الإتحاد العالمي علماء المسلمين يُفتي بحرمة انقلاب الرئيس التونسي قيس سعيد على العقد الاجتماعي

أفتى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بحرمة ما وصفه “الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تم بإرادة الشعب التونسي”، في إشارة إلى قرار الرئيس التوونسي قيس سعيد، تجميد سلطات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، وتوليه السلطة التنفيذية وتعيين رئيس حكومة جديدا.

وقال الاتحاد إن العقد الاجتماعي في تونس ينظم العلاقة بين الرئاسة ومجلس النواب ورئاسة الوزراء، ويحافظ على مكتسبات الشعب في الحرية وسيادة القانون ورفض الاستبداد والدكتاتورية والتضحية بدماء البررة من الشعب التونسي.

وأكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على خطورة تلازم ثلاثية (الاستبداد والفوضى والانقلاب غير الشرعي) الذي لن يحقق للشعوب الحرة أي وعد من وعوده الكاذبة، وأن التجارب القريبة تخبرنا بذلك فلا رفاهية ولا خير في انقلاب.

وشدد الاتحاد في بيان وقّعه كل من رئيسه الدكتور أحمد الريسوني، وأمينه العام الدكتور علي القره داغي، أن الشعب التونسي عانى من الاستبداد والدكتاتورية وتنعّم خلال السنوات العشر السابقة بقدر كبير من الحريات غير المسبوقة بعد أن تحرر بالتضحية والفداء.

واستطرد البيان، أنه اليوم تريد قوى انتكاسة وثورة مضادة، وعودة إلى الوراء، والتوقف عن تجربته، وهذا مخالف لإرادة الشعب الحرة والدستور الذي أقره الشعب التونسي والذي لا يخول الرئيس أن يتحول إلى سلطة مطلقة، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما لا تمنح رئيس الجمهورية حق مصادرة السلطات بيده وإقالة الحكومة، وتجميد البرلمان المنتخب.

وطالب علماء المسلمين، الرئيسَ التونسي بالعودة عن هذه القرارات التي تزيد من دوامة الضياع للشعب التونسي وتسهم في تعميق الفوضى والاضطراب وهو مالا نريده ولا يحتاجه الشعب التونسي الذي يريد الامن والاستقرار.

كما طالب من الشعب التونسي بكل مكوناته وقواه الحفاظ على مكتسباته وتضحياته وحريته وكرامته وعدم القبول بالعودة إلى الديكتاتورية التي تركع وتجوع وتطوع الشعب.

وشدد علماء المسلمين الذي يتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقراً له، أنه “مع حرية الشعب الكريم وكرامته وننتظر منه أن يقول رأيه، كما يجب على الجيش التونسي أن يظل وفياً لقرار الشعب حيادياً يدافع فقط عن الشعب لا ينال من كرامة أي تونسي كما حصل في زمن بن علي”.

واستطرد بيان الاتحاد العالمي أنه “بناء على كل ما سبق فإن فتوانا واضحة، وأن تقديرنا عظيم للشعب التونسي وإرادته الحرة وحريته وكرامته ودفاعه عن حقوقه المشروعة، ونجاح ثورته وتجربته الديمقراطية وانتقاله السلمي في بناء دولة جديدة”.

ودعا الاتحاد “جميع مكونات الشعب التونسي، ومنظماته وأحزابه وعلماءه ورجاله ونساءه إلى الوحدة والتوافق وتجنيب البلاد المخاطر المحتملة بسبب الفراغ والفوضى والانقسام”.

وجاء في فتوى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم ممثلين من دول وأقطار العالم أن “الانقلاب على إرادة التونسيين والمؤسسات المنتخبة واتخاذ إجراءات أحادية، أمر خطير ولا يجوز شرعاً ولا أخلاقاً ولا عرفاً، وهو منزلق قد يفاقم الأزمة الحالية ويضاعف تداعيات الكورونا”.

كما جدد دعوته لتونس بأن تتجاوز أزمتها عاجلاً غير آجل، وأن يجمع كلمتها وينعم شعبها بالرفاه والصحة والتنمية والمناعة.

وحرّم “العلماء المسلمين” نقض العهد والمساس بالعقد الاجتماعي وإثارة الفتن وخلق الفوضى ومساندة أي قرار يخرج عن الوفاق الشعبي.

وأشار المصدر إلى “أن حماية العقد الاجتماعي والحفاظ على الحريات وحقوق الشعب فريضة شرعية على جميع مكونات الشعب التونسي، وأن الحفاظ على المؤسسات الدستورية واجب وطني”.

وأضاف أن “إعلان حالة الطوارئ المفتوحة لا يجوز لما فيها من انتهاكات جسيمة لمصالح العباد والبلاد”.

وتضرع العلماء المسلمين “إلى الله أن يحفظ تونس وأهلها من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن المؤامرات الخطيرة التي تحاك ضد شعوب منطقتنا، وأن يحقق لهم الخير والأمان والرفاهية، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان والاستقرار”.

وقرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد سلطات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، كما قرر تولي السلطة التنفيذية وتعيين رئيس حكومة جديد، وقرر، أيضاً، رفع الحصانة عن نواب البرلمان وتولي رئاسة النيابة العامة للتحقيق مع النواب المتورطين في الفساد، فيما عبرت حركة “النهضة” عن رفضها لهذه القرارات، متهمة سعيد بـ”الانقلاب على الدولة”، كما تحدثت عن احتمال “احتجاز” رئيس الحكومة في قصر قرطاج.

 

زر الذهاب إلى الأعلى