مبعوث ملكي هو الحل

إلى حدود الساعة لم تأتي الأصوات الاحتجاجية التي ملئت شوارع المملكة بجديد يذكر، اللهم تعريتها للواقع الذي لن ينكره أحد ، فالمغرب ومنذ بزوغ ما يسمى بالربيع العربي في عدد من البلدان المجاورة عرف مظاهرات واحتجاجات تدعو في مجملها إلى إصلاحات على جميع المستويات .

 

يمكن للأسطر السالفة أن تقودنا لطرح السؤال التالي: ألا يمكن أن تبادر الدولة إلى الإقدام بخطوات إصلاحية مهمة وبمحاربة الفساد والمفسدين، إلا إذا خرج الناس إلى الاحتجاج في الشارع؟؟؟ لقد حاولت في احدى تدويناتي الفايسبوكية السابقة أن أجيب عن هذا السؤال أو على الأقل أن أتفاعل معه، من خلال التأكيد على أن سياسية رد الفعل التي تنهجها الدولة مع الاحتجاجات قد تؤدي إلى نتائج عكسية بحيث يصبح الأمن والاستقرار في خبر كان.

 

طبعا ، لن أضرب عرض الحائط المشاريع التي تنجز والمجهودات التي تبدل هنا وهناك ، لكنني أجزم وأقول بأن تنامي الحركات الاحتجاجية بالمغرب لمؤشر واضح على أن العجلة لا تدور بالشكل المطلوب وعلى أن المملكة تواجه تحديات كبيرة تصدر بشكل أساس من رموز الفساد التي تمتلئ بها الإدارة العمومية.

 

تفيد الأصوات المرتفعة في التجمهرات والوقفات والمسيرات الاحتجاجية ، المنادية باسم الملك والمؤكدة على التشبث بشعار المملكة “الله الوطن الملك” على أن المواطنين المحتجين لا يرون في ملك البلاد مصدرا ولا سببا في عدم تلبية مطالبهم ، بل إن مشكلتهم تكمن مع منتخبي المجالس وموظفي الإدارات المفروض أن تخدمهم، وهو ما جعل خيط الثقة ينقطع حتى في تلك الحالات التي يفتح فيها باب الحوار مع المحتجين من طرف ممثليهم بالإدارة . ولعل أبرز مثال على ذلك هو رفض قادة حراك الريف الجلوس إلى طاولت الحوار مع اللجان الوزارية التي زارت المنطقة ، مشترطين لجنة ملكية من أجل التفاوض .

 

في إحدى الاستطلاعات التي أنجزها موقع فبراير كوم، قال فاعل جمعوي بمدينة الحسيمة ويدعى أحمد المستاوي، أن “مشروع الحسيمة منارة المتوسط “الذي أطلقه الملك منذ سنيتن بقي الجزء الأكبر منه حبرا على ورق، خصوصا ما يتعلق بالأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا أن المشاريع التي أنجزت، على قلتها، تعاني من شلل كبير على مستوى تلبية حاجيات الساكنة.

 

الإختلالات التي عرفها المشروع الضخم الذي شهد الملك مراسيم التوقيع عليه في الـ17 من أكتوبر 2015 من طرف 11 وزيرا و كاتبين عامين من حكومة بنكيران ، بالإضافة إلى رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة والمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر ووالي جهة طنجة ورئيس مجلس الجهة ، فضلا عن مدير المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ومدير مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ، والمدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال ، ورئيس المجلس الإقليمي، (الاختلالات التي عرفها المشروع) جعلت الجالس على العرش، يحدث لجنة لتحديد المسؤوليات.

 

في واحة كلميمة ، لا يختلف الوضع كثيرا ، فالمنطقة تعرف منذ ما يقارب الثلاث سنوات أشغال تهم بالأساس تهيئة الشارع الرئيسي واستبدال مصابيح الكهرباء بمصابيح اقتصادية فضلا عن تهيئة خمس مدارات ، لكن الساكنة سئمت من التأخر والبطء الذي تعرفه الأشغال ، كون دفتر التحملات حدد للشركتين المكلفتين بالإنجاز مدة 27 شهرا . البعض يفسر التأخر بالموقع الجغرافي للمنطقة وبكونها تعد الطريق الوحيد الذي تمر منه الشاحنات والمعدات اللوجيستيكية المتوجهة إلى مدينة ورززات حيث محطة نور للطاقة الشمسية. لكن وبغض النظر عن صحة هذا السبب أو خطأه فمن الواجب على الشركتين المكلفتين بتأهيل المدينة الالتزام بدفتر التحملات التي يربطها بالجماعة .

أمام غياب لأي تأكيد أو نفي لهذا المعطى من طرف مسؤولي الجماعة ، ومع ابتعاد هذه الأخيرة عن الرقابة والمحاسبة والمسائلة، يُفتح المجال للتلاعبات والخروقات ويبقى طبعا المتضرر الأول والأخير من المهزلة بأكملها هو المواطن البسيط .

لكل هذا وزيادة، ومع تخلي أغلب اللجان و المؤسسات ذات الطابع الرقابي على أدوارها، وكذا تجاهل مجهوداتها ، نرى أن تشكيل لجان ملكية يعين على رأسها الملك مبعوثين له إلى كل منطقة تناط بهم مهمة المراقبة و تتبع سير المشاريع المنجزة فيها ، من شأنه أن يشدد الخناق على المفسدين ، بحيث يكون المبعوث الملكي أمام محاسبة مباشرة من خلال إعداد تقارير للمشاريع المنجزة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى