شكرا ريان و لترقد روحك في سلام

المحرر الرباط

 

رحل ريان عن الدنيا و بقيت سيرته الطيبة حديث كل لسان داخل المغرب و خارجه، و قد نتساءل عن عشرات الملايين من الاعين التي ذرفت الدموع حسرة على فقدان، و كيف أن هذا الطفل المغربي البسيط قد جعل من الشبكة العنكبوتية بشساعتها اللا محدودة، مجرد علبة مساحة بحجم علبة أحذية، لا وجود فيها لأي موضوع عدا الحادث الذي أودى بحياته و تسبب لنا في حزن عميق سيبقى راسها في الذاكرة.

حادث اقليم شفشاون، و رغم قساوته، الا أنه قد أعطى لنا كمغاربة دروسا عميقة في الوطنية و التلاحم، و جعل العالم بأسره يعلم بأن المغاربة كبارا و صغارا، أثرياء و فقراء، كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر، و حج الى مكانه مئات المغاربة واقفون و صامدون بلا أكل ولا نوم في انتظار فرج قريب من عند الله.

هل كان العالم على علم بما قد يفعله المغاربة ملكا و شعبا إذا ما اشتكى فرد من اربعين مليون نسمة موزعين فوق التراب الوطني و خارجه، أجل، و حتى و إن لم يكونوا على علم فقد جاءت روح ريان الطاهرة كي تعكس لهم حقيقة الارتباط الذي يجمع المغاربة بلا استثناء، و تؤكد لمن نسي أو تناسى أن المغاربة باخلاقهم و صفاتهم و خصالهم، شعب قادر على تحريك شعور الوطنية لدى كل شخص لا يشعر بها، و اعادة زرع الانسانية داخل الذين قست قلوبهم.

ملك المغرب اعطى الدرس لحكام العرب بما فعله لاجل ريان، و هكذا كان منذ اعتلائه للعرش، أو قبل ذلك بسنوات، لكنه و في نفس الوقت قد أيقظ في نفوسنا حسا وطنيا استثنائيا، و كان ما فعله لاجل ريان و اسرته مناسبة كي نقول له شكرا جزيلا جلالة الملك، قد كنت الاب و الاخ و العم و الخال، ولازالت كذلك رغم مشاغلك و مسؤولياتك و التزاماتك المهنية و الاسرية، و كي نعيد التأميد على مبايعتنا له و بكل افتخار و عزة تقبيلنا ليديه الكريمتين.

رحيل ريان مؤلم جدا، و قد يكون مناسبة لنتقدم بالشكر الجزيل الى سلطاتنا بمختلف تلاوينها، و أجهزتنا دون استثناء، فنقول لهم و اكل مسؤول غيور على هذا الوطن و على ابنائه، دمتم فخرا لهذا الشعب، رفعتم رؤوسنا عاليا أمام العالم، و مهما فعلنا لن نوفيكم حقكم في الثناء، هاهو العالم اليوم يتحدث عنكم باعجاب و يؤكد على انكم قادرون على مسح جبل من فوق الارض لاجل مواطن مغربي شريف.

موت ريان أحيى الانسانية في العالم بأسره، و وحد القلوب و الاماني و الدعوات، و فجأة انصهرت الخلافات و توحد الاخوة عربا و عجما، دعاؤهم واحد الى الله، هو نجاة روح بريئة لم يكن احدا يعلم بموعد رحيلها، و المؤمنون على يقين بأن لكل أجل كتاب و لكل بداية نهاية، غير أن نهاية ريان الحزينة، كانت بداية جميلة لشعب عاشق للحياة تواق للتعايش اعطى العالم درسا في حب الاوطان و التضحية لاجلها.

زر الذهاب إلى الأعلى