ألم يحن الوقت لتجديد هياكل ديبلوماسياتنا و مصالحنا الخارجية؟

المحرر العيون

 

لا يختلف اثنان حول انحياز الحكم القضائي الذي أصدرته محكمة العدل الاروبية بخصوص اتفاقية الصيد البحري بين المغرب و الاتحاد، و رغم ما تضمنه من تجاوزات الا أنه يعكس الموقف الضعيف للديبلوماسية المغربية، و مدى ضعفها في الترويج للطرح المغربي بكل الوسائل حتى الغير شرعية منها، طالما أن الامر يتعلق بحرب و الحرب خدعة.

 

قرار المحكمة بتجاوز اختصاصاتها، و يعد ضربا في مصداقية المنتظم الدولي، الذي لازال يناقش قضية الصحراء وفقا للمواثيق و القوانين الدولية، و لم يشر في أي من التوصيات التي أصدرها بخصوص هذا الموضوع بأن الصحراء محتلة من طرف المغرب، كما فعلت المحكمة الاروبية في مقدمة قرارها، علما بأن هذه الهيئة تصدر الاحكام بناءا على القوانين الدولية، و من غير اللائق الخوض في مواضيع سياسية هي اصلا من اختصاص الهيئة التشريعية و التنفيذية داخل الاتحاد الاروبي.

 

المحكمة الاروبية نصبت نفسها طرفا في النزاع، و تجاوزت حدود اختصاصاتها التي من المفروض ألّا تتجاوز البث في مدى قانونية الاتفاق، الى حكم في ملف مطروح على طاولة الامم المتحدة، بعدما أكدت و بصريح العبارة على أن المغرب يحتل الصحراء، و هو ما يمكن اعتباره حكما أحادي الجانب، صادر عن محكمة تلتزم باحترام القرارات الاممية.

 

قرار المحكمة غير منطقي و غير مقبول، و هذا شيء طبيعي لا يمكن أن نختلف حوله، لكنه في نفس الوقت يكشف على فشل ذريع للديبلوماسية المغربية، و عن ضعفها أمام توغل اللوبي الانفصالي المدعم من طرف الجزائر، و حتى و إن تحدث البعض عن شراء للذمم داخل المحكمة الاروبية فنحن نتساءل عن مآل الاموال الطائلة المخصصة لدعم ملف الصحراء داخل أروقة وزارة الخارجية و أجهزتها الموازية، و عن الخطة التي تتبناها الجهات المعنية من اجل ردع المحاولات الانفصالية للضرب في مصداقية الطرح المغربي.

 

من جهة أخرى، تعتبر ردة فعل الجهات المغربية غير مجدية، تعكس غياب الالمام بالملف لديها، خصوصا و أن تبريرات أخنوش و السفير المغربي لدى الاتحاد الاروبي، لم تكن في سياق الموضوع، و انحصرت في سرد التاريخ و ترديد الجمل التي أثبتت الايام أنها غير مجدية، فالامر هنا بتعلق بقرار محكمة يجب التعقيب عليه، و ليس ملتقى لسرد روابط مناطق النزاع بالمملكة المغربية.

 

غياب الاحترافية لدى الجهات المعلومة، و تواصل فشلها في هذا الملف، حال دون الاشارة الى أن قرار المحكمة يأخد طابعا سياسيا محضا، خصوصا و أن القضية المعروضة على من الواجب أن تبث في مدى قانونية الاتفاقية، بعيدا عن جوهر النزاع حول الصحراء الذي لازال قيد الدراسة من طرف الامم المتحدة التي تعتبر أكبر تراتبية من المحكمة الاروبية، و إذا انحازت هذه الهيئة لجبهة البوليساريو فان اتفاقيات أخرى ستلغى بناءا على نفس الحجج و البراهين.

 

إن ما تتطلبه الوطنية الحِقة، و الغيرة على قضية ملك محبوب و شعب عريق، هو مناقشة تفاصيل الملف الذي باتت البوليساريو في موقف قوة فيه، و المطالبة بفتح تحقيق في مآل الأموال التي صرفت على قضيتنا من الصناديق السوداء، على عدد من الاشخاص دون وجه حق، و اعادة مراجعة الاموال التي خصصت لجمعيات و منابر اعلامية لا يقرؤها سوى العاملين فيها، بدعوى الدود عن وحدة الوطن.

 

المنعطف الذي تمر منه القضية الوطنية اليوم، و نحن نتابع البوليساريو و هي تتوغل داخل الدول الصديقة قبل الخصوم، يقتضي اعادة النظر في سياسة الديبلوماسية المغربية برمتها، خصوصا فيما يتعلق بالصناديق السوداء، و الاموال التي تخصص لتنقلات بعض الاشخاص و المؤسسات داخل الوطن و خارجه، استطاعوا من خلالها أن يراكموا ثروات، فتحولوا من نكرات الى رجال أعمال و أصحاب مشاريع خارج ارض الوطن.

 

الدولة مطالبة اليوم، بتغليب الصالح العام على المكانة الاعتبارية لبعض الاشخاص، و وضع ملف الصحراء فوق طاولة مسؤولة، و بين أيدي شخصيات محنكة و تتمتع بالذكاء و المكر في المناورة، وضع الرجل المناسب في المكان المناسب يقتضي أن ينقل الفقيه لوزارة الاوقاف، و يحتفط بالديبلوماسي في وزارة الخارجية، أما أن يمسك رجل نيته حسنة يتق في أي كان ملفا شائكا من هذا الحجم، فإن ذلك لن يزيد الامر سوى تعقيدا و الله اعلم …. 

زر الذهاب إلى الأعلى