مفرقعات عاشوراء: تحرش وخطر قاتل

نادية عماري

 

دخان يتصاعد بين الفينة والأخرى، وأصوات تفجيرات متتالية يسمع صداها بين أحياء وأزقة مختلف المدن المغربية، الأمر لا يتعلق بأعمال تدميرية مدبرة ولا خدع سينمائية لتصوير فيلم أجنبي، بقدر ما يترجم شغف أطفال ومراهقين بتفجير الألعاب النارية.

ضجيج وفوضى عارمة تشهدها الأحياء السكنية جراء اللعب بالمفرقعات، احتفالات قبلية يقيمها الأطفال على بعد أيام من حلول عاشوراء بالمغرب.

 

“القنابل” و”الصواريخ” تغزو الأحياء

“الزيدانية”،”النحلة”،”البوكيمون”، و”الطيارة” وغيرها، أسماء عديدة تخص أنواعا من المفرقعات التي تشهد إقبالا متزايدا من طرف الأطفال والمراهقين على حد سواء، شباب من مختلف الأعمار يعرضونها للبيع فوق صناديق وطاولات خشبية صغيرة، عن طريق ترتيبها بشكل متناسق وملفت حسب أصنافها المتباينة.

 

“كل حاجة والثمن ديالها، والذي يترواح مابين 3 دراهم فما فوق حسب نوعها وفعاليتها، هناك من يقتني “المين” و”القنبول” على شكل وحدات، والبعض يفضل الحصول على العلبة كاملة”، يقول أحد بائعي المفرقعات.

 

تعد “الزيدانية” من أخطر الألعاب النارية التي تعرض للبيع بشكل علني، بالنظر للدوي الهائل الذي تحدثه وكأن الأمر يتعلق بتفجير حقيقي، يهز أركان الحي ويسمع على بعد مسافة من مكان التفجير.

 

تأتي “النحلة” في المرتبة الثانية من حيث درجة الخطورة، وتتحدد بإطلاق نجوم نارية بألوان متعددة، تليها “المين” المنقسم لأشكال متنوعة، منها ما ينفجر لمرة واحدة، وأخرى لمرتين مع إصدار أصوات قوية.

 

وتعد النجوم الأقل خطورة، تباع بدرهم ونصف للواحدة، تصدر نجيمات صغيرة بعد إشعالها كما يدل على ذلك اسمها.”أغلب من يترددون لشراء المفرقعات هم من المراهقين الذكور، أما الفتيات فنسبتهن ضئيلة” يضيف البائع.

 

“القنابل” وسيلة للتحرش

الإقدام على تفجير القنابل بأشكالها وسيلة ينتهجها بعض المراهقين والشباب بغية إزعاج المارة خاصة من الشابات والنساء، تقول بشرى”حتى كايشوفوا شي بنت دايزة عاد كايرميوا المين”،”المسألة تعدت حدود اللهو والاحتفال، وأضحت وسيلة للتحرش والترويع، بتفجير القنابل وإطلاق الصواريخ، إضافة إلى التراشق بالبيض في وسط الشارع خلال عاشوراء، كثرة الضصارة وقلة الترابي هاديك”.

 

غضب بشرى من الطريقة التي يتعامل بها البعض في هاته المناسبة، يعكس قلة الوعي وانعدام المسؤولية، خاصة حينما يتعلق الأمر بالتهجم على المارة وإزعاجهم عن طريق مصادرة حقهم في التنقل بحرية وأمان في الشارع العام.

 

“أين هو دور الآباء كقدوة لأولادهم، حينما نراهم يمدونهم بالنقود اللازمة لشراء مثل هذه المفرقعات، والأخطر من ذلك مشاركتهم لهم في الاحتفال باستخدام ألعاب خطيرة”، تضيف بشرى بحرقة شديدة.

 

تفاقم الأذى المعنوي والنفسي وأحيانا الجسدي الذي تخلفه الألعاب النارية، يمثل سببا وجيها لرفضها كمظهر احتفالي لا تستقيم ذكرى عاشوراء بدونه، تؤكد فاطمة (اسم مستعار)”من الواجب أن تقوم السلطات بواجبها عن طريق منع ترويج هذه الألعاب الخطيرة، والتي أعتبرها دخيلة على مجتمعنا، كما أنها تعلم أبناءنا العنف والهمجية في التصرف عوض التربية وتهذيب الأخلاق”.

 

مفرقعات عاشوراء: أمراض وعاهات

 

تعد الصين المورد الأكبر للألعاب النارية التي يتم ترويجها من لدن مهربين يقومون ببيعها لأناس آخرين، يعرضونها بدورهم على مراهقين وشباب يعتبرونها فرصة موسمية لجني بعض الأرباح.

 

أرباح قد تحول حياة المقبلين عليها إلى جحيم، بفعل الخطر الذي تسببه والذي قد يقلل من شأنه البعض، مغفلين الأمراض والعاهات التي تسببها، يقول الدكتور محمد بناني الناصري”استعمال المفرقعات قد ينتج عنه الإصابة بحروق من درجات مختلفة، مما ينتج عنه مضاعفات خطيرة على مستوى الأطراف التي تعرضت للحرق، بالإضافة إلى حدوث تشوهات وحروق تمس عضلة العين مما ينجم عنه فقدان كلي للبصر”.

 

حروق تستدعي تدخلا طبيا عاجلا، تتفاوت طريقة معالجتها حسب العضو المصاب ودرجة الإصابة التي تفرض في بعض الحالات إجراء جراحة فورية، يضيف الدكتور الناصري”من الضروري اصطحاب الطفل المصاب إلى قسم المستعجلات، وفي هذه الحالة، يحدد الطبيب المعالج نوعية الحروق سواء كانت سطحية أو عميقة، وكذا طريقة العلاج حسب درجة الجرح”.

 

ولعل أبرز حادثة تلك التي جرت سنة 2002 بالعاصمة الرباط، والتي ذهب ضحيتها تلميذين أقدم زميلهما على قتلهما بواسطة السلاح الأبيض، بعدما ثارا غضبا منه بسبب تفجير إحدى المفرقعات على مرأى ومسمع زملائهم الحاضرين.

 

مأساة ليست الوحيدة من نوعها، فقد تسببت قنابل عاشوراء في عاهات مستديمة لأطفال، شملت حروقا متفاوتة الخطورة وأدت في أحيان أخرى للعمى الكلي.

زر الذهاب إلى الأعلى