تقرير | ملف “بيغاسوس” .. محاولة لـ”تركيع” المغرب تحت لواء “حقوقي” وبلائحة “محيَنة”

“البينة على المدعي واليمين على من أنكر”، حديث منطقي بعيدا عن ما هو ديني بالأصل، فإذا كانت الحكومة المغربية أنكرت وأكدت غياب العلاقة بينها وبين برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي، فإن إئتلاف ” forbidden Stories ” مدعو اليوم لتقديم الأدلة والحجج و”البينة” للكشف عن تورط المغرب في التجسس على السياسيين وكذلك الصحافيين، الذين وردت أسماؤهم في التقرير المنشور في مجموعة من وسائل الإعلام الأجنبية .

 

أمنيستي “تكذب” مصادرها

وإذا كانت العفو الدولية “أمنيستي”، أحد أبرز المنظمات الغير حكومية التي تقف وراء هذا التقرير، فهي تكذب مصادرها والمختبرات التي المعتمدة لفحص هواتف الأشخاص الذي وردت أسماؤهم .

وهنا يُطرح التساؤل الأبرز، “كيف للائحة من الأشخاص الذين تم اختراق هاتفهم تحين بين الفينة والأخرى؟”، وهنا الحديث عن محمد نجيم مدير موقع “كود” وغيرهم من الصحفيين، الذين أزيلت أسماؤهم لأسباب يعلمها فقط الائتلاف ومن وراءه .

 

“سيتي زين لاب” !

 

“سيتي زين لاب”، هو مختبر كندي للأمن المعلوماتي، ويعد صديقا لـ”أمنيستي”، كما أكد ذلك بيرمان زاك، الخبير في المختبر المذكور، والذي يشدد أنه من غير المحتمل معرفة الأشخاص الذين تم التجسس على هواتفهم، دون فحص للأخيرة، وهو الأمر الذي يكشف “عورة” التقرير، كيف للتقرير أن يدرج أسماءا لم يسبق لها فحص هاتفواها، ومع ذلك تدرج أسماؤها بكونها تحت أعين الدولة في كل تحركاتها .

إلا أن المراقبون، يؤكدون أن الأمر لا يتجاوز “استهدافا” للمغرب، بالإضافة لحسابات بين “سيتي زين لاب” ومجموعة “إنس أو”، وهو ما أصبح واضحا للعيان، وحسابات بين الشركتين في مجال الأمن الرقمي، يطفو على السطح لكن بـ”طابع حقوقي” .

 

نجيم “يُكذب”

وكان أول خروج إعلامي في هذا الصدد للصحافي أحمد نجيم، الذي عبّر عن اندهاشه من إقحام اسمه في اللائحة المفترضة بدون علمه وحتى بدون مراجعته المسبقة ومطالبته بإخضاع هاتفه المحمول لخبرة تقنية.

الصحفي نجيم، شدد  على أن هذا الموضوع “يشكل سقطة مدوية، خصوصا عندما استشهد بمقارنة عرضية بين ما قامت به الجهة الناشرة للتقرير مع صحافية فرنسية وبين ما امتنعت عنه في قضيته كصحافي مغربي”.

 

أشخاص “بدون وزن”

المراقبون للأمن المعلوماتي، يرون أن البرنامج الإسرائيلي المذكور “بيغاسوس” الصادر عن شركة “إن سي أو”، من المستحيل أن يستعمل أمام أشخاص سياسيين لا يشكلون أي خطورة، كما هو الشأن بالنسبة لأعضاء بحزب العدالة والتنمية، أو قادة لأحزاب صغيرة لا تكاد ترى بالعين المجردة، حال محمد زيان وإسحاق شارية .

 

وذلك لأن المبالغ المقدرة لهذا البرنامج بالملايير، وأن الأسماء المدرجة هي “ضحك على الذقون” كما وصفت ذلك المصادر نفسها .

الأمر لم يقتصر فقط، على نجيم، بل إسم اخر، انضاف إلى لائحة الرافضين، وهو الأمر الذي جعل التقرير لا يتجاوز “هرطقة” و”ابتزاز” بلون حقوقي، ويتعلق الأمر رضا زيرك الصحفي عن موقع “هافنغتون بوسط”، التي أدرج إسمه هو الاخر في التقرير .

 

لائحة “الرافضين” تتسع

وأشار  رضا زيرك، “أن القائمة التي تشمل 50 ألف رقم هاتف والتي نشرتها منظمة “Forbidden stories” ومنظمة العفو الدولية “Amnesty”، وقالت إنها حصلت عليها من قائمة مراقبة مزعومة، قد أعيد النظر فيها”، متهما ” جمعية التبليغ عن الفساد والرشوة I’OCCRP ، وهو تجمع للصحفيين الدوليين تأسس سنة 2006بخدمة قضية عدد قليل من الأسماء المحددة خدمة لأهداف معينة”.

 

رضا زيرك  يشدد على “تحفظه بشأن المنشورات الواردة من قبل Forbidden stories، ورد بحدة على التحديثات المتعددة التي شهدتها تصريحاتهم”.

 

“لست بحاجة إلى إخباري إذا كنت معرضا للاختراق من قبل بـ”بيغاسوس” لقد كنت أشك في الأمر منذ مدة، لقد تم إرسال رقم هاتفي إلى Forbidden stories بواسطة صديق لي وبت أتساءل هل إسمي مدرج ضمن لائحة الأشخاص المعنيين؟”وفقا للصحفي المدرجة إسمه في تقرير الائتلاف .

لماذا المغرب ؟

وفي نفس السياق، هناك تساؤل أبرز لماذا الائتلاف يتهم المغرب بشكل مباشر، وهو الأمر الذي يجانب الصواب جملة وتفصيلا، لماذا ؟

بكل بساطة، لأن مختبر “سيتي زين لاب”، الداعم لهذا التقرير، يؤكد في جواب سابق لـ”الجزيرة نت”، إن ما رصده من استخدام برنامج التجسس بيغاسوس في هذا البلد أو ذاك لا يعني بالضرورة أن الحكومات هي التي تستخدم البرنامج.

ويضيف المختبر أنه لا يعرف بالضبط من كان المستهدف ببرنامج التجسس في الدول العربية، ولكنه استطاع معرفة ما هي الدول المستهدفة بالبرنامج.

وإذا كان الأمر ليس حكرا على الحكومات، بأجهزتها، فلماذا تركز هذه المنظمات على توجيه صك الاتهام للمغرب بالضبط .

فتح تحقيق

هذا وأصدرت رئاسة النيابة العامة الاربعاء تعليماتها للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط لفتح بحث قضائي حول مزاعم وادعاءات باطلة ،تضمنتها مواد إخبارية صادرة عن صحف أجنبية،تنسب للسلطات المغربية العمومية اتهامات ، وتقحم المؤسسات الدستورية الوطنية في قضايا تمس بالمصالح العليا للمملكة المغربية.

وذكر بلاغ لرئاسة النيابة العامة أنه على إثر الاطلاع على بعض التقارير الاعلامية و المواد الإخبارية الصادرة عن صحف أجنبية منضوية ضمن إئتلاف يدعى” forbidden Stories ” تنسب للسلطات المغربية العمومية اتهامات ومزاعم خطيرة، وتقحم المؤسسات الدستورية الوطنية في قضايا تمس بالمصالح العليا للمملكة المغربية،و تبعا للبلاغ الصادر عن الحكومة المغربية الذي تندد من خلاله بهذه المزاعم والاتهامات ،واعتبارا إلى تواتر هذه المزاعم والاتهامات بشكل ممنهج، واستهدافها لمؤسسات وطنية مكلفة بإنفاذ القانون بشكل ينطوي على عناصر تأسيسية مادية و معنوية لجرائم مفترضة يجرمها ويعاقب عليها القانون الجنائي المغربي، فقد أصدرت رئاسة النيابة العامة تعليماتها الكتابية للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط لفتح بحث قضائي حول موضوع هذه المزاعم والاتهامات الباطلة، وتحديد الجهات التي تقف وراء نشرها.

وأضاف البلاغ أنه استنادا إلى ذلك فقد أصدر السيد الوكيل العام للملك المذكور تعليمات للفرقة الوطنية للشرطة القضائية لإجراء بحث معمق حول الموضوع، من أجل الكشف عن ظروف وخلفيات وملابسات نشر هذه الاتهامات والمزاعم حتى يتأتى تحديد المسؤوليات وترتيب ما يجب قانونا على ضوء نتائج البحث.

 

قضية ضد “أمنيستي” و”فوربيدن ستوريز”

 

وقرر المغرب رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في باريس ضد منظمتي “فوربيدن ستوريز” والعفو الدولية بتهمة التشهير، بحسب ما أعلن المحامي المعين من المملكة لمتابعة القضية في بيان أرسله لفرانس برس الخميس.
وأفاد البيان أن “المملكة المغربية وسفيرها في فرنسا شكيب بنموسى كلفا أوليفييه باراتيلي لرفع الدعوتين المباشرتين بالتشهير” ضد المنظمتين على خلفية اتهامهما الرباط بالتجسس باستخدام برنامج بيغاسوس.

محاولة لـ”التركيع”

وفي ذات الصدد، يؤكد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، أن هناك “منظمات غير حكومية تحاول تركيع المغرب عبر نشر اتهامات باطلة، والسبب هو اتخاذ المغرب لسياسة مستقلة وسيادية تزعج بعض الجهات” .

ويتساءل المسؤول الديبلوماسي، في حوار له لـ”جون أفريك”، “من له مصلحة في نبذ المغرب؟ هذا هو السؤال الحقيقي” .

زر الذهاب إلى الأعلى