حصري لـــ”المحرر”:بعد لقاء القنصل العام الجزائري بالناطق الرسمي للقنصلية الإسرائيلية بمرسيليا:هل هناك علاقات دبلوماسية ما بين الجزائر و إسرائيل..؟

عمار قردود المحرر

 

أعادت صورة تُظهر القنصل العام الجزائري بمرسيليا “بوجمعة رويبح” برفقة الناطق الرسمي باسم القنصلية الاسرائيلية بفرنسا “معاريف يوشري”-مثلما هو موضح في الصورة-  إثارة الجدل و التساؤلات حول العلاقات الجزائرية-الإسرائيلية رغم أنه لا يوجد هناك أي علاقات دبلوماسية رسمية بين الجزائر وإسرائيل,  فالجزائر منذ إستقلالها في 5 جويلية 1962 لا تعترف إطلاقًا بدولة إسرائيل على الأقل رسميًا و علنيًا.لكن في السر و الخفاء ربما الأمور تختلف كثيرًا.

 

مؤشرات قوية تؤكد وجود تطبيع جزائري-إسرائيلي
في شهر رمضان 2017،قام يهوديان مغربيان من جنسية فرنسية بزيارة سرية إلى الجزائر و بالتحديد إلى ولاية بشار بالجنوب الجزائري على الحدود المغربية استمرت ليومين التقيا خلالها عددًا من المسؤولين المحليين بولاية بشار-جنوب الجزائر- لإتمام الإجراءات الخاصة بنقل جثمان الحاخام اليهودي “أبحسيرة إسرائيل” المتوفى بتاريخ 09 جوان 1944.قبل أن يغادرا مطار بشار على متن الرحلة (أس أف 23/89) المتوجهة للجزائر العاصمة.
و هذين اليهوديين هما “أزروال موشي” -من مواليد 1935 بالدار البيضاء في المغرب- و”ليفي سيمون”- من مواليد 23 سبتمبر 1959 بالدار البيضاء-، حيث التقيا كل من رئيس بلدية بشار قبل التوجه إلى مديرية الشؤون العامة والتنظيم لولاية بشار للقاء مسؤولها هناك والتباحث فيما يتعلق بنقل رفات صهر “أزروال موشي” ورجل الدين اليهودي “أبحسيرة إسرائيل” الملقب بـ”بابا سالي” من بشار إلى مرسيليا بفرنسا، وهذا لبناء مزار له حتى يتسنى لليهود من أقاربه وممن عرفوه أم لم يعرفوه الترحم عليه والدعاء له  نظير ما قدمه من خدمات للديانة اليهودية وللتوراة وكذا التبرك بقبره.
و رغم أن نقل جثمان الحاخام “إسرائيل”، يأتي تنفيذا للاتفاقية التي عقدتها الجزائر مع فرنسا بخصوص نقل رفات الموتى، إلا أن تصريح صهره بنقل رفاة “إسرائيل” إلى مرسيليا يشوبها الكثير من الغموض فيما إذا كان الأمر يتعلق باستغلال هذه الاتفاقية لتحويل الرفاة إلى فرنسا ومنها إلى إسرائيل، لأنه لا يعقل أن يكرّم حاخام يهودي مشهود له بخدمة اليهودية والتوراة في فرنسا فقط، فمقام الرجل وفق هذا الاعتبار يفرض دفنه في إسرائيل “الأرض الموعودة والمباركة” وفق العقيدة اليهودية.
و قد راسلت وزارة الداخلية الجزائرية  واستنادًا إلى طلب من سفارة فرنسا بالجزائر، ولاية بشار منذ يناير 2017 لتحضير الإجراءات الخاصة بنقل هذا الحاخام، إلا أن هذه المراسلة لم تبلّغ بها بلدية بشار أو أن هذه الأخيرة أبلغت وتقاعست عن التنفيذ، إلا أنه بوصول صهر الحاخام ومرافقه وإيداعهما طلب نقل الرفاة وتحويله، تقرر الإسراع في هذه الإجراءات، حيث من المطلوب أن تتم مراسلة وكيل الجمهورية لدى محكمة بشار لأخذ رأيه في هذا الموضوع.
و تتواجد بالجزائر حوالي 100 مقبرة خاصة باليهود،و قد بادرالبرلماني الفرانكو إسرائيلي ماير حبيب،العام الماضي بتجميع مقابر اليهود في الجزائر و كان من المبرمج الشروع في تنفيذ ذلك شهر جوان 2017 لكن ذلك لم يحدث بعد أن عارض كبار الحاخامات مشروع تجميع رفات الموتى اليهود لتعارض مسألة فتح القبور ولستخراج الرفات مع الديانة اليهودية.لكن يبدو أن الأمر يختلف تمامًا عندما يتعلق بنقل رفات حاخام يهودي خارج الجزائر مثلما حدث مع الحاخام “إسرائيل أبحسيرة”.
في 25 جويلية 1999 حدثت المصافحة التاريخية بين الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود باراك، في الرباط المغربية، على هامش جنازة الملك المغربي الحسن الثاني. دام اللقاء بين الرجلين عشر دقائق، لكن الرئاسة الجزائرية حاولت نفي شبهات التطبيع السياسي، وفسّرت هذه الحادثة بكونها “لقاءً عفوياً وردّ تحية ليس إلا”. كما أعلنت الرئاسة في حينه أن “بوتفليقة أبلغ باراك قائلاً: لم تكن لنا أبداً مشكلة مع إسرائيل، وفي اليوم الذي سيُحلّ فيه الصراع مع الفلسطينيين سنكون سعداء بإقامة العلاقات الدبلوماسية معكم”. كما قام بوتفليقة خلال زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن، بداية عهدته الرئاسية الأولى، بلقاء رجال أعمال يهود، ودعاهم إلى الاستثمار في الجزائر.
بوتفليقة…عرّاب التطبيع الجزائري مع إسرائيل
و يقول المتتبعون للشأن الجزائري أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو حامل لواء التطبيع الجزائري مع إسرائيل و في عهده حدثت الكثير من الأمور التي توحي عن وجود رغبة و إن كانت غير معلنة لدى السلطات الجزائرية للتطبيع مع إسرائيل،ففي عام 2002 أظهرت صورة نُشرت في الموقع الرسمي للحلف الأطلسي، عن اجتماع عسكري شارك فيه نائب وزير الدفاع الوطني و قائد أركان الجيش الجزائري الحالي، الفريق أحمد قائد صالح، الذي كان جالساً قرب جنرال إسرائيلي يشارك في الاجتماع. وهي الصورة التي أثارت حفيظة الرأي العام، على الرغم من تبريرات السلطات الجزائرية.
كما قام وفد إعلامي جزائري، يضمّ ثمانية صحافيين، في 25 جوان 2000، بزيارة إلى إسرائيل، بدعوةٍ من الجمعية الإسرائيلية لتطوير العلاقات بين دول البحر الأبيض المتوسط، وبرعاية من وزارة الخارجية الإسرائيلية. استكمل الوفد خطوته بزيارة إلى رام الله، لكن الرئاسة الجزائرية سارعت إلى وصف الزيارة بـ”الخيانة، التي تمّت بمخالفة القواعد والأصول”. ووصفت الصحافيين بـ”الخونة”.
لكن وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، مادلين أولبرايت، حذّرت السلطات الجزائرية من المساس بالصحافيين، وتزامن ذلك مع إعلان اسرائيل عن وجود اتصالات بين السفير الإسرائيلي في باريس ومسؤولين جزائريين. وفي تلك الفترة أيضاً، قدمت مجموعة من الأشخاص، يتقدمهم مدير مدرسة في منطقة بوفاريك قرب العاصمة الجزائرية، يدعى “محمد برطالي”، بطلب اعتماد الجمعية الوطنية للصداقة الجزائرية الإسرائيلية، لكن السلطات الجزائرية رفضته.
وفي فبراير 2000، وجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة دعوة إلى المغني الفرنسي من أصول جزائرية، “إنريكو ماسياس”، لزيارة الجزائر، ضمن وفد رئاسي بقيادة الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي. لكن ردة فعل الرأي العام في الجزائر، إزاء هذه الدعوة، منعت حدوث هذه الزيارة.
فــ”ماسياس” اليهودي، داعمٌ للمواقف المؤيدة للجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، بل قام بحملة تبرّعات لجيش الاحتلال الإسرائيلي. ولم تتمّ الزيارة رغم الغطاء الإنساني والثقافي الذي مُنح لدعوة ماسياس، المولود في قسنطينة، شرق الجزائر، وإعلان عزمه زيارة البيت الذي ولد فيه، فضلاً عن زيارة قبر صهره مغني “المالوف” -الأغنية العربية الأندلسية- “الشيخ ريمون”، الذي قتله المجاهدونالجزائريون، لرفضه استقلال الجزائر عن فرنسا.
كما قرر الرئيس بوتفليقة فتح قنوات مباشرة مع الجالية اليهودية في أوروبا و السماح لها بزيارة الجزائر تحت غطاء زيارة المقابر و الأضرحة المقدسة اليهودية، وهنا تجدر الإشارة إلى دور الحاخام “هنري هادنبريغ” رئيس منظمة اليهود الفرنسيين (CRIF) في ترتيب و تدبير جميع العلاقات الجزائرية- الاسرائلية في باريس و العالم. و قد أشارت مواقع وزارة الخارجية الاسرائلية إلى اللقاء الذي تم في العاصمة الفرنسية بين  رئيس البرلمان الجزائري السابق الراحل البشير بومعزة و الحاخام الفرنسي “هنري هادنبريغ”، و التي كانت مناسبة لبحث سبل ترقية العلاقات الجزائرية الإسرائيلية، ولكن في إطار سري وغير معلن عنه وتحت الطاولة.
في ماي 2005، سمحت السلطات الجزائرية لـ250 يهودياً من مواليد الجزائر في أثناء الاستعمار الفرنسي، ويحملون جوازات سفرٍ فرنسية، بتنظيم موسم حج إلى “معبد قباسة” وقبر الحاخام اليهودي إفرايم، في منطقة تلمسان قرب الحدود مع المغرب. وفتحت هذه الزيارة الباب واسعاً لجهات إسرائيلية بإعادة فتح ملف ممتلكات اليهود ومعابدهم في الجزائر، والمطالبة بدفع تعويضات مالية عنها.
في عام 2006، أعلنت السلطات الجزائرية عن اعتماد ممثليةٍ للطائفة اليهودية، وفقاً لقانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين، الصادر عام 2005. وفي 13 فبراير 2015 أُقيمت جنازة رسمية، بحضور رسمي كبير، للممثل اليهودي فرنسي الجنسية “روجيه حنين”، وهو من مواليد الجزائر في أثناء الاستعمار الفرنسي. دُفن حنين في المقبرة اليهودية وسط العاصمة الجزائرية، بحضور رئيس جمعية الحفاظ على المقابر اليهودية في الجزائر، “برنارد حدّاد”. وأُقيمت خلال هذه الجنازة للمرة الأولى مراسيم دينية يهودية رسمية في الجزائر وارتداء القبعة اليهودية. ولم يكن تحفّظ الرأي العام في الجزائر إزاء هذه المراسم من الجانب الديني، لكنه كان يتصل بحساسية موقف الطائفة اليهودية السياسي تاريخياً.
و بتاريخ 13 ماي 2009 قال السفير الجزائري بمجلس حقوق الإنسان بجنيف إدريس الجزائري -حفيد مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر الجزائري-” …سأكون سعيدًا بأن أضع نفسي تحت تصرف الإسرائليين فيما يتعلق بجهود نزع السلاح في منطقة الشرق الأوسط…”.
و شاركت الجزائر في مؤتمر “أنا بوليس” للسلام الذي جرى في نوفمبر 2007 و ذلك بوفد رسمي يرأسه مندوبها في الجامعة العربية آنذاك عبد القادر حجار-سفير الجزائر بتونس حاليًا-. فالجزائر دولة غير معنية مباشرة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني و لا تعتبر من دول الطوق. فكيف يمكن تفسير هذا اللقاء الرسمي الإسرائيلي الجزائري؟ و ماذا كان الهدف منه؟.
و في جويلية 2014، أعرب وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى عن نيته إعادة فتح المعابد اليهودية المغلقة. وأمام اعتراضات السلفيين الذين اعتبروا القرار استفزازاً لمشاعر الجزائريين، أكّد الوزير أن الدستور الجزائري يكفل حرية المعتقد، وأن السلطات ستوفر الحماية الأمنية اللازمة لهذه الأماكن. ولكنه عاد وقال إنه ليس لديه جدول محدد لإعادة فتح هذه المعابد، لافتاً إلى أن ممثلي الجالية اليهودية أنفسهم غير متحمسين لإعادة فتح معابدهم خوفاً من تعرضها لاعتداءات.
و في عام 2015 حاول المخرج السينمائي الجزائري “الياس سالم”، المشاركة بفيلمه “الوهراني” في مهرجان “أشدود” في إسرائيل. واندلع جدال سياسي وإعلامي كبير في الجزائر شكّل ضغطاً كبيراً على وزارة الثقافة، لدفع المخرج إلى الانسحاب من المهرجان الإسرائيلي، خصوصاً أن الفيلم أُنتج من قبل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي.
و في 15 أوت 2015، شاركت خمسة أفلام جزائرية في مهرجان “لوكارنو” السينمائي في سويسرا. وهو المهرجان الذي كانت إسرائيل ضيفة الشرف فيه، ومُنعت الأفلام الفلسطينية من المشاركة. في هذا المهرجان لم تتخذ الجزائر موقفاً بمقاطعة المهرجان، مما اعتبرته بعض الأطراف سقطة فنية وسياسية، خصوصاً أن معظم الأفلام المنتجة في الجزائر، تمّت بدعم من وزارة الثقافة الجزائرية عبر “صندوق دعم صناعة وتقنيات السينما”.
كما إن انضمام الجزائر إلى ميثاق برشلونة ثم إلى مشروع الإتحاد من أجل المتوسط هو إعلان غير مباشر عن التطبيع مع إسرائيل رغم التحفظات الأولية و الرسمية الموجهة للإستهلاك المحلي و الكذب على الشعب الجزائري.
“مقام الشهيد” أحد معالم الجزائر….بنته شركة إسرائيلية
العلاقات غير المباشرة مع إسرائيل استمرت تحت نار هادئة عبر شركات إسرائيلية في كندا و أمريكا و أوروبا و قبرص و اليونان وتركيا. خلال هذه الفترة، كان الإسرائيليون يدخلون إلى الجزائر و يقيمون فيها بجوازات أ وروبية و أمريكية، حتى أن الشركة الكندية التي بنت مقام الشهيد في العاصمة هي في ملك اسرائليين و كنديين. إن الوزير الأول في مقاطعة كبيك في السبعينات و الصحافي أثناء الثورة روني ليفسك”René Lévesque ” كان الوسيط بين اليهود الكنديين و الإسرائيليين من جهة و الجزائر من جهة أخرى.حقبة الرئيس الشاذلي بنجديد عرفت أول لقاءات سرية جزائرية إسرائيلية بوساطة فرنسية وأمريكية في أوروبا و أمريكا اللاتينية، لقاءات خصصت لميدان التعاون الاقتصادي، فإسرائيل باتت تبيع للجزائر الطماطم و البطاطس و القمح و الدواء و البذور عبر شركات إسرائيلية مقراتها في أوروبا.
بعد الإطاحة بالشاذلي بن جديد من طرف المؤسسة العسكرية يوم 11 يناير 1992، و ما تبعها من حصار غربي للجزائر آنذاك، ورفض أغلبية الدول بما في ذلك دول المعسكر الشرقي بيعهم أسلحة متطورة لمجابهة الإرهاب – إرهاب الجماعة المسلحة الجزائرية و جماعة الدعوة و القتال-، تحول مسؤولو الجزائر إلى شراء الأسلحة من إسرائيل لكن ليس بشكل مباشر و إنما عن طريق البوابات التركية و الجنوب الإفريقية و من خلال السوق السوداء التي يسيطر عليها العملاء الإسرائيليون التابعون للموساد و هو ما تم الكشف عنه بتواجد كميات هائلة من الأسلحة الإسرائيلية بالجزائر خاصة رشاش “عوزي” الإسرائيلي.
الجزائر تستهلك أكتر من 5 مليار دولار سنويًا من المنتوجات الصناعية و الفلاحية و الطبية الإسرائيلية
كما أن العلاقات التجارية تواصلت دون انقطاع بين الجزائر و إسرائيل عبر شركات أروبية يملكها إسرائيليون إلى درجة أصبحت الجزائر تستهلك أكتر من 5 مليار دولار سنويًا من المنتوجات الصناعية و الفلاحية و الطبية الإسرائيلية حسب تقارير إقتصادية و تجارية أجنبية موثقة و دقيقة.
و تتعامل الجزائر مع إسرائيل “بالوكالة”، من خلال عمليات غير مباشرة لتصدير الغاز الطبيعي لمصر، ومن خلالها إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية و رغم علم السلطات الجزائرية بذلك لا تزال ماضية في تصدير كميات إضافية من الغاز الطبيعي إلى أسرائيل،عفوًا إلى مصر.
مئات اليهود زاروا تلمسان و مارسوا طقوس “الهيلولة” في 2017
بعد الاستقلال، حُرم اليهود من الحج إلى أكثر مناطق شمال أفريقيا قداسة بالنسبة إليهم. ولكن عام 2003، في عهد الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، تم تفعيل مخطط، بالاتفاق بين السلطات الفرنسية والجزائرية، يقضي برد الاعتبار إلى المعابد والمقابر اليهودية القائمة في الجزائر.وفي سنة 2006، صادق البرلمان الجزائري على قانون حرية الديانات الذي قاد إلى اعتماد جمعية دينية يهودية رسمية في الجزائر.
وقد سمحت السلطات الجزائرية، عام 2005، استجابةً لطلب من فرنسا، بفتح موسم الحج لوفود يهودية أوروبية، فأتوا إلى الجزائر مع وفود يهودية من سكان شمال أفريقيا لزيارة عدد من المواقع التاريخية والدينية والحج إلى قبر أفراييم ألانكاوه.
ولكن هذه الزيارة كانت آخر زيارة علنية لهم. إذ أوقفت الجزائر القرار بعد الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2006. علماً أن سكان مدينة تلمسان امتعضوا مما حصل وخرجوا في مسيرات حاشدة رافضين تكرار الأمر مجدداً وهدّدوا بحرق أملاك اليهود المتبقية في المدينة.
و يزور مئات اليهود سنويًا الجزائر بصفة عادية،حيث ترخص لهم السلطات الجزائرية الحج إلى مدينة تلمسان غرب الجزائر و بالتحديد  إلى قبر الحاخام “إفرانيم ألان كاوا” بحي قباسة بداية شهر ماي المقبل الذي يصادف موسم حج اليهود.و قد هرب الحاخام “أفراييم آلان كاوا”  من بطش الروم ليجد نفسه في عصر الزيانيين محاطًا برعاية السلطان الذي منحه منزلة الملوك، حيث عمل طبيبا ويعد أحد أقدس الأضرحة الذي تحج إليه الطوائف اليهودية من إسبانيا وفرنسا والبرتغال و قد توفي بتلمسان سنة 1442
ولم يعد خافيًا على سكان مدينة تلمسان الكبرى التواجد الملفت للنظر للأقدام السوداء وهم يأخذون صورا فوتوغرافية للعديد من البنايات كتلك الواقعة في شارع فرنسا وغيرها من الأماكن الأخرى، بل تجد البعض منهم حسب ما كشف عنه مصدر مطلع مزودين بخرائط تحدد أهم الأماكن التي يريدون التوجه إليها وهي مواقع اليهود ومساكنهم القديمة، وغالبا ما تكون هذه المواقع التي تحددها الخرائط، يهودية، مثل مقبرة اليهود بمنطقة قباسة، حيث ينام الحاخام آفراييم آلان كاوا الذي يعد ضريحه من بين الأماكن الأكثر تقديسا لليهود، خاصة الحجاج منهم لأداء طقوسهم الدينية والتعبدية والمعروفة في الأوساط الشعبية بــــ”الهيلولة اليهودية “، والمقصود بها الاحتفال بالطقوس الدينية وإحياء شعائر الديانة اليهودية أمام ضريح الحاخام آلان كاوا. هذه الطقوس التي غالبا ما تنحصر في الطواف على الضريح ورشه بكمية من الماء والملح مع الانغماس في حالة لاهوتية تعبدية قبل التوجه إلى المقبرة اليهودية، حيث يتم هنالك زيارة الأضرحة ووضع حجر صغير على كل ضريح في إشارة منهم أنهم زاروا الأضرحة، ففي كل زيارة يعمد اليهود إلى التعامل بهذا السلوك.
و بحسب مصادر جزائرية مطلعة لــــ”العرب اليوم” فقد زار شهر ماي 2017 حوالي 120 يهوديًا من جنسيات أوروبية مختلفة أغلبهم فرنسيين مدينة تلمسان الجزائرية أين مارسوا طقوس “الهيلولة” بالقرب من قبر الحاخام “إفرانيم ألان كاوا” بحي قباسة.
و وفقًا لذات المصادر فقد بدأت الاحتفالات الدينية بسهرة موسيقية قام بإحياءها حفيد الحاخام “آلان كاوا” من خلال تقديم نوتات و مقطوعات موسيقية على آلة البيانو. وإن كانت هذه الاحتفالات اليوم قد اقتصرت على ما سبق ذكره، فإنه في الماضي وحسب شهادات سكان تلمسان القديمة فإن الاحتفالات قديمًا كانت تجرى في شكل كرنفال يجوب شوارع تلمسان يتقدمه جوق موسيقي قبل أن ينتهي الحفل بعقد قران للعديد من الأزواج اليهود الذين يتم عقد قرانهم أمام الضريح تعبيرا منهم على استمرارية وبقاء سلالة اليهود لتقدم الحلويات على الحجاج التي يتم تزيينها بحبات الكرز التي يعتقدون أنهم هم من قاموا بزرع هذا النوع من الثمار ونقلوها إلى تلمسان.و عمرت الطائفة اليهودية بتلمسان من 1492 إلى سنة 1962 أين غادرت الجزائر مع آخر فوج من المعمرين بعد إستقلال الجزائر عن فرنسا يوم 5 جويلية 1962.
حوالي 30 ألف يهودي غادروا الجزائر إلى إسرائيل ما بين 1948 و 2014
أوردت الدائرة المركزية الإسرائيلية للإحصائيات بعض الأرقام تخص اليهود الذين غادروا الجزائر نحو إسرائيل، من 1948 إلى غاية 2014. ويبلغ عددهم الإجمالي 29 ألفًا و156 يهودي، وبلغت ذروة المغادرة من 1961 إلى 1971، ما يقارب 13 ألف يهودي، بينما أدنى عدد سجل سنة 2013 بـ285 يهودي، وثلاثة أضعاف هذا الرقم، أي 782 يهودي، سنة 2014 ممن غادروا الجزائر دون رجعة.
 و قد جاءت الجزائر في المرتبة الثانية في إفريقيا بعد تونس، فيما يخص أعداد اليهود الذين غادروها دون رجعة نحو إسرائيل سنة 2014. فقد أظهرت وثيقة نشرتها الدائرة المركزية الإسرائيلية للإحصائيات، على موقعها الإلكتروني، أن عدد اليهود المغادرين للجزائر سنة 2014، بلغ 782 يهودي، مقارنة بتونس التي غادرها 874 يهودي، ويقل هذا العدد بقليل في المغرب عن الجزائر وتونس، بـ729 يهودي.
واكتفى التقرير بكشف عدد اليهود الذين غادروا الجزائر فقط، بدءًا من 1948 إلى 2014، ولم يورد الأسباب التي دفعت هؤلاء للرحيل نحو إسرائيل. فخلال الفترة من 1948 إلى 1951، أي بعد إعلان قيام “دولة إسرائيل”، غادر من الجزائر 3810 يهودي، فيما قل العدد في الفترة من 1952 إلى 1960، إلى 3433 يهودي مغادر.
وسجلت الوثيقة مغادرة “واسعة” لليهود الجزائر، خلال السنوات من 1961 إلى 1971، فبلغ العدد 12 ألفًا و857 يهودي، وبدأ عدد اليهود المغادرين يتناقص بعد هذه الفترة، إلى 2137 يهودي من 1972 إلى 1979، وزاد العدد في الانخفاض إلى 1830 يهودي من 1980 إلى 1989، كما استمر العدد في الانكماش إلى 1443 يهودي من 1990 إلى 1999، رغم أن هذه الفترة شهدت سنوات الإرهاب.
وعاود عدد اليهود الذين غادروا الجزائر نحو إسرائيل، إلى الارتفاع بـ2506 يهودي من 2000 إلى 2012، رغم أن هذه الفترة بدأت فيها الجزائر تشهد استقرارًا أمنيًا ملحوظًا. لكن عدد اليهود المغادرين انخفض بشكل كبير خلال سنة 2013، (مغادرة 258 يهودي) وإن كان هذا العدد سجل في سنة واحدة، ثم تضاعف العدد في سنة واحدة بثلاث مرات، عام 2014، إلى 782 يهودي. ومقارنة بسبع دول من إفريقيا التي شملتها إحصائيات سنة 2014، جاءت الجزائر في المرتبة الثانية بين هذه الدول، حول عدد اليهود الذين غادروها.
فتصدرت تونس القائمة بـ874 يهودي، يليها المغرب بـ729 يهودي، ثم الجزائر بـ782 ورابعا إثيوبيا بـ211 يهودي. أما العدد الإجمالي لليهود المغادرين هذه الدول، فاحتل المغرب المرتبة الأولى بـ273 ألف و103 يهودي.ونقل التقرير عن “زعماء دينيين” أن “أقل من 200 يهودي يوجدون بالجزائر”.
اليهود كانوا مستوطنون في الجزائر منذ نحو 2500 سنة
ينسب الباحثون بدايات الجالية اليهودية في الجزائر إلى ما قبل نحو 2,500 عام. في سنة 1391 في أعقاب ملاحقة يهود إسبانيا، وصل الكثير من اللاجئين إلى الجزائر، وجعلوا من الجزائر مركزا اقتصاديا وثقافيا مزدهرا. في أعقاب طرد يهود إسبانيا عام 1492 وصل المزيد من اللاجئين للسكن في الجزائربضمنهم من ذوي المهارات والمواهب المتعددة. بلغ تعداد يهود الجزائر عام  1830نحو 30,000 شخص.
بحسب موقع المركز العالمي لحضارة يهود شمال أفريقيا، فقد كان التطور الاقتصادي في منطقة المغرب أحد العوامل المركزية في تطور يهود شمال أفريقيا. فقد تحولت المدن الساحلية مثل هونين وباجيا إلى مدن مركزية بفضل التجار اليهود. عام  1870 حصل يهود الجزائر على الجنسية الفرنسية، والتي تم سحبها منهم لاحقا خلال الحرب العالمية الثانية.
و مؤشرات أخرى تنفي وجود أي تطبيع جزائري-إسرائيلي
لكن ما ينفي صحة الأنباء و المعلومات التي تفيد أن الجزائر تطبع مع إسرائيل هو منع الإحتلال الإسرائيلي المنتخب الأولمبي الفلسطيني السفر إلى الجزائر،حيث حرمه الاحتلال من نصف تعداده في سفريته إلى الجزائر لخوض معسكر تحضيري، استعدادا لمشاركة الأولمبي الفلسطيني في تصفيات كأس أمم آسيا لفئة أقل من 23 سنة.
وكشفت مصادر صحفية فلسطينية نقلاً عن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، أن المنتخب الأولمبي الفلسطيني سيسافر إلى الجزائر اليوم السبت، لخوض معسكر تدريبي، استعدادا لتصفيات كأس أمم آسيا “تحت 23 عاما”، وأضافت ذات المصادر إن الاحتلال رفض منح ثمانية لاعبين ينتسبون إلى قطاع غزة اختارهم المدير الفني للمنتخب الأولمبي أيمن صندوقة، تصاريح دخول المحافظات الشمالية، لأجل اللحاق بالبعثة الفلسطينية قبل سفرها للجزائر. واللاعبون الثمانية هم: عبد الباري بدوان، وإبراهيم الترامسي، وباسل الأشقر، ووليد أبو دان، وصائب أبو حشيش، وأنس الشخريت، وفارس عوض، ومحمد مريش.
وأوضحت المصادر أن الاتحاد سيحاول خلال الساعات المقبلة، التواصل مع الجانب (الإسرائيلي)، على أمل نجاحه في الحصول على تصاريح للاعبي غزة، قصد ضمهم إلى المعسكر الذي سيجرى في الجزائر ويمتد لـ10 أيام، حيث سيقيم وفد “الفدائي” بالمركز التقني لسيدي موسى على نفقة الاتحاد الجزائري لكرة القدم، ومن المرتقب أن يواجه عدة نواد جزائرية وديا.
يشار إلى أن المنتخب الأولمبي الفلسطيني يلعب ضمن المجموعة الخامسة من تصفيات أمم آسيا “تحت 23 عاما”، التي تضم طاجكستان، الأردن، بنغلاديش، ويستهل مشواره بمواجهة طاجكستان الأربعاء 19 جويلية المقبل، ثم يلتقي الأردن بعدها بيومين، ويختتم مبارياته في الـ23 منه بملاقاة بنغلاديش.
وقد سبق للمنتخب الفلسطيني أن زار الجزائر في شهر شباط/فبراير من العام الماضي، حيث أقام أسبوعًا كاملاً بالجزائر احتفالاً بيوم الشهيد، وواجه خلاله المنتخب الأولمبي الجزائري وفاز عليه بهدف لصفر بملعب 5 جويلية الأولمبي بالعاصمة.
و من جهة أخرى،تواجه قافلة المساعدات الجزائرية التي انطلقت قبل أسبوع نحو غزة، مصيرًا مجهولاً بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد القطاع، بشكل سيؤثر مباشرة على إجراءات تسيير معبر رفح مع مصر.
والأسبوع الماضي، توجهت باخرة مساعدات جزائرية نحو قطاع غزة بمبادرة من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهي حاليا في طريقها نحو ميناء بور سعيد المصري، قبل نقلها برا بالشاحنات نحو معبر رفح من أجل تسليمها لأهالي القطاع.وتتشكل هذه القافلة من 14 حاوية بقيمة تفوق 3 مليون دولار، وبها 4 سيارات إسعاف مجهزة و20 نوعًا من المعدات الطبية و173 نوعا من أدوية حيوية.وتضم القافلة أيضا 173 مولدًا كهربائيًا منها عدة مولدات من الحجم الكبير، ومصابيح كهربائية و2 طن من التمر المعجون و65 درجة هوائية وأغطية وألبسة.ويعود هذا المشروع التضامني إلى أكثر من سنتين، لكن القائمين عليه حصلوا على الموافقة المصرية لدخوله القطاع شهر فيفري الماضي .
وخلال الثلاثة أيام الأخيرة، شهد قطاع غزة هجمات جوية متقطعة من طيران الاحتلال الإسرائيلي، الذي يقول أنها استهدفت مواقع للمقاومة بدعوى سقوط قذائف في  النقب الإثنين الماضي.
وكانت قيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، متفائلة بشان سرعة وصول هذه المساعدات إلى أهالي القطاع بعد الضوء الأخضر الذي تلقته من القاهرة، لكن هذا العدوان الإسرائيلي الجديد والذي يتوقع البعض استمراره قد يعقد مسار دخول القافلة، بحكم أن السلطات المصرية تلجأ مع كل عدوان على غزة إلى تشديد إجراءات التنقل عبر معبر رفح.
كما كشف تقرير أعدته القناة الثانية الإسرائيلية، أن الكثير من البلدان العربية تفضل فتح علاقات دبلوماسية مع تل أبيب من ” تحت الطاولة”، مؤكدا رفض الجزائر قطعيا إقامة علاقات دبلوماسية مع الکیان الاسرائيلي سواء بالعلن أو السر.
وبدأ التقرير بطرح تساؤل حول أي دول تقيم علاقات مع إسرائيل، وأيها تدير لها ظهرها؟، موثقا ذلك برسم خارطة للعلاقات الدولية للکیان الإسرائيلي.
ووفقا للخريطة المرسومة بحسب التقرير، فإن 16 دولة فقط لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل على رأسها الجزائر التي لا تعترف بإسرائيل، وتتضمن القائمة أيضا سوریا، أفغانستان، وباكستان، وماليزيا، والعراق،  واليمن والصومال وليبيا وایران.
وأوضح التقرير أن هنالك أيضا ثلاثة دول في العالم لا تقييم علاقات مع إسرائيل وهي مملكة “بوتان” التي تقع في جبال الهيمالايا بين الصين والهند، بنغلادش، كوريا الشمالية.
وقال الموقع إن الکیان الاسرائيلي تدير أو على الأقل حتى الآن أدارت علاقات سرية “من تحت الطاولة” مع مجموعة من الدول العربية تصفها بـ”المعتدلة فيالخليج وشبه الجزيرة العربية”، من بينها السعودیة وقطر، عمان، الإمارات و البحرین واضافة الی المغرب.
وذكر التقرير أن هناك دولاً غير إسلامية ترتبط بعلاقات غير مستقرة مع الکیاو الاسرائيلي التي ارتبطت في تسعينيات القرن الماضي بعلاقات مع النيجر، مالي، جزيرة كمورو وجميعها دول إفريقية، لكن هذه العلاقات قطعت تقريبا أو تم قطعها بشكل تام مع مرور الأيام. وهذا التوصيف ينطبق على علاقات إسرائيل مع فنزويلا الواقعة في أمريكا الجنوبية والتي تتميز علاقاتها مع إسرائيل بحالة من عدم الاستقرار بعد أن قطع الرئيس الفنزويلي السابق تشافيز، علاقات بلاده مع إسرائيل بعد عدوانها علىغزة وهي خطوة احتذت بها أيضا عدة دول في امريكا اللاتينية، منها بوليفيا التي قطعت علاقاتها مع العدو الاسرائيلي بعد عدوان ”الرصاص المصبوب” الذي استهدف عام 2009 قطاع غزة.واختتم الموقع الإلكتروني للقناة الثانية تقريره بالقول إن 32 دولة فقط من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة لا تعترف بالکیان إلاسرائيلي.
شارك هذا المقال على منصتك المفضلة

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد