مستثمرون “أشباح” يحولون أراض “صوديا” و”صوجيطا” إلى مقالع للرمال

المحرر خاص

 

رغم مرور أكثر من 10 سنوات على عمليات تفويت أكثر من 100 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية الخصبة التي كانت تسير سابقا من طرف الدولة بواسطة شركتي صوديا وصوجيطا لا زال الجدل قائما حول مصير مجموعة من هذه الأراضي التي يماطل المستثمرون في إنجاز ما تعهدوا به من مشاريع فلاحية في إطار البرامج الاستثمارية المتعاقد عليها وفي الآجال المتفق عليها.

 

فرغم مرور كل هذه المدة الطويلة، لا زالت بعض هذه المشاريع متعثرة لأسباب ذاتية في أغلب الأحيان تتعلق بعدم قدرة المستثمر على تخصيص الإمكانات المادية الكافية أو بسبب التناقض الصارخ بين المشروع النظري الذي تم التعاقد حوله وبين تنزيل هذا المشروع على أرض الواقع، أو في بعض الأحيان بسبب سعي بعض المستثمرين إلى تحقيق أرباح سريعة عبر تحويل الأراضي استأجروها إلى مقالع للرمال أو الحجر وتصرفهم فيها تصرف المالك في ملكه. ولبلوغ هدفهم سعى بعض هؤلاء المستثمرين إلى الحصول على ترخيص من وزارة الفلاحة أو من مديرية أملاك الدولة المكلفة بتدبير ملفات هذه الأراضي من أجل القيام بعملية إزاحة الرمال أو الأحجار من أجزاء من الأراضي التي فوتت لهم على اعتبار أن إزالة هذه المواد ضرورية لإصلاح هذه الأراضي قبل الشروع في إنجاز المشروع الفلاحي. بينما الغاية من سعيهم هذا هي الاستحواذ على مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من المواد الصالحة للبناء وتسويقها دون موجب حق.

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يحاول أحد المستثمرين الذي يحتل ضيعة بجهة الغرب تتعدى مساحتها 250 هكتار الحصول على الموافقة لإزاحة الرمال من جزء من هذه الضيعة المجاورة للبحر علما أن هذا الجزء الذي تكسوه الرمال تفوق مساحته 50 هكتار وعلو الرمال به 25 متر. وبعملية حسابية سهلة يمكن الجزم بأن كميات الرمال التي يريد صاحبنا استخراجها تفوق 12 مليون متر مكعب وأن أقل مدة لازمة لاستخراج هذا الكم الهائل من الرمال هي 10 سنوات. فكيف يعقل أن مستثمرا يربط إنجاز مشروع فلاحي متعاقد عليه بوجوب إزالة الرمال من جزء من هذه القطعة وأنه لن يتمكن من إنجاز هذا المشروع إلا بعد الانتهاء من عملية إزاحة الرمال أي أنه يجب انتظار 10 سنوات لإنجاز هذا المشروع. كما أن المستثمر أثناء مساعيه المتكررة يسكت على مصير كل هذه الملايين من الأمتار المكعبة من الرمال بنية تسويقها خلسة مع علمه أن هذه الرمال تدخل ضمن الملك العمومي وأن بيعها يجب أن يتم عبر المزاد العلني وبإشراف القطاع الوزاري المعني وذلك بعد أن يتم التأكد أولا من ضرورة إزاحة هذه الرمال. كما أنه قبل وضع ملفه الاستثماري كان على علم بطبيعة الأرض وأنه بالتالي أخد بعين الاعتبار كل المعطيات قبل تحديد مقترحه.

 

هذا مثال صارخ للأسباب الواهية التي يتخذها بعض المستثمرين كحجة لتبرير تقاعسهم في إنجاز المشاريع التي التزموا بها رغم أن الدولة سبق لها أن منحتهم مهل متعددة للشروع في إنجاز ما تم الاتفاق عليه ورغم أن الأراضي التي تم تفويتها في إطار الأشطر الثلاثة التي عرفتها هذه العملية كانت في الماضي القريب تستغل فلاحيا من طرف شركات صوديا وصوجيطا وتعتبر من أجود الأراضي الفلاحية بالمغرب.

 

رغم مرور أكثر من 10 سنوات على عملية تفويت الأراضي الفلاحية التابعة للدولة في إطار تعاقدي مع الخواص لا زالت إدن بعض هذه الأراضي تنتظر أن يتخذ القطاع الوصي قرار سحبها من أيدي المستثمرين المماطلين على اعتبار أنها تدخل ضمن الملك العام الذي هو ملك لكل المغاربة وجب المحافظة عليه وتثمينه عوض التخلص منه وكأنه بضاعة كاسدة.

 

اليوم وبعد مرور كل هذه المدة يبدو مشروعا طرح سؤال منطقي حول حصيلة هذه العملية التي أريد منها بعث ديناميكية جديدة في قطاع فلاحي متهالك فيما نعتها العديد من المختصون بأنها عملية فاشلة اتسمت بالارتجالية والضبابية. هذا السؤال يجرنا إلى أسئلة أخرى: لماذا تعاملت الدولة مع المستثمرين المماطلين بكل هذا التسامح وكأن الأمر عمل خيري؟ لماذا لا زالت بعض الشخصيات النافذة ترفض أداء السومة الكرائية السنوية في آجالها المحددة رغم أن هذه السومة جد هزيلة حيث لا تتعدى في الغالب 700 درهم للهكتار في الوقت الذي تقوم به مديرية الشؤون القروية التابعة لوزارة الداخلية بكراء أراضي أقل جودة تابعة للجماعات السلالية بأكثر من 6000 درهم للهكتار؟

 

طرحنا هذه الأسئلة الملحة على أحد البرلمانيين فأكد لنا أن هناك قناعة لدى نواب الأمة بضرورة الخروج القريب للجنة برلمانية استطلاعية لتحريك المياه الراكدة في هذا الملف وتقييم هذه التجربة التي أسالت مدادا كثيرا وإجبار القطاع الوصي على تحمله مسؤوليته كاملة.

شارك هذا المقال على منصتك المفضلة