ينزعونه ممن يحبون، و إذا قالوا يجب التوقيع على أمر ما، فهناك من لا يستطيع حتى التعقيب على قولهم خوفا من أن يصبح مع “ولا الضالين”.

عقب انقلاب افقير على الحسن الثاني، قال الملك الراحل ردا على تساؤلات الصحافة: “الجميع يسأل أين اختفى الجنرال أفقير، لكن لا أحد تساءل كيف كان الحسن الثاني سيموت”، و بنفس المنطق نتساءل كيف يقدم اعضاء اللجان إياها ما بعتبرونه دلائل على براءة سليمان الريسوني، لكن لا أحد منهم تحدث عن قرائن إدانته، ولا فرد من هؤلاء وضع احتمالا و لو بنسبة واحد في المائة بامكانية تورط الصحافي المعتقل فيما نسب اليه.

لماذا نصدق سليمان ولا نصدق ضحيته؟ و هل أي صحافي أو حقوقي قاضاه مواطن مغربي يجب علينا الدفاع على الصحافي؟ الجواب على هذا السؤال مرتبط بخلفيات من يشكلون اللجان للدفاع عن عينة من المواطنين مرتبطة بحرية التعبير و الصحافة، و كيف أن تجارتهم تنتعش كلما ارتكب أحد الصحافيين أو النشطاء جريمة يعاقب عليها القانون و تمت محاكمته وفقا لذلك، بل و عندما ينعدم الجديد، تجدهم يتحركون في جميع الاتجاهات بحثا عن شخص يدفعونه الى ارتكاب الحماقات كي يتاجرو بقضيته.

ما وقع لسليمان و الراضي و زيان و قبلهم بوعشرين و انوزلا، مرتبط اساسا بتلك الثقة الزائدة في النفس، التي تتولد داخل الناس عندما لا يجدون حولهم من يهمس في آذنهم “نعلو الشيطان”، و عندما لا يشكل محيطهم القريب و البعيد الا غرارين عيشة، دافعي الناس الى محاربة الذات، و قد لا نستغرب إذا ما كان بطل المحاكمة القادمة واحدا ممن وقعوا اليوم على بيان اللجان، لأن النار تأكل نفسها إذا ام تجد من يطفؤها، و إذا ما التف حولها من يدعي اطفاءها بالبنزين، تماما كما يفعل محمد رضى و المعطي منجب و غيرهما ممن الفوا اكل الثوم بأفواه الشباب.

بيان كتبه شخص واحد و وقعه العديد من شهود الزور ممن لا يعرفون عن الريسوني الا ما نشرته ابنة أخيه، و التمعن في قراءته، يفيد بأن من صاغ فقراته غير راضي على الحكم ليس لأنه ظالم، و إنما لأنه مخفف، و يسعى الى مزيد من تغراق الشقف لرجل من المفروض أن يكون في حضن اسرته لو أن الامور أديرت بحكمة و رزانة منذ البداية، لكن لا حياة لمن تنادي، و حتى و إن أطلق سراح الريسوني اليوم قبل غد، فهو الخاسر الوحيد في كل هذه القصة، و هم الرابحون بطبيعة، و في ذلكم عبرة لأولي الالباب.

زر الذهاب إلى الأعلى