نادل المقهى، وضعية تثير أكثر من استفهام

 

المحررأيوب لبزار

 

مع ارتفاع نسبة الإقبال على المقاهي في السنوات الأخيرة لعدة أسباب، منها إدمان فئة معينة على احتساء أكواب البن بين الفينة و الأخرى، وكذلك إتخاذ فئة أخرى المقهى مكان للإجتماعات المهنية والدراسية و الترفيهية.. ومشاهدة مباريات كرة القدم…، أصبحت إحدى العناصر الرئيسية للمقهى تلفت إنتباه أغلب مرتادي هذه الأخيرة، لحرصهم على راحة الزبائن وتقديم خدمة في المستوى، رغم الألم الذي يعتصر قلوبهم، والظروف المزرية التي يشتغلون بها.

 

هم نادلوا المقاهي، إبتسامة عريضة، حيوية ونشاط، مظهر أنيق ونظيف.. كل هذا من أجل أجر زهيد يتراوح بين ثمان مائة درهم، وألفي درهم، ناهيك عن الحرمان من أبسط الحقوق القانونية كالتغطية الصحية و الضمان الإجتماعي، وعطل المناسبات الدينية و العائلية… كما يجدون أنفسهم خارج الخدمة عند تعرضهم لحادثة شغل. في حين نجد أن الوضعية النفسية للنادل لا تقل عن نظيرتها القانونية، لما يتلقاه من سوء المعاملة من طرف بعض الزبائن و أرباب العمل، وإذا ما حدثته نفسه بالثورة لكرامته أمر للتو بخلع بذلة الخدمة، والخروج من أوسع أو أضيق أبواب المقهى غير مأسوف على طرده شر الطرد.

 

ويعمل النادل لساعات طوال، يقوم بالكنس، التنظيف، ترتيب الكراسي والطاولات، في بعض الأحيان حتى غسل الأواني، و يطوف كذلك بطبقه ومنديله بين الزبناء، يبتسم لهم رغم أنفه مهما كانت ظروفه الشخصية، لا يحق له أن يظهر الحزن على محياه حتى و إن كان غارقا في الهموم، لأن الزبناء لا يجوز العبوس في وجوههم، وأن يقبل كل أنواع الكبر والدلع الصادر عنهم، بينما قد يطلب بعضهم منه ما يطلب من الخادم العبد.

 

ومقابل هذه العبودية المقيتة لا يصل أجر النادل الحد الأدنى للأجور، بل أجره لا يكاد يغطي ما يستهلكه في يومه من أكل و شرب، وقد يقول قائل أن النادل يغمز الزبناء كفه ببعض القطع النقدية كلما قدم لهم خدمة، الشيئ الذي يرفع من أجره، ونقول إن الأجر الزهيد والكرامة لا ترفعهما القطع النقدية، فكم من نادل يجمع بعض هذه النقود فيظطر لصرفها إذا ما استغفله بعض الزبناء وانصرفوا دون أداء ما عليهم، وفضلا عن هذا لا تعتبر الإكراميات منحة قارة، بل هي خاضعة لدرجة أريحية الزبناء وكرمهم.

 

فيا ترى متى سيتحرك ضمير المجتمع لإنصاف هذه الفئة البائسة المظلومة؟ ومتى سيصدر قانون للشغل يحفظ حقوقهم؟

زر الذهاب إلى الأعلى