مرشحو أخنوش في سوس ماسة : “العائلة، المقاولة والمناولة”

المحرر

في قرائتنا للائحة المرشحين للانتخابات التشريعية (البرلمان) الذين حصلوا على التزكية من طرف رئيس حزب الأحرار السيد اخنوش في جهة سوس ماست، نلاحظ طغيان الوجوه العتيقة التي هيمنت على الحقل السياسي الجهوي والوطني وعلى سوق الانتخابات لما يزيد عن 40 سنة، وسيطرة العائلات الكبرى ذات النفوذ المالي والتجاري والتي صنعت ثروتها ومجدها من السياسة والانتخابات وتوريث المجالس المنتخبة للأبناء والأحفاد.

كما نسجل غياب شبه كلي لنخب جديدة صاعدة تطورت وناضلت داخل أجهزة الحزب. بالرغم من أن هوية الحزب معروفة منذ تأسيسه من طرف عصمان، فهو عبارة عن تجمع لرجال المال والاعمال لا تربطهم قناعات ايديولوجية او سياسية ذات مرجعية معينة، وإنما الحزب هو تجمع لذوي المصالح الاقتصادية والتجارية والصناعة الكبرى يدخلون إلى البرلمان ثم إلى الحكومة تحت غطاء الانتخابات ثم يسيطرون على القطاعات ذات الاستراتيجية المالية والاقتصادية والتجارية داخل الحكومة، ليكونوا في موقع قوي لتمرير قوانين ومراسيم تتماشى مع مصالحهم الاستثمارية والاقتصادية، مثلا وزير دفع بقانون يهدف إلى رفع الرسوم الجمركية على مواد معينة تحتكر عملية استيرادها شركة واحدة يملكها رجل أعمال ينتمي للحزب.

ونظرتنا السريعة لتزكيات أخنوش للتشريعيات المقبلة، يتبين أن الحزب يستهدف العائلات المالية الكبرى التي تملك مقاولات وشركات تبحث دائما السيطرة على المجالس المنتخبة ومن تم على الصفقات العمومية، ونفهم أيضا لماذا هذا الإنزال الكبير الى مدينة اگادير في هذه الفترة بالذات، أي بعد إنطلاق العديد من المشاريع الكبرى والضخمة في المدينة وأحوازها، والحديث عن نهضة جديدة اقتصادية وصناعية في سوس كالتسريع الصناعي وغيرها، وهو ما جعل الحزب يستهدف المدينة بالذات للتقرب من الصفقات العمومية والأراضي والعقارات الصناعية كالمنطقة الحرة والحديث عن جعل ميناء أكادير ميناء ترفيهيا وغيرها..

وهذا ما نقصده بالمناولة حيث يعمل رجال المال والاعمال على الهيمنة على السياسة والمجالس المنتخبة وطنيا وجهويا واقليميا لتغذية مقاولاتهم بالمشاريع والصفقات، ويكون بذلك الغناء الفاحش عن طريق السياسة.
فانتشار المال الكثيف في الانتخابات يطرح سؤال مركزي حول مصادر هذه الأموال وما هو هدفها
فالبروفيلات التي زكاها أخنوش تنتمي للعائلات المقاولاتية الكبيرة والممتدة التي تملك مشاريع واستثمارات مختلفة ومتعددة لكنها عائلات هيمنت على ممارسة السياسة في جهة سوس. فالمرشح في مدينة اگادير هو ابن المرحوم أشنگلي الذي كان رئيسا لغرفة التجارة والصناعة والخدمات لعدة سنوات، وهو نفسه أي أشنگلي الابن شغل منصب رئيس الغرفة بين 2015 إلى 2021، بحزب الأصالة والمعاصرة وتم استقطابه مؤخرا لحزب الاحرار قصد ترشيحه في منصب رئيس الجهة عوض ابراهيم حافيدي، الذي تم تزكيته للبرلمان في أكادير ايداوتنان لكن وقع في حالة تنافي بسبب شغله رئاسة وكالة تنمية شجرة الأركان والواحات، فتم تعويضه بأشنگلي.

اذن فالحزب لم يبحث عن بروفايل جديد في مدينة اگادير لجأ إلى تعميق ظاهرة الترحال واستقطب بروفايل قديم ينتمي إلى حزب آخر.
في تارودانت الجنوبية رشح الحزب العائلة الدائمة في البرلمان دائما وأبدا منذ عقود، وهي عائلة بودلال كان رئيسا لجهة سوس ماسة كما ينتمي لهم وزير سابق، وهي عائلة تحتكر العمل الانتخابي لعقود، وبالتالي فالحزب لم يأت بالجديد ولم يفلح في التنقيب على نخب جديدة لاحترام مبادئ تكافئ الفرص أمام أبناء الشعب والتداول على السلطة والتمثيلية. أما في الشمالية فقد قادت ديمقراطية المحاكم إلى إسقاط المقاول الكبير الذي يشغل في ذات الوقت المنسق الجهوي لحزب أخنوش في سوس ومنعه في الترشح بسبب صدور حكم قضائي في حقه، مما جعل الحزب يظطر إلى إنزال رئيس الشبيبة ابن تافراوت للترشح في لائحة البهجة في تارودانت الممنوع من الترشح، بعد إلغاء كوطا الشباب وطنيا.

في طاطا تم تزكية نفس الشخص البرلماني المقاول هو أيضا الذي ينتمي إلى نفس العائلة التي تترشح في الانتخابات لمدة عقود، فمصطفى تاضومانت هو ابن محمد تاضومانت التي يترشح منذ سنوات وشغل مناصب كثيرة.

نعود إلى شتوكة آيت باها التي حاول الحزب تكييف ترشح شاب مقاول هو الآخر ابن مقاول معروف في منطقة ماسة، مع البروباكاندة الحزبية حول ترشح الشباب وإعطائهم الأهمية وفسحهم المجال، فهذا كلام مغلوط، لأن ترشح كرام الابن جاء بسبب صدور حكم قضائي في حق البرلماني السابق كرام الأب. بمعنى الحزب مرة أخرى فشل فشلا ذريعا في خلق نخبة بديلة يعطي لها الحزب الفرصة الولوج إلى ممارسة حقها الدستوري في المؤسسات التمثيلية.

أما في تزنيت فلم يأت الحزب بأي جديد، فقد قام بإعادة ترشيح النائب البرلماني السابق ورئيس المجلس الإقليمي لولايتين متتالتين، وهو عبدالله غازي الذي ترشح في أحزاب عديدة قبل انضمامه لحزب الاحرار، فهو وجه قديم اتيحت له الفرصة لتسيير المجلس الإقليمي لفترتين كما قضى ولاية برلمانية، واعتقد انه اعطى كل ما لديه، وبالتالي كان على الحزب ترك الفرصة للاخرين وللنخب الجديدة في إقليم تزنيت.

أما ترشيح ابنة بيشا في اللائحة التشريعية الجهوية للنساء، فلا يخرج هو الآخر عن هذا الإطار، أي استدراج العائلات المالية الكبرى، فبالرغم من أن عائلة بيشا لم تمارس قط السياسة بشكل مباشر في الانتخابات، ولكن ترشح ابنة المرحوم الحسين بيشا يمكن تفسيره بالعلاقات التجارية والاقتصادية القوية الموجودة بين بيشا وأخنوش خاصة الشراكة الموجودة بينهما في قطاع الغاز والمحروقات.

خلاصة القول، أن حزب الأحرار رشح نفس الوجوه القديمة التي اعتلت شؤون التسيير في جهة سوس ماسة لازيد من 40 سنة، وهذا يعني أنها مسؤولة على جميع المشاكل الازمات الكثيرة التي تعاني منها ساكنة جهة سوس في جميع الأقاليم.
فالحزب بالرغم من حملته الكبيرة طيلة 5 سنوات وشعاراته الرنانة في حزب الكفاءات وحزب النخب وحزب تكافئ الفرص، وبالرغم من الأموال الطائلة الكثيرة التي صرفها الحزب في جولاته عبر الأقاليم والجهات بالطائرات والسيارات الفارهة والمئات من التجمعات التي تم تنظيمها، في الأخير الحزب يزكي نفس الأشخاص نفس العائلات المحتكرة للسياسة والثروات في سوس، فما جدوى تلك اللقاءات والجولات التي نظمها الحزب في 100 مدينة مادام انه سيرشح نفس الوجوه وولد فلان وبنت فلان…
نستخلص أيضا وجود علاقة وطيدة بين المال والسياسة في طبيعة المرشحين الذين يملكون المقاولات الكبرى وهذا ما يبين وجود ظاهرة المناولة.
فالحزب برهن على هويته الحقيقة في طبيعة البروفيلات التي رشحها، فلا جديد يذكر ولا لتجديد النخب ولا لتكافئ الفرص لابناء الشعب.

زر الذهاب إلى الأعلى