عادل قرموطي المحرر
لقد بات من الواضح أن المغرب يراهن اليوم على نخبة تضم مجموعة من أثرياء الحرب، الذين استغلوا الوضع القائم من أجل الاغتناء، هؤلاء الاشخاص و حسب ما يرويه المقربون منهم، كانوا حتى الامس القريب ينتمون للطبقة الفقيرة، و من بينهم من كان يغسل كلاب الاسبان، ليتحولوا بقدرة قادر الى أثرياء يمتلكون مشاريع بالمغرب و خارجه، و يتحكمون في كواليس الاحداث باستغلال أموال الدولة من جهة، و معاناة الفقراء من جهة أخرى.
اعتماد المملكة المغربية على هؤلاء ما كان ليتحقق لولا تواجد نخبة سياسية و ادارية فاسدة، ساهمت بشكل مباشر في تقويتهم، و توسيع نفوذهم، و استفادت بدورها من هذا الوضع، من خلال الهدايا الثمينة و الاموال الطائلة التي كان بعض المسؤولين يتلقونها نظير الخدمات المقدمة لهؤلاء، من خلال تفويت المشاريع، و الضغط على المسؤولين المحليين لقضاء أغراض طبقة أصبحت تتحكم في مختلف الادارات العمومية، و تخويف أي مسؤول محلي بالعقاب عند رفض الامثتال للاوامر .
اليوم و نحن نتابع النخبة التي لطالما راهنت عليها الدولة في ملف الصحراء، ينتابنا إحساس بأن الامر لا يعدو أن يكون مجرد نصب و احتيال تعرض له الوطن على أيدي مسؤوليه السابقين، خصوصا عندما يتعلق الامر بمجموعة من الاشخاص الحاصلين على جنسيات أخرى، و مستعدين لمغادرة الوطن في اتجاه مشاريعهم و حساباتهم البنكية كلما احتاجهم الوطن، و في مع ذلك لازال هؤلاء مستمرون في نهب صناديق الدولة، و المشاركة في الحرب الاستنزافية التي تشنها بعض الجهات على المغرب.
لماذا تجعل الدولة بينها و بين المواطن أشخاص يدعون أنهم مؤثرون؟ سؤال نطرحه على أنفسنا كلما تابعنا أحد هؤلاء و هو يوزع خمسين درهما على الفقراء من أجل حشدهم لالتقاط الصور، و كلما بلغ الى علمنا أن آخر قد توسط لعائلة كي يحصل أحد أفرادها على بطاقة انعاش و من تم يبدأ في استغلالها أبشع استغلال، لقضاء مآربه السياسية، و للظهور كشخصية مؤثرة في الصحراء، رغم أن الواقع يؤكد أن السواد الاعظم ممن يقف بجانبه يكرهونه لنتابع مشهدا من مشاهد النفاق الاجتماعي المقيت المرتبط بلقمة العيش التي توفرها الدولة للمواطن و يستغلها صاحبنا على طريقته الخاصة.
و عندما نحلل و نناقش هذه الوقائع، نكتشف، للأسف الشديد، أن الدولة المغربية هي مصدر الامتيازات التي تجعل بعض الناس يتبعون اثرياء الحرب، و أن هؤلاء لم تكلفهم عملية تعبئة الفقراء فلسا واحدا، بقدر ما استفادوا من الكعكة التي يتوسطون في ايصالها لاصحابها، و بالتالي بدل أن تضمن الدولة ولاء مواطنين صالحين يدافعون عنها، تربط نفسها بوسيط بينها و بينهم، أكدت الايام أنهم يلعبون على الحبلين، و على انعدام الاخلاص بدواخلهم و ارتباط ولائهم للدولة نفسها بالاستفادة من الريع و الامتيازات، بحيث أن الدولة لابد لها أن تدفع أكثر و أكثر حتى لا ينقلب عليها الكبش الذي ظلت توفر علفه و مشربه.
لا تخلو مدينة من مدن الصحراء من وجوهٍ تاريخها يجعل المتتبعين يتساءلون عن مصدر الثروة التي ينعمون فيها، و عن سر النفوذ الذي يتمتعون به، في وقت تتابع فيه الاغلبية الصامتة الوضع في صمت، و يزيد يقينها يوما بعد يوم، من كون المغرب و مهما طال عمر هذا النزاع، سيعود للبحث عن ذلك المواطن الذي لا يؤمن بأعيان ولا بشيوخ، عن ذلك المواطن الذي انتُزِع حقه منه و أعطي لسمسار يساومه به، و يفرض عليه شروطا للاستفادة منه، و هناك ستتأكد الدولة من أنها قد راهنت على السراب…. يتبع.