قيامة 7 اكتوبر 2016 : “البيجدي و فرض التجربة الاخوانية المصرية”

رشيد قنجاع
تشهد الساحة السياسية المغربية حركية تنظيمية داخلية لكل الاحزاب السياسية من اجل الحسم في لوائحها الانتخابية ، حتى تكون في الموعد على اتم الاستعداد لخوض الاستحقاق الانتخابي ، بما يخول لها دلك من تربع مكانة مريحة في المؤسسة التشريعية تضمن لها لعب دورا محوريا او تحالفيا في تشكيلة حكومية مقبلة .
و قد نبه عاهل البلاد في خطابه بمناسبة عيد العرش لسنة 2016  أنه بمجرد “اقتراب موعد الانتخابات، وكأنها القيامة، لا أحد يعرف الآخر، ” و هو بهذا التنبيه و باستعمال مصطلح القيامة لم يكن يرمي إلا المنحى الديني بل إلى الاستعمال الشعبي المتوارث لمدلول القيامة بما يعني حالة من الهيجان و الطيش حد يجعل كل الاساليب المشروعة و غير المشروعة مباحة . مما قد يدفع بالبلاد والعباد إلى خيارات لا تحمد عقباها.
إلا ان المتتبع لما يجري و الاستعدادات الجارية في سياق الحسم في اللوائح الانتخابية ، دفعني بشكل لاإرادي أي بشكل مفروض على الذات ، إلى تتبع الكيفية التي يدير بها حزب العدالة و التنمية استعداداته و هي الكيفية التي لا يمكن  توصيفها إلا بالتحضير الصارم و غير المالوف لانتخابات 7 اكتوبر على أساس انها ستكون في وعيهم يوم القيامة حيث أن فرقتهم هي الفرقة الناجية ، و لتحضير و استحضار هذا اليوم الحاسم اعتمدوا بطريقة منهجية اقتباسية بشكل حرفي التجربة المصرية أي تجربة الاخوان المسلمين في انتخاباتهم لرئاسة الجمهورية المصرية.
ان استلهام التجربة الاخوانية المصرية لم يكن فقط استلهام اختياري بل هو موقف مبدئي راجع بالاساس إلى تبعيتهم للتنظيم الدولي للاخوان و إلى قناعة راسخة لديهم أن الوطن ثانوي و أن الامة تحت قيادتهم هي الاساس ، و خير مثال على ممارساتهم المقتبسة هو محاولة الترويج لمصطلح التحكم قصد تغييب مصطلح التمكين الذي نهجوه في تعيين مواليهم في مناصب الدولة و آخرها أزمة رفض التعيينات الاخيرة و هنا استحضر مقال للكاتب المصري عبد الجليل الشرنوبي المنشور في جريدة الاهرام  تحت عنوان “العشر الشداد “حيث أكد :( بينما تظل الديمقراطية والحريات والمشاركة والتعددية مجرد أدوات مرحلية نحو التمكين وتنتهى فعاليتها بمجرد بلوغه، ولا يعدم حينها أصحاب (المشروع الإسلامي) المبرر فى تحريمها وتجريمها وتأثيمها واتهام كل داعٍ إليها بالضلوع فى انقلاب أو التخطيط لقلب نظام حكم وعداء دين الله ورفض تحكيم شرعه بغض النظر عن تبعية القوانين التى تحكم للشرعية الإسلامية!). و هو ما انطبق على الاتهامات المتكررة لليساريين في حزب الاصالة و المعاصرة برغبتهم و نيتهم في قلب النظام .
لن يجادل احد في كون السيد حسن البنا يمثل الاساس المرجعي و الفكري لكل التنظيمات الاسلامية على خريطة الوطن العربي بما فيها إخوان العدالة و التنمية بالمغرب ، و ما استحضار هذا المرجع مرده إلى الرسالة التي وجهها إلى أعضاء مجلس الارشاد قصد حثهم على الاستعداد للانتخابات و المرامي و المكاسب التي سيتم تحقيقها عبر سلك مسلك اللعب على وثر الديمقراطية سنة 1948 .
في هذه الرسالة حدد حسن البنا للاخوان ضرورة مناصرة مرشحين من خارج التنظيم حيث قال في هذا الصدد ” من قدموا للإخوان خدمة سابقة، واتصلوا بالإخوان من قبل ثقة وثيقة وبدا منهم حسن الاستعداد للفكرة الإسلامية، وهؤلاء سيناصرهم المكتب والإخوان أيًا كانت ألوانهم السياسية على أن تكون المناصرة بحكمة ولباقة، وهؤلاء لا يعرفون إلا بعد ظهور الترشيحات، وحينئذ سيرسم المكتب لكل دائرة طريق مناصرتها لمرشحها هذا” ، و هنا استحضر الحدث الغريب و لكنه في صلب منطق إخوان العدالة و التنمية بالمغرب و المتجسد في تزكية الدكتور نجيب الوزاني أمين حزب مستقل في لوائح البيجيدي ، و هذا هو التفسير الوحيد لهذا الترشيح ، أي الولاء و التبعية و منطق التقية و هو ما نجده في التجربة المصرية مع المحامي ايمن نور الذي كانوا يروجون له بالوجه الليبيرالي المتفتح في الساحة السياسية المصرية.
كما ان محاولة إخوان العدالة و التنمية استقطاب أصوات شابة دات ميول يسارية من قبيل نجيب شوقي و الاستاذة  لطيفة بوحسيني يدخل في سياق  يتمثل في محاولة العدالة و التنمية تقسيم المجتمع و حصر الصراع الانتخابي بينه و بين البام ، مستهدفين شيطنة الاصالة و المعاصرة و من خلفهم الاتحاد الاشتراكي و التحالف اليساري .
كما ان حساسية قيامة الانتخابات المقبلة ابانت بالملموس عن هوس و جنون التنظيم الحزبي لإخوان المغرب ، و هو ما دفعهم إلى تجييش لوائحهم بأعضاء حركة التوحيد  ( الحمداوي بالعرائش) و هي الحركة التي مافتئوا يدافعون عن كونها بعيدة كل البعد عن الممارسة السياسية في وجه من كانوا يؤكدون ثنائية العمل الدعوي و السياسي .
و في نفس السياق يأتي التنسيق بل التكامل السلفي الاخواني ليعبر عن المشهد المصري ، من منطلق انه في اللحظات الحاسمة تغيب التنظيمات الثانوية و يلتف الجميع حول التنظيم الاساس ، لأن الامر لا يتطلب المهادنة و المراوحة، و في هذا السياق يأتي ترشيح السلفي القباج في عاصمة السياحة بالمغرب و لكم في ذلك رسالة لمن يهمه الامر.
إن القيامة التي تحدث عنها ملك البلاد في خطاب عيد العرش ليست القيامة التي تحدث عنها عبد الاله بنكيران في مجلسه الحكومي و التي في نظره لم تحن بعد ، أي لازال الوقت امامها لبضعة ايام حتى يوم 7 اكتوبر ، هي القيامة التي دعا لها الداعية و الزعيم الاخواني سلامة عبد القوى و الذي كان مستشارا لوزير الاوقاف في حكومة الاخوان في مصر حيث دعا ” اللهم إني اسألك ان تحشرني في زمرة النبيين و الصحابة و الصالحين و الاخوان المسلمين”.

زر الذهاب إلى الأعلى