المعارضة الجزائرية: ما وقع لتبون هو انقلاب أبيض

المحرر- متابعة

لم تهضم أحزاب سياسية خاصة المعارضة إعلان الرئاسة الجزائري عن إقالة  عبد المجيد تبون وتعيين رئيس الديوان الرئاسي أحمد أويحيى, خلفا له بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر من تعيينه على رأس الحكومة التي أفرزتها الانتخابات النيابية التي جرت بتاريخ 4 مايو الماضي, ويكون بذلك تبون قد دخل كتاب “غينيس” للأرقام القياسية باعتباره أقصر رؤساء الوزراء حكما في الجزائر.

واعتبرت حركة مجتمع السلم, أكبر الأحزاب الإخوانية في البلاد, في بيان ورد ” العرب اليوم” أن تنحية عبد المجيد تبون بعد فترة وجيزة من تعيينه ومصادقة البرلمان على برنامجه, دليل على تخبط النظام السياسي وفقدانه للتوازن وسقوطه في ممارسات مؤسفة، تدل على حالة التحلل التي رصدها كثير من الخبراء وحذرت منها التشكيلة السياسية. وقالت الحركة, إن هذا التغيير الحكومي هو انقلاب أبيض على رئيس الحكومة السابق وعلى برنامجه الذي نص على فصل السياسة عن المال والذي صادق عليه نواب الأغلبية التي منها رئيس الحكومة الجديد, مشيرة إلى أن هذا التغيير السريع يؤكد سطوة رجال المال وتأثيرهم على القرار السيادي للدولة الجزائرية.

وبيَّنت الحركة إن تنحية عبد المجيد تبون لها علاقة بتأثير خارجي للتأثير على القرار السيادي للدولة الجزائر. وأوضح القيادي البارز في حركة النهضة الجزائرية, محمد حديبي, في تصريحات لـ”العرب اليوم” أن قرار تنحية عبد المجيد تبون وتعيين أحمد أويحي خلفا له, يحمل في طياته دلالات كبيرة أبرزها إزاحة أحمد أويحي من سباق الرئاسيات المزمع تنظيمها ربيع 2019 عبر عظم الحكومة الجزائرية, قائلا إنه ” سيتورط في تسيير الأزمة التي تمر بها الجزائر جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية, ومنصب الرئيس ستطلب شخصية نقية ولها علاقة جيدة  مع الجميع وليست منبوذة في الساحة السياسية.

وأعلن رئيس الكتلة البرلمانية لـ”مجتمع السلم” في البرلمان الجزائري, ناصر حمدادوش, في تصريحات لـ”العرب اليوم” أن تعيين أويحي رئيس وزراء خلفا لتبون ما هو إلا مظهرٌ من مظاهر الأزمة التي تعاني منها البلاد, وتساءل المتحدث قائلا “ما هي معايير التعيين والتنحية في مثل هذه المناصب العليا؟ وهل أثبت “تبون” نجاحه أم فشله حتى يتم هذا التغيير؟ الذي لم يخضع لأيِّ معيارٍ سياسي أو انتخابي أو حتى مهني؟ على اعتبار أن “أويحي” ورقة مستهلكة أثبتت فشلها في هذا المنصب وفي غيره في زمن البحبوحة المالية، فكيف يكون نجاحه في زمن الأزمة المالية؟ “.

واعتبر ناصر حمدادوش قرار تنحية عبد المجيد تبون تدوير للمناصب وليس تداولا عليها، بعيدا عن النتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية التي جرت بتاريخ 4 مايو الماضي ومعايير الحكم الراشد مثل: الشفافية والمحاسبة والمراقبة, قائلا إن هذا التعيين هو مظهر لصراع الأجنحة, على وقع الرئاسيات المقبلة وخلافة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, والنفس الفرنسي واضح فيه, مشيرا إلى أن عبد المجيد تبون يدفع اليوم ثمن إرادته في محاربة الفساد ومواجهة تغول رجال المال السياسي في البلاد.

وأكد القيادي البارز في مجتمع السلم, إن ما يحدث هو تأكيد لما سبق وأن حذرت منه مجتمع السلم من اختطاف القرار السياسي والسيادي للبلاد، وهو نتيجةٌ طبيعة لغياب الرئيس والسطو على صلاحياته والحكم باسمه، وتغوّل رجال المال والأعمال على المؤسسات الرسمية للبلاد, لا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل تعيين أحمد أويحي هو بمثابة رسالة سلبية اتجاه الشعب الجزائري والرأي العام, وخاصة في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية وكأن البلاد عجزت عن إنجاب الكفاءات والإطارات النزيهة، ولم يجد “الحاكم الفعلي” إلا الخزانة القديمة.

وقال البرلماني والقيادي في الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء, سليمان شنين, في تصريحات صحافية, إن الاستغناء عن خدمات رئيس الوزراء الجزائري في أقل من ثلاثة أشهر مؤشر على عدم الاستقرار السياسي الذي يعتبر المكسب الوحيد الذي حافظت عليه الجزائر في كل مراحلها السابقة مما يفرض على صاحب التعيين (الرئيس) أن يفسر للجزائريين أسباب اتخاذ مثل هكذا قرار.

وبخصوص أسباب الاستقالة, قال شنين إن الرئيس الجزائري هو الوحيد من يملك بيده مبررات الإقالة ومن حق الرأي العام معرفة خلفيات الإقالة وكل التأويلات الموجود يمكن ان تكون صحيحة كما يمكن ان تكون، ليبقى قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إستراتيجي يحتاج إلى شرح ورفع اللبس. واعتبر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية, أقدم حزب معارض في البلاد, إن قرار إنهاء رئيس الجمهورية لمهام رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون وإستبداله بـ “أحمد اويحي” دليل على حالة الفوضى التي تتخبط فيها السلطة، مؤكدا بأن تسيير الدولة اليوم لم يعد قائما على برنامج واضح وإنما على قرارات آنية تتغير من يوم إلى يوم.

ويرى أيضا أن تنحيته دليل على انعدام إرادة الإصلاح ومحاربة الفساد في الجزائر، موضحا بأنه حتى وإن كان ما جاء به عبد المجيد تبون في شكل تصفية حسابات فهو لم يكن قادرا على تحقيق كل ما قاله. وترى التشكيلة السياسية إن استقدام أحمد أويحي تعتبر مرة أخرى دليل على غياب نية الإصلاح، بخاصة وأن الرجل يلقب لدى الرأي العام والشعب الجزائري بـ”رجل المهمات القذرة”.

وفجر قرار إعلان رئاسة الجمهورية الجزائرية, عن إقالة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون, مواقع التواصل الاجتماعي, وحصل شبه إجماع على أن الاستنجاد  بخدمات أويحي كرئيس للوزراء يكرس أزمة مؤسساتية عميقة ضربت البلاد. وفاجأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الرأي العام، الثلاثاء ، بتنحيته رئيس وزرائه عبد المجيد تبون، الذي خاض حربا ضروسا في دوائر صنع القرار وتكتل رجال الأعمال الذين سيطروا على مفاصل الدولة، بعد80 يوما فقط من تعيين الحكومة في 24 مايو الماضي. ولم يذكر بيان الرئاسة الجزائرية أي مبررات لتخلي عبد العزيز بوتفليقة عن رئيس وزرائه عبد المجيد تبون، كما لم يكشف عن أسباب الاستعانة بخدمات مدير الديوان الرئاسي أحمد أويحيى رئيسا للحكومة الجديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى