انفصاليي الداخل قاضيين غراض فبومرداس

المحرر- متابعة

حجّ وفد جديد من “انفصاليي الداخل” يتكوّن من أكثر من 50 شخصا، من الأقاليم الصحراوية للمغرب إلى مدينة بومرداس الجزائرية، لحضور أشغال الدورة الثامنة من الجامعة الصيفية التي تنظمها كل من الجزائر والبوليساريو.

اللقاء الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى مدرسة لتعبئة وتكوين أفواج من النشطاء الانفصاليين من مدن الصحراء، يواصل وظيفته هذه السنة في الملتقى الذي انطلق نهاية الأسبوع الماضي، ويستمر إلى غاية 23 غشت الجاري.

كل من السلطات الجزائرية وقيادة جبهة البوليساريو، خصّتا الوفد القادم من المغرب، والذي ينتقل في العادة جوا نحو العاصمة الجزائرية، ومنها إلى مدينة بومرداس، باعتبار هذه المشاركة تجسيدا لامتداد الفكر الانفصالي إلى داخل المناطق الجنوبية من المغرب.

قيادة البوليساريو سارعت في افتتاح هذه الجامعة، إلى توظيف ورقة الاحتجاجات التي تعرفها منطقة الريف في المغرب، للضغط عليه ومطالبته بالتنازل عن الصحراء لمواجهة “مشاكله الداخلية”.

الخبير المغربي الموساوي العجلاوي، قال لـ”أخبار اليوم” إن الجامعة الصيفية لبومرداس عزّزت في السنوات الخمس الأخيرة دورها المتمثل في ربط الاتصال بين الداخل المغربي ومؤسسات البوليساريو والمخابرات الجزائرية، “والأهم فيها هو التعبئة والتوجيه والتمويل.

هذه الجامعة هي ورقة ضغط جزائرية ضد المغرب لأن تمويلها جزائري وطبيعة الحضور المشارك فيها والمحاضرات والشخصيات التي تأتي كلها تهدف إلى التعبئة ضد المغرب”.

العجلاوي أضاف أن المحاضرات التي تُلقى في هذه الجامعة، تتعلق باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي وتأطير الجماهير في الصحراء والدعاية والتواصل، “باختصار وظيفتها تكوين خلايا منتشرة في الصحراء ويتحدثون عن “شعبنا في جنوب المغرب” ويقصدون مناطق طرفاية وكلميم وطانطان… لأن البوليساريو تلعب الآن ورقة العناصر المنحدرة من المناطق خارج الصراع، وهذا يرتبط بالتوازنات القبلية الداخلية للبوليساريو”.

الجامعة هي عبارة عن أنشطة “فكرية” وندوات يشارك فيها نحو 500 من شباب جبهة البوليساريو، ويتناوب على منصّتها قياديون من الجبهة وأساتذة جزائريون، يعملون على تجديد التعبئة لفكرة الانفصال والتحريض ضد المغرب.

الجامعة كانت في سنوات سابقة واحدة من مصادر التخطيط لنقل المعارك السياسية ضد المملكة إلى قلب المدن الصحراوية، عبر إنشاء خلايا محلية مرتبطة بالبوليساريو وافتعال مواجهات مع قوات الأمن والسلطات المحلية، يجري تصويرها عبر قنوات سمعية وبصرية تابعة للآلة الدعائية المعادية للمغرب.

فيما تحوّلت الجامعة في الفترة الأخيرة إلى مناسبة لفتح جبهات المواجهة الجديدة، من قبيل معركة الثروات المحلية لأقاليم الصحراء، ومراقبة حقوق الإنسان…

رئيس ما تسميه البوليساريو بالبرلمان، خطري ولد أدوه، يعتبر المسؤول الأول عن الجامعة الصيفية، والذي أعلن منذ افتتاحها يوم الخميس الماضي، أن الأمر يتعلّق بحدث يعكس قوة الروابط “الجزائرية الصحراوية”.

وفيما يتولى المعهد الوطني الجزائري للبترول احتضان أشغال هذه الدورة، يجلس أعضاء الوفد الممثل لانفصاليي الداخل جنبا إلى جنب مع قيادات عسكرية من الميليشيا المسلحة التابعة للبوليساريو.

وفي الوقت الذي كانت السلطات المغربية في التجارب الأولى لهذه الجامعة، تقوم باعتقال المشاركين الذين يعودون إلى المغرب وتوجه إليهم تهما من قبيل التخابر مع جهات خارجية والخيانة؛ أصبحت هذه الممارسة تستفيد من تسامح شبه دائم، حيث يشارك الوفد المنحدر من الأقاليم الجنوبية ثم يعود دون إثارة رد فعل من جانب السلطات.

“الوزير الأول” للجبهة الانفصالية، عبدالقادر عمر، أعقب خطري ولد الدوه في إلقاء الكلمات التوجيهية لأشغال هذه الدورة من الجامعة الصيفية. القيادي السياسي في صفوف الجبهة، لم يتردّد في توظيف الأحداث التي تعرفها منطقة الريف شمال المغرب، لخدمة الأجندة الانفصالية في الصحراء.

وذهب عبدالقادر عمر، إلى أن من مصلحة المغرب حلّ مشكلة الصحراء، بما يطابق وجهة النظر الانفصالية، لكي يواجه “المشاكل الداخلية” التي قال إن المملكة تواجهها، متحدثا عن “ثورة الريف” وعن الصعوبات الاقتصادية، ومدرجا ضمن هذه المشاكل، استقالة الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري. وذهب عبدالقادر عمر إلى أن “المغرب مطالب بحل مشكلة الصحراء لأن استقراره بات يرتبط بذلك”.

الموساوي العجلاوي قال لـ”أخبار اليوم” إن هناك بحثا مستمرا عن عناصر انفصالية جديدة عبر هذه الجامعة، “لكن الإشكال الكبير لهذه الجامعة يرتبط بوجود عناصر تعلن انفصالها عن الدولة والمجتمع المغربيين، دون أن تواجهها أية عراقيل أو مضايقة، وهذا هو الجانب الإيجابي فيها لكون المغرب يقول إنه دولة ديمقراطية، وإن من يقول بالوحدة هو الأغلبية والذين يذهبون إلى الجامعة يمثلون الأقلية الانفصالية”.

العجلاوي عاد ليقول إن سؤال يطرحه هذا النهج حول مدى استيعاب النظام السياسي المغربي للاحتجاجات الجهوية “وخاصة ما يحدث في الريف حاليا، حيث يعلن النشطاء الاجتماعيون أنهم غير انفصاليين، لكنهم يرون كيف أن من يعلنون انفصالهم يسمح لهم بالدخول بكل حرية، والخروج بينما الاحتجاجات السلمية تواجه بقوة”.

قال العجلاوي إنه يرتبط بمركزية الدولة المغربية ورؤيتها نحو جهوية قوية، “فعوض خروج السكان للاحتجاج ضد الدولة، لماذا لا تكون هناك مؤسسات جهوية؟ جامعة بومرداس تطرح سؤالا كبيرا حول تطور النظام السياسي المغربي لاستيعاب جميع الآراء”.

زر الذهاب إلى الأعلى