موسم اشراكة بعين العودة  محطة سنوية لحفظ الذاكرة الجماعية والتراث اللامادي لمنطقة زعير

 

طارق القطيبي : عين العودة – المحرر 

 

اختتمت فعاليات موسم اشراكة الذي نظمه المجلس الجماعي لمدينة عين العودة ما بين 11 و18 غشت الجاري تخليدا لذكرى ثورة الملك والشعب واحتفاء بذكرى عيد الشباب المجيد، وقداتسمت نسخة هذا العام بحضور نوعي ووازن لهواة لعبة الفروسية التقليدية التي شدت اليها جمهورا عريضا،محطمة بذلك رقما قياسيا وطنيا من حيث عدد الخيول المشاركة الذين ناهزت  1800 فرس موزعة على أكثر من 120 سربة للفرسان،وذلك على الرغم من انتشار وتناسل عدة ملتقيات ومهرجانات متعلقة أساسا بفن التبوريدة. وعلاوة على عدم وجود وصلات اشهارية تلفزية مواكبة للاستعدادات ما قبل انطلاق فعاليات موسم اشراكة،فان ذلك لم يمنع تدفق الألاف من الزوار الذين بلغ سيلهم حدا لا يوصف اسوة بالسنوات السابقة باعتباره أكبر تجمع شعبي مصاقب للعاصمة الرباط.                                                                                                                                                                     بيد أن الزائر لموسم اشراكة في نسخة هذا العام لمح تنظيما محكما وانتشارا أمنيا واسعا،على كل السبل المؤدية لفضاءات الموسم ،وذلك عبر عناصر ووحدات لكل من الدرك الملكي والقوات المساعدة التي تم استنفارها  بأعداد هائلة لتعزيز حضورها الأمني وتيسير عمليات الولوج السلس للأفواج الغفيرة للزوار الذين زاد تدفقها خلال يوم الخميس الذي يمثل ذروة الموسم ،حيث تحولت معه مدينة عين العودة عبر كل مداخلها الى محج حقيقي لكل أشكال ووسائل النقل،والذي تزامن مع ليلة الاستعداد لطقوس الحضرة التي تقام مع نهاية الموسم خاصة مع فجر يوم الجمعة.
وقد راهن المنظمون خاصة المجلس الجماعي لعين العودة  الذي سخر كل امكاناته المتاحة لهندسة فضاءات الموسم بما يضمن توسيع مداخله. اضافة الى السلطة المحلية التي جندت كل طاقاتها وأعوانها لتذليل كل الصعوبات أمام ولوج الأكوام الغفيرة من الناس ووسائل النقل التي تنشط حركتها بطريقة ذؤوبة باتخاذ فضاء جديد للموسم على جانب الطريق المؤدي لمدينة الرماني،والذي ساهم الى حد بعيد في الترويج للمنتوج العقاري والتجاري لحي سيدي العربي باعتباره من الأحياء الجديدة التي رأت النور قبل سنوات.
و يروم موسم شراكة الذي ارتبط تاريخيا بشخصية العالم الصوفي سيدي بوعمر بن أحمد بن ابي القاسم المراكشي القسطلي الأندلسي المتوفي
 عام 974 هجرية 1566 ميلادية. الذي عاش ابان الدولة السعدية  وكانت له صولات وجولات في عدة مناطق مغربية حين ظهرت كرامات علمه و تهممه بأصول الدين على نهج الطريقة الجزولية ،الى أن وصل به المقام الى منطقة زعير التي آوته وعززت مقامه وحفته بعناية كبيرة باعتباره من أهل العلم والصلاح حيث أقامت له نهاية كل موسم فلاحي ذكرى  مقامه على أرض زعير، حيث غلب الطابع الديني والصوفي  على هذا الموسم خلال بداياته ،الا أنه مع توالي الأيام ونتيجة للتحول الثقافي والاجتماعي اتخذ  طابعا احتفاليا الذي أمسى عليه اليوم.
ويمثل موسم اشراكة الذي يقام كل عام خلال فصل الصيف، تجمعا شعبيا كبيرا لحفظ الذاكرة الجماعية لأحد مقومات الثقافة المغربية المتمثلة في الفروسية التقليدية و فن الحلقة،اضافة الى عدة طبوع وأهازيج ارتبطت بمنطقة زعير والمتمثلة أساسا في العيطة الزعرية التي لا تزال تشكل معادلة صعبة في أنواع العيوط بالمغرب.كما يساهم الموسم رغم طابعه الارتجالي في تنشيط الحركة الاقتصادية للمنطقة من خلال توفير رواج يتسع مداه ليشمل المدينة ككل.
وقد اقيم على هامش هذا الموسم الذي شد اليه جمهورا عريضا اسوة بالسنوات الماضية،اقامة حفل غداء رسمي أقامه المجلس الجماعي لعين العودة على شرف الشخصيات والفعاليات المدعوة،وهي عادة دأبت المجالس السابقة على اقامتها كسنة محمودة ارتبطت باصناف الكرم الذي ميز منطقة زعير عموما خاصة مع التطور الذي آلت اليه المدينة في ظل التحولات مما يجعلها محط جذب مستقبلي لكل أشكال الاستثمار والتنمية المستدامة الهادفة الى اشراك الجميع في دينامية التحول التي تعرفها المنطقة من خلال استفادتها من القرب الجغرافي للعاصمة، حيث كان من أهم صيوف الموسم لنسخة هذا العام والي جهة الرباط سلا القنيطرة و عامل الصخيرات تمارة و رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الرباط سلا القنيطرة و ممثلي كل من غرفة الفلاحة والصناعة التقليديةومندوبي القطاعات الحكومية و نواب العمالة بالبرلمان اضافة الى رؤساء و منتخبي الجماعات الترابية بعمالة الصخيرات تمارة و فعاليات من المجتمع المدني المحلي والاقليمي وأعيان المنطقة .

زر الذهاب إلى الأعلى