الجمعية المغربية لحقوق الانسان تعود لامساك القطة من ذيلها

محمد الوزاني المحرر

 

عادت حليمة الى ممارسة عاداتها القديمة من خلال نهج نفس الاساليب و الخدع الرامية الى الحفاظ على لقمة العيش المرتبطة بحقوق الانسان، في مشهد أصبح يتكرر بشكل مستمر، يتخلله اصطفاف مجموعة من الهيئات المنتمية قصرا للجسم الحقوقي، الى جانب الفلاحين الذين يدعون الله هطول الامطار، بينما يتمنى هؤلاء استمرار المظاهرات و المواجهات مع رجال الامن، و كل حدث يعتبر شذوذا بالنسبة للمغاربة قد يساهم في اطالة حياتهم الحقوقية.

 

و من خلال الواقع الملموس، فان بعض الهيئات الحقوقية في المغرب، أصبحت تعيش من الازمات و الركوب على أمواج الحراك هنا و هناك، أكثر من ممارسة مهامها الكونية، التي من المفروض أن تساهم تقدم مجال حقوق الانسان، و حفظ كرامة المواطن، ما يضعنا أمام دكاكين مهددة بالاغلاق، اذا ما انتهت الاحتجاجات في بلادنا، و لهذا تجدها تسير عكس التيار محاولة تأجيج الاوضاع، و رسم صورة قاتمة للحقوق في المغرب، لعلها تتلقى نظير ذلك دعما تنهبه أو مساعدات تتلاعب فيها.

 

و لعل تقرير الجمعية المغربية لحقوق الانسان، الذي تمحور حول المسيرة الممنوعة يوم 20 يوليوز، لأكبر دليل على أن هذه الجمعية، تحاول ما استطاعت امساك القطة من ذيلها، لعلها تطيل أمد الاحتجاجات في الريف، التي لا يمكن اعتبارها الا نقمة على الساكنة و المنطقة، فيما يعتبرها رفاق الهايج سوقا لاستثمار التقارير المغلوطة، و ممارسة فن صرف النشاط الحقوقي لعملات صعبة يتم تحويلها من بلدان لطالما أخلصت الجمعية في خدمة أجنداتها.

 

ما معنى أن تصدر الجمعية المغربية لحقوق الانسان، تقريرا حول الوقفة المذكورة، أشد لهجة من تصريحات المتظاهرين و حتى من اتهامات النشطاء في الريف، اذا لم تكن هذه الهيئة تسعى الى الركوب على الاحداث كما سبق و أن فعلت في أكثر من مناسبة، و محاولتها صب الزيت على النار حتى لا تخمد نار الفتنة، فينطفئ معها نور الدعم الذي تتلقاه من الجهات المعلومة، و نحن نعلم أن اعضاء هذه الجمعية لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء الالتحاق بركب المتظاهرين، و معاينة الواقع حتى يجدوا ما يكتبونه عوض العودة الى التقارير السابقة و اعادة صياغتها.

 

و اذا كان هناك جهات تسعى الى اطالة أمد الحراك في الريف عبر عرقلة مجهودات الدولة الرامية الى احتوائه، مقابل أموال الحشيش التي تحول من هولاندا الى الحسيمة، فان الجمعية المغربية لحقوق الانسان، قد وجدت بدورها ضالتها في هذا الحراك، و قررت الدخول على خطه من أجل الضرب في سمعة المملكة المغربية، و ممارسة المهام التي تمكنها من البقاء على قيد الحياة، حتى تقتات من فضلات الدول المعادية لبلادنا، في مشهد ينم عن حقيقة قيادتها التي تتوارث الخبث فيما بينها، و تتحالف ضد وطن لحم أكتافها من خيره.

 

الجمعية و من خلال تقريرها، أكدت على أن القوات العمومية قد استعملت القنابل المسيلة للدموع في مواجهاتها مع المحتجين، ما تسبب في وفاة المرحوم عماد لعتابي، و هي التهمة التي يمكن اعتبارها دليلا على كذبها و اشاعاتها التي لا تنتهي، خصوصا و أن لعتابي رحمه الله توفي في المستشفى العسكري بالرباط، بعدما قضى فيه عدة أياما، و هي القضية التي لاتزال موضوع التحقيق تحت اشراف النيابة العامة بالحسيمة، و من أدبيات العمل الحقوقي احترام اختصاصات القضاء و سرية التحقيقات التي لم تنتهي بعد، أما القنابل المسيلة للدموع، فقد استعملت لتفريق المتظاهرين الذين هاجموا القوات العمومية بشكل هستيري، تماما كما هو الحال بالنسبة لعدد من الدول العظمى التي تتكرر فيها مثل هذه المشاهد.

 

هذا المكون الحقوقي الذي لا يكل ولا يمل من مهاجمة الدولة و مؤسساتها، هاجم عبر تقريره المؤسسة الامنية بدعوى ايقافها ل300 شخص، و تجاهل أزيد من تسعين شرطي الذين اصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة، لا لشيء سوى لأنهم كانوا بصدد أداء واجبهم المهني، و الذي يتمثل أيضا في اعتقال الاشخاص بأوامر من النيابة العامة، و لهذا فان ما يجب أن يعلمه المواطن المتتبع للشأن الوطني، هو أن الاعتقالات التي تمت على هامش المسيرة الممنوعة يوم 20 يوليوز، كانت بأوامر من النيابة العامة، بما يخول لها القانون من اختصاصات للتحقيق في القضايا الاجرامية.

 

الجمعية المغربية لحقوق الانسان، أصرت على أن تضرب في مصداقية القضاء، و أكدت على أن اعتقال الصحفي حميد مهداوي، له خلفيات سياسية، و ذلك في تناقض تام مع بلاغ الوكيل العام للملك، الذي اكد على أن هذا الاعتقال، هو نتاج لاقدام المهداوي على تحريض المواطنين على الخروج الى الشارع في مسيرة منعتها السلطات، الشيء الذي يعتبر خرقا للقانون، و يؤدي الى المتابعة بالقانون الجنائي، غير أن المضحك في تقرير الجمعية، هو اتهامها للامن باستعمال سيارات الاسعاف من اجل اعتقال المتظاهرين، الشيء الذي يعتبر مجرد التفكير فيه شيئا مستحيلا، خصوصا و أن هذا الامر لم يسبق أن سجل في تاريخ المغرب منذ قرون، بل و أن القوات العمومية لم تقم به حتى خلال تفكيك مخيم اكديم ايزيك الذي يعتبر أكثر خطورة من مظاهرات الحسيمة.

 

من جهة اخرى، اصرت الجمعية على اقحام الجسم الصحفي في تقريرها، متهمة السلطات بالتضييق على الصحفيين، و هي التهمة التي تبثت في حق المتظاهرين الذين عنفوا طاقم القناة الثانية، و لم تتبث على رجال الامن، و الدليل هو أن الحراك في الريف شهد زيارات ميدانية لعشرات الصحافيين المغاربة و الاجانب، نقلوا الاحداث عبر منابر دون أن يشيروا الى تعرضهم للتضييق، بل أن من بين المنابر الاعلامية التي كانت حاضرة في الحراك، من يعادي الوطن، و من الف مهاجمة الدولة، أمام اذا كانت الجمعية تعتزم اعطاء لقب “صحفي” لكل شخص أسس صفحة على الفايسبوك، فان ذلك شيئا اخر.

 

و أن تهاجم الجمعية المصالح الامنية، بسبب اقامتها لسدود على مداخل المدن، فان ذلك ليس له اي معنى، خصوصا و أن الجميع يعلم، بأن اقامة هذه الاجراءات الامنية على مشارف المداشر التي تعرف نوعا من التوتر، يساهم في حماية المواطن قبل اي شيء، حيث يؤدي الى اعتقال كل شخص يحاول استغلال المظاهرات من أجل ممارسة الفوضى او السرقة، و يحول دون أن يتمكن الاشخاص أصحاب النيات السيئة من التسلل الى قلب الحراك، و هو نفس الشيء الذي اتسبب في احداث مصر الدامية ابان الربيع العربي، عندما فشل الامن في منع المتطفلين من الوصول الى الساحات، فاختلطت انواع البلطجية كل حسب الجهات التي تموله ثم تطورت الاوضاع الى مجزرة فشل الامن في مجابهتها.

 

المتظاهرون وحدهم يتحملون ما وقع في المسيرة الممنوعة يوم 20 يوليوز، لأنهم تحدوا قرار السلطات و خرجوا للتظاهر رغم المنع الذي يخوله الدستور للوزارة الوصية اذا لم تتوفر الشروط الضرورية في أية مظاهرة يعتزم المواطنون تنظيمها، و هنا نتساءل عن الاسباب التي حالت دون ان تشير الجمعية الى الخرق السافر للقانون من طرف المتظاهرين الذين أصروا على تنظيم المظاهرة، بدل تحميل قوات الامن لمسؤولية خرق حقوق الانسان، التي لم يتم اثباتها بشكل واضح و صريح، في ظل تعرض القوات العمومية للهجوم بالحجارة و للتعنيف اللفظي من قبل بعض المنحرفين، ما أرغمها على الرد في اطار القوة الموازية، لردع بعض الاشخاص الذين تمادوا في رميها بالزجاجات الحارقة كما تضمنت ذلك العديد من الاشرطة التي توثق لكل ما سبق ذكره.

 

هل تريد الجمكعية المغربية لحقوق الانسان، أن تعم الفوضى و اللاأمن منطقة ريف؟؟ سؤال نطرحه بعدما وصف تقريرها المراقبة التي فرضتها السلطات على الوافدين على اقليم الحسيمة، بالانتهاك للحياة الخاصة، و هو الشيء الذي لا يمكن أن يتقبله غقل، في ظل نهج هذه السياسة الامنية من قبل جميع دول العالم، بمن فيها الدول التي تمول الجمعية و جنيساتها في العمل الحقوقي، و ذلك من اجل الحفاظ على أمن و استقرار المواطن قبل اي شيء، و منع أي جهة تريد به سوءا من الوصول اليه.

 

تقرير الجمعية الذي يعتبر مشبوها و غير بريء، يعكس نيتها الرامية الى الضرب في مصداقية الدولة المغربية، و عرقلة مجهوداتها في تحقيق مزيد من المكاسب الحقوقية، بالاضافة الى وضع غطاء على المكاسب التي تحققت لصالح المجال الحقوقي في بلادنا منذ العهد الجديد، و لعل جميع المهتمين بهذه الجمعية يعلمون أن عددا من قيادات النهج الديموقراطي التي تسيطر على هياكل الجمعية، تواصل العمل الهدام باستخدامها، و تصر على أن تقف حجرة في طريق المغرب نحو التقدم، و هو الشيء الذي بات يعلمه الصغير قبل الكبير في بلادنا، و الدليل على ذلك، هو التهميش الذي لقيته الجمعية من طرف قادة الحراك في الريف، بعدما تم لفظها من الاجتماعات السرية، فعادت لتسقط فوق رؤوسهم بالمظلة.

زر الذهاب إلى الأعلى