هل يستغل “تنظيم داعش” الفكر الاسلامي المستورد من الشرق لاختراق المغرب؟

المحرر الرباط

 

جميع التصريحات التي أخدتها القناة الاولى من جيران أسرة الفتاة القاصر التي تم اعتقالها يوم امس بتهمة اعلان الولاء لداعش تفيد بأن هذه الاخيرة قد تم غسل ذماغها مؤخرا من طرف التنظيم، و لم يمضي على التحاقها بالبغدادي وقت قصير، حيث كانت تعيش حياة عادية شأنها شأن باقي فتيات الحي، قبل أن تنقلب الى فتاة منقبة، تشبعت في وقت قصير بالفكر المتطرف، بل و كانت تعتزم قتل نفسها خدمة لأجندات متطرفة تمكنت من عقلها بكل سهولة و استطاعت تحويلها الى قنبلة موقوتة، لولا الالطاف الالاهية، و يقظة رجال الاستخبارات.

 

و نحن نتابع سقوط فتيات في عمر الزهور، بين أيدي المتطرفين، بايعاز من مغاربة داعش، نستحضر الزمن الجميل، حيث كان المغاربة يعيشون في أمن و سلام، و حيث كانت المرأة حرة في اختيار لباسها و توجهاتها دون أن يرغمها أحد على ارتداء النقاب، و ودون أن يفكر أي كان في مقدرتها على الانخراط في مخططات ارهابية تستهدف أرواح اخوانها المغاربة و ممتلكاتهم، لنتساءل من أين جاءت هذه العادات الغريبة التي أصبحنا نتابعها بشكل مستمر؟ و من المسؤول عن انتشار الفكر المتطرف داخل المجتمع المغربي؟

 

ان ظهور عدد من الجماعات المنتسبة للدين، و انتشار دعاتها في أزقة و شوارع المملكة، حيث يتجولون بلا حسيب ولا رقيب، يعد من بين العوامل التي سهلت مهام المتطرفين في المغرب، و جعلت وصولهم لعقول المواطنين أكثر سهولة من ذي قبل، خصوصا الجماعات التي استوردت الدين من المشرق، فحاولت نقله الى المغرب دون أدنى مراعاة للاختلافات، و استغلالها للطفرة الحقوقية التي تعيشها المملكة، منذ الاعلان عن القطع مع سنوات الجمر و الرصاص،ساهم في شكل كبير في زعزعة عقيدة بعض المغاربة، و جعلهم مادة خام قابلة للاستغلال الديني من طرف المتطرفين.

 

و حيث أن عددا من الجماعات الدينية التي تكاثرت بشكل مهول في المغرب، تعمل فقط على استقطاب المزيد من المغاربة، طمعا في الدعم المقدم من جهات خارجية، دون الاهتمام بمنهجيات حقيقية لاقناع المواطنين بالاسلام المعتدل، فان ضحاياها تحولوا الى أهداف سهلة تلقت مبادئ الاسلام بشكل خاطئ، و يسهل استغلالها بأي شكل من الاشكال تحت غطاء الدين، الشيء الذي استغله تنظيم داعش، الذي استطاع و من خلال الشبكة العنكبوتية، أن يصل الى شباب في مقتبل العمر، و أن يغسل اذمغتهم بأوهام الحور العين و الجنة الفردوس، حتى تحول هؤلاء الى روبوهات يتحكم فيها البغدادي عن بعد، و مستعدة لتفجير نفسها لارضائه.

 

و ان كانت بلادنا قد عرفت تطورا في الحريات، و استطاعت أن تعطي النموذج الحي في احترام حقوق الانسان، فان ذلك لم يكن في صالحها بنسبة كبيرة، خصوصا في ظل تمييع مجال الحقوق، و الهامش الكبير الذي أعطي للحقوقيين و الجماعات الاسلامية، و هو ما تسبب الى حد كبير في كبح مراقبة تصرفات المواطنين، و الجماعات المشبوهة، التي أصبح بامكانها استغلال المنازل و المقرات من اجل جمع المواطنين و غسل ادمغتهم و تهييئهم للتنظيمات الارهابية التي تتربص بالمغرب منذ سنوات.

 

و عندما نسمع بأن نجل هذا القيادي الاسلامي أو ذاك، قد تم اعتقاله عندما كان يحاول الالتحاق بصفوف داعش في ليبيا، نتأكد من أن الجماعات الاسلامية في المغرب، لا تتوفر على منهجية فعالة للعمل في المجال الديني، و نكون على يقين، من أن قياداتها التي لم تستطع حتى اقناع أبنائها بنبذ التطرف، تساهم بشكل كبير في تخريب المجتمع و تفتيت مكوناته، ما أصبح يستوجب تدخل الدولة في هذا المجال، و بسط نفوذها على المجال الديني من أجل قطع الطريق على تجار الدين الذين جعلوا من أبنائنا لقمة سهلة للمتطرفين.

 

و ان كان المجتمع المغربي، يعيش الاسلام منذ قرون، و دستوره لا يقبل التعديل في ديانة الدولة، نتساءل عن الفائدة من وراء انتشار العشرات من الجماعات الاسلامية، التي تنشر الدين كل حسب هواها، و حسب الدولة التي تمولها، حتى اختلط الحابل بالنابل في المجال الدين، و اصبح المغاربة يختلفون على عقائدهم و كيفية ممارستها، رغم أن الدين بين، و حتى أصبحنا نتابع ظاهرة التكفير و كأنها شيء عادي في المجتمع، و بينما لازال البعض مستمرا في مهاجمة المغاربة باسم الدين، يواصل البعض الاخر مهاجمته للطوائف الدينية الاخرى، رغم أنها عاشت منذ قرون مع المغاربة في امن و امان.

زر الذهاب إلى الأعلى