عندما شبه مصطفى بيتاس رئيسه الحزبي بصحابي مبشر بالجنة

المحرر الرباط

 

في خرجة أقل ما يقال عنها أنها خرجة مفاجئة وصادمة، تلقى المتابع المغربي تصريحا للمدعو “مصطفى بايتاس” عضو حزب التجمع الوطني للأحرار، يشبه فيها رئيس حزبه “عزيز أخنوش” بالصحابي الجليل عثمان بن عفان، تصريح يعيد الى الواجهة من جديد جدلية زوج المال و السلطة، وتأثيرهما على العمل السياسي.

 

تشبه الملياردير عزيز اخنوش بصحابي جليل من الخلفاء الراشدين، يجعلنا نستحضر ما سبق و أن قاله رئيس الحكومة السابق “عبد الإله ابن كيران” حول “زواج المال والسلطة” حينما وصفه بكونه “خطر على الدولة” و من شانه أن يتسبب فيما لا يحمد عقباه.

 

هو زمن مغربي أغبر بامتياز، طال واستطال، وصرنا نسمع فيه مثل هذه التصريحات الهلامية، من طرف شخصيات سياسية، كنا نعتقد أنهم من حملة الفكر التنويري، ومن المفترض أن يمتلكوا الطرح البديل، والحل المناسب، و أن يساهموا في إغناء الساحة بالنقاش، من خلال أفكار ومقترحات وتصورات علمية، موضوعية وواقعية، لكن الواقع شيئا آخر، وهاهو ” مصطفى بايتاس”، ينطق بكلام سفيه، ولم يجد من شخصية كي يشبه بها زعيمه في حزب التجمع الوطني الأحرار”عزيز أخنوش”، سوى شخصية “عثمان بن عفان”.

 

تشبيه بيتاس الغير منطقي، مردود عليه، لانه وببساطة وكما تقول القاعدة الفقهية “لا قياس مع وجود فارق”. فالصحابي الجليل، ذو النورين عثمان بن ثالث، وثالث الخلفاء الراشدين،بعد كل من ابوبكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وواحد من العشرة المبشرين بالجنة ، شخصية غنية عن التعريف ولن يكفي هذا الحيز لذكر كافة مناقب هذه الشخصية العظيمة التي خدمت الدين الإسلامي، وأعطت من حياتها ودمها كل شيء في سبيل عزته ونصرته، حتى انتشر الاسلام في مشارق الارض ومغاربها، واتسعت رقعة الإمبراطورية الاسلامية شرق وغربا.

 

في المقابل، فان آخر اهتمامات الملياردير السوسي “عزيز أخنوش” هي توسيع رقعة امبراطوريته المالية، ورفع نسبة ارقام “الهولدينع” الذي يملكه في البورصات، وتحقيق الإرباح وجمع المال، ثم بعد ذلك جمع أصوات انتخابية، من اجل دخول البرلمان، او الفوز بكرسي رئيس الحكومة، وهنا يظهر الفرق الكبير بين الشخصيتين، وشتان بين الطموحين والرغبتين، وشتان بين الثرى والثريا.

 

كما أن شخصية عثمان بن عفان كانت تسير ثروتها بالعلم والمعرفة الربانية، بحيث ان عثمان جعل من ماله وثروته، مالا للمسلمين وفقرائهم، وصرف جانيا كبيرا منه في خدمة الدولة الاسلامية الحديثة العهد، بمسؤولية ومحاسبة ومراقبة، من دون طمع في سلطة تحمي الثروة، وتمنح الامتيازات لتوسيع مجال التجارة والأعمال ، ومن دون أن يوظف رضي الله عنه ماله وثروته لتدعيم سلطته السياسية ، او شراء تعاطف وتأييد الناس والمواطنين ووسائل الاعلام.

 

ما سبق ذكره، يشكل فارقا لم ينتبه اليه “مصطفى بايتاس”. كما أنه لم يدرك أن السلطة والمال لدى الصحابي الجليل “عثمان بن عفان” كانت بعقل وقلب وعاطفة وغيرة وحب، عقل متفطن للواقع الاقتصادي والاجتماعي السائد جينذاك، وعاطفة حب الناس المشكلين في غالبيتهم من الضعفاء والفقراء، كما انه كان ذا عيرة على أمر وشؤون الدين فصرف من ماله لتقوية أواصر الدولة الاسلامية الفتية حينذاك، فكان نموذجا ظل يحتذى به الى يومنا هذا في زهده و غيرته.

 

أما المال الأخنوشي و كما يعلم الجميع، فهو مال خاص، لايصرف منه الشيء الكثير من اجل مصلحة الوطن والمواطنين اللهم أشياء قمينة بأن تذكر وتنتشر في مجال الاحسان والخير، غير ذلك ليس سوى ثروات تضاعفت وتضاعفت،عبر الأعوام والسنين، ولم نسمع ان أخنوش بنى مؤسسة تعليمية ، او شقق للفقراء، او مستشفى للامراض السرطانية في الريف، او مستشفى صحي بجرادة، وغيرها من المدن والمناطق التي تعيش الفقر والتهميش .

 

عثمان بن عفان رضي الله عنه، لم يكن يملك “الحق” في “الاحتكار” وهو القرب اشد ما يمكن من السلطة والاختباء خلفها لمراكمة الثروة خارج شروط وقواعد المنافسة والحكامة الجيدة.بل كان تاجرا عاديا كبقية التجار والاغنياء الاخرين، يسري عليه ما يسري على منافسيه، اما من يدافع عنه “مصطفى بايتاس” ويعظمه ويجعله في مرتبة الصحابة فانه يجسد فعل “الاحتكار” في اجل صوره وأشكاله. الاحتكار ونيل الصفقات وابرامها والاستفادة من امتيازاتها وما تدره من اموال.

 

فكم يحز في النفس أن تجد مثل هذا “المصطفى بايتاس” يمارس الشعوذة والتصليل، والباس لبوس الحق للباطل، في جرأة متناهية ومن دون أن يرف له جفن، يأتي ويقارن لنا رئيسه” عزيز أخنوش” بالصحابي الجليل “عثمان بن عفان” رضي الله عنه، وانها لوقاحة ما بعدها وقاحة، وجرأة كبيرة الغرض منها استبلاد واستحمار الناس، ولا فكر مستبلد ومستحمر الا مثل فكر “بايتاس” ومن تبع قوله الى يوم الدين.

Exit mobile version